حول العالم

مصطفى راش.. المهندس الألماني الذي يبني المدن الإسلامية

مظلات المسجد الحرام العملاقة أحدث مشروعات مصطفى راش
مظلات المسجد الحرام العملاقة أحدث مشروعات مصطفى راش

نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن المهندس الألماني، مصطفى راش، الذي يعيش في منطقة شفابن، والذي نفذ مشاريع حازت على شهرة في مدينة مكة المكرمة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المهندس المعماري، مصطفى راش، قام بتشييد العديد من المباني في المدينة الإسلامية المقدسة. ويملك راش في الوقت الحالي شركة، تقع في بلدة لاينفلدن - إشتردينغن الواقعة على مسافة بضع دقائق من جنوب مدينة شتوتغارت في ألمانيا. ويبلغ راش من العمر 36 سنة، وعلى الرغم من صغر سنه، إلا أنه نفذ مشاريع رائعة في كل من المدينة المنورة ومكة وباكستان والسنغال.

وذكرت الصحيفة أن من بين مشاريع راش، أكبر مدينة خيام بالعالم، وأكبر سقف متحرك، علاوة على أكبر ساعة برج في العالم. وتعد مظلات المسجد الحرام العملاقة أحدث مشروعات مصطفى راش. ويبلغ ارتفاع المظلة الواحدة 45 مترا، وهي عبارة عن مجموعة من الأعمدة، التي تغطيها قطع مصنوعة من نسيج مادة التفلون على مساحة تعادل مساحة نصف ملعب كرة قدم. ولعل ما يميز كل مظلة أنها تعكس 75 بالمئة من أشعة الشمس، وتقاوم الرياح القوية.

ونقلت الصحيفة على لسان راش أنه عرض في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، على أمين العاصمة المقدسة، أسامة البار، فكرة استخدام برنامج محاكاة يتوقع سلوك حشود الحجاج ويصورها في فيلم. ويرجع ذلك إلى أن السعوديين غالبا ما يجدون صعوبة في التعامل مع الوفود المتزايدة من الحجيج.

وأفادت الصحيفة بأن شركة راش تحتوي على زخارف ولوحات زجاجية نُقش عليها آيات قرآنية، بالإضافة إلى بعض التصاميم الإسلامية. وفيما يتعلق بالجدل الدائر حول علاقة الإسلام بألمانيا، قال مصطفى، إن "الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية تعدّ من الأديان الإبراهيمية. ونظرا لأنها ذات أصل واحد، يمكن القول إن الإسلام جزء من ألمانيا".

وأردفت الصحيفة بأن والد مصطفى، بودو راش، كان يعمل أيضا مهندسا معماريا، وهو أحد تلاميذ المهندس المعماري الراحل، فراي أوتو، الذي قام بتصميم ملعب ميونيخ الأولمبي ومظلات شمسية بارتفاع خمس أمتار تعمل بالطاقة الشمسية.

 

في الواقع، تبنى والد مصطفى أفكار الهيبيز قبل أن يعتنق الإسلام في السبعينات. وبعد أن أدى فريضة الحج، تزوج من والدة مصطفى، وهي امرأة مسلمة بريطانية تنحدر من عائلة هندية. في سنة 2014، استقال بودو راش من رئاسة الشركة ليخلفه، ابنه مصطفى، الذي يعتقد أن إسلامه يعد السبب وراء إتقانه لعمله وليس نشأته في مدينة شفابن فحسب.

وأكدت الصحيفة أن أستاذ علم الاجتماع، ماكس فيبر، يرى أن هناك ارتباطا وثيقا بين المعتقد الديني وأخلاقيات العمل. وعندما سألنا والد مصطفى عن مدى صرامة تربية مصطفى الدينية، أجاب قائلا: "ورد في القرآن الكريم أنه لا إكراه في الدين. وبذلك، يعد ما بين مصطفى وربه أمر يخصه وحده".

 

وفي سياق آخر، استنكر مصطفى ووالده بشدة أن يتم اتهامهم بأنهم متدينون لأسباب تتعلق بطبيعة عملهم، مع العلم أنه لم يكن ليسمح لكليهما ببناء المنشآت في المدن الدينية الإسلامية في حال لم يكونا مسلمين.

وأفادت الصحيفة بأن مشروع التخرج الخاص بمصطفى من كلية الهندسة بجامعة شتوتغارت كان عبارة عن بناء سقف متحرك، يتكون من 250 مظلة، مساحة المظلة الواحدة 26 مترا ضرب 26 مترا. وتغطي هذه المظلات حاليا مساحة 200 ألف متر مربع، ويستظل بظلها مئات الآلاف من رواد المسجد الحرام، لتحميهم من الشمس الحارقة للمملكة.


ومن المثير للاهتمام أن مصطفى راش تولى الإشراف على بناء فندق برج الساعة في مكة المكرمة خلال مرحلة البكالوريوس. ويقع فندق برج الساعة الفاخر خلف الكعبة مباشرة في مدينة مكة، ويبلغ ارتفاعه 601 متر. وبذلك، يعد برج الساعة ثالث أطول مبنى في العالم، في حين يمكنك قراءة الساعة في أعلى البرج من على بعد 20 كيلومترا. والجدير بالذكر أن قطر هذه الساعة يبلغ 43 مترا، أي أن حجمها يعدّ خمسة أضعاف حجم ساعة بيغ بن في لندن، ما يجعلها الساعة الأكبر في العالم.

وأحالت الصحيفة إلى أن مجموعة بن لادن، عملاق البناء في العالم، تتكفل بتشييد هذه المنشآت الضخمة، حيث قامت ببناء 250 مظلة في باحات المسجد النبوي، بالإضافة إلى برج الساعة وغيرها من المشاريع الكبرى في المملكة. عموما، لم ينتب مصطفى راش أي قلق حيال التعامل مع عائلة بن لادن.


وعندما سئل مصطفى راش عما إذا كان ضميره يؤنبه أحيانا نظرا لأنه تربطه علاقات تجارية بالمملكة العربية السعودية، التي تعرف بنظام حكم ملكي قائم على المذهب الوهابي، الذي يفسر الإسلام بصورة متشددة، كما أن قوانين المملكة ما زالت تنص على عقوبتي الجلد والإعدام، بالإضافة إلى وقوف الرياض خلف الحرب الطاحنة في اليمن، قال: "نعمل على راحة وسلامة حجاج بيت الله"، معتبرا بذلك أن دوره مرتبط بعقيدته.

وأبرزت الصحيفة أن مصطفى راش يعمل على تصاميم مسجد سيقع بناؤه في منطقة فيورباخ في شتوتغارت. ولا يرغب مصطفي بأن يثير هذا المشروع بلبلة كبيرة في ألمانيا، على غرار المسجد الكبير في كولونيا، الذي لم يشارك في بنائه. ومن جانبه، أعلن رئيس البلدية، فيرنر فولفله، بشكل صريح عن ترحيبه بمشروع مصطفى. في الأثناء، قام بعض كارهي الإسلام بتوزيع منشورات مناهضة لهذا المشروع، إلا أنها لم تلق صدى في ألمانيا.

0
التعليقات (0)