قضايا وآراء

مغامرات ابن سلمان

حمزة زوبع
1300x600
1300x600

يغامر ابن سلمان وينزلق بمحض إرادته أو رغما عنه إلى الهاوية حين يظن أن اعترافه بالكيان الصهيوني وبحقه التاريخي أو الديني في هذه الأرض المباركة سيحقق له الوصول الآمن لسدة الحكم ولا يدري أنه بمغامرته تلك إنما يفتح الطريق على مصراعيه أمام الصهاينة لكي يطالبوا بالعودة إلى مكة والمدينة أو المطالبة بتعويضات هائلة لإخراجهم من بلاد الحرمين. كما أن مساعيه هذه قد تكون على حساب وحدة أراضي المملكة وسلامة النسيج الاجتماعي فيها . 


يغامر ابن سلمان وما أكثر مغامراته حين يفتح المملكة على مصراعيها لمستثمرين من بني صهيون لكي يقيموا مشاريع ترفيهية وأخرى -لا نعلمها- بطول البلاد وعرضها وذلك على حساب منظومة الدين والقيم والتاريخ والإرث الإسلامي العريق في المنطقة بأسرها. ولا أدري إن كان ابن سلمان يعلم أو لا يعلم بمكر الصهاينة ولؤمهم وكيف أن بمقدورهم استنزاف وابتزاز المملكة وثرواتها بمجرد نفاذهم إليها . 


يغامر ابن سلمان وما أسوأ مغامراته حين يجعل من الإخوان المسلمين العدو الأول له ، ويجعل من تجريمهم والحرب عليهم هدفه الأول والرئيس، فراح ينذر ويحذر العالم بأنهم يسعون إلى إقامة خلافة إسلامية، وتارة يحذر أوروبا من سعيهم لإقامة أوربا الإسلامية، وتارة يتهمهم بأنه قتلوا أو ساهموا في قتل عمه الملك فيصل عليه رحمة الله .


يغامر ابن سلمان مغامرته ضد الإخوان كما غامر عمه الملك عبد الله من قبل ورصد عشرين مليار دولار أمريكي كحزمة أولى من أجل تجنيد عبد الفتاح السيسي للقيام بانقلاب ضد أول رئيس مصري وربما عربي منتخب مباشرة من شعبه وعبر انتخابات شهد الجميع بنزاهتها . 


يغامر ابن سلمان وهو يقرر عزل دولة مستقلة بإنشاء قناة أو ممر مائي يجعل من الحدود بين السعودية وقطر حدودا بحرية لتكون مانعا إضافة إلى الموانع الحالية في البر والجو  ناهيك عن المانع النفسي والاجتماعي الأشد قسوة وألما شاق على الجميع، والجميع هنا ليس أهلنا في قطر والسعودية بل جميع العرب والمسلمين الذين شعورا ولا يزالون يشعرون بقسوة وغلظة الجار العربي المسلم . 


يغامر ابن سلمان وهو يعد العدة مع الجنرال المنقلب على رئيسه عبد الفتاح السيسي من أجل إعادة تأهيل جزار سوريا بشار الأسد و إعادته إلى حظيرة الجامعة العربية متجاهلا الغضب العربي والإنساني العارم جراء المجازر التي قام بها بشار وآخرها بالأمس إلقاء الكيماوي على أطفال (دوما) والتي لم يندد بها حتى تاريخه أمين جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي ترك المجازر وتفرغ لإدانة الإسلام السياسي ووصفه بأنه الأخطر ربما من الكيماوي والنووي والذري . 


يغامر ابن سلمان ويقامر حين يستجدي الرئيس الأمريكي من أجل البقاء في سوريا وربما تعهد بدفع رسوم إقامة القوات الأمريكية هناك بحجة أنها ستردع النظام الإيراني أو تقلل من مخاطره ولكن بعض المراقبين يرى أن ابن سلمان يرغب ببقاء القوات الأمريكية ليست لهذا الغرض وحده بل ربما لضمان استمرار دعم الأكراد السوريين استعدادا لمواجهة مقبلة مع تركيا التي يعتقد أنها الهدف التالي لابن سلمان وليست إيران ... هذه مغامرة كبيرة ومقامرة ربما لا يستطيع بن سلمان تحمل كلفتها لعقود . 


يغامر ابن سلمان وهو يذهب إلى بيت آل بوش ليستقبله بوش الأب الذي حاصر العراق بعد غزو صدام للكويت في 1990 وبوش الابن الذي غزا العراق ودمره في 2003 وتركه نهبا للفوضى وملك يمين لإيران بعد أن قامت قوات بوش بمجازر هائلة كان غالبية ضحاياها من السنة العراقيين، غامر بن سلمان بزيارة آل بوش في تحد غريب لمشاعر السنة العراقيين والسنة عموما وكأنما يعلن أنه مع السياسة الأمريكية غزوا كانت أم بلطجة وابتزاز سياسي.


يغامر ابن سلمان حين يحاول ولا يزال اختطاف ملف القضية الفلسطينية من اللاعبين الرئيسيين والذين لديهم مصداقية عالية لدى الشعب الفلسطيني وبقية شعوب المنطقة وعلى رأسهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تارة بالتهديد وتارة بالترغيب، ناهيك عن الأردن وقطر وتركيا وكلها دول لها دور مشهود في دعم القضية بأسرها ودعم قضية بيت المقدس في الوقت الذي أبدى فيه ابن سلمان السيسي وابن زايد انبطاحا غير مسبوق مع أول إشارة من الصهاينة بالتخلي عن القضية مقابل الحصول على دعمه في الوصول إلى الحكم . 


ويغامر ابن سلمان وهو يناور مناورة سياسية مفضوحة مع الأردن، حين حاول تقزيم دوره في الملف الفلسطيني، وبلغ النكاية حدا غريبا حين أغرى ابن سلمان رئيس منظمة التحرير محمود عباس أن يفرط في علاقته بالأردن وبحماس مقابل دعم مالي كبير ويغامر أكثر باللعب في الملف الداخلي للأردن، هذه مغامرة مجنونة .


وأخيرا يغامر ابن سلمان حين يقصي الإسلاميين والمواطنين المحافظين لصالح موجة عاتية من الانفتاح ستؤدي بكل مقومات المجتمع السعودي القائم على عادات وتقاليد يصعب عليه التخلي عنها ، والانفتاح الذي يسعى بن سلمان لتطبيقه ليس من أجل إشراك الشعب في شؤون الحكم بل إغراق الشعب في الملذات والملاهي حتى ينشغلوا عن سوءات وفساد الحاكم . 
    
 

0
التعليقات (0)