قضايا وآراء

ولم لا يحتفل الإخوان المسلمون؟

حمزة زوبع
1300x600
1300x600

أليس من حق الإخوان أن تحتفل بمرور تسعين عاما على تأسيسها وتعلن للعالم وخصوصا تلك الدول التي تعلن عليها الحرب أنها لا تزال عصية على الفناء وأنها وجدت لتبقى صامدة في وجه الظلم والظالمين ؟


أليس من حق أبناء الجماعة ومحبيها أن يفخروا بصمود هذه المؤسسة العظيمة على مر تسعة عقود في وجه الظلم والاستبداد في الوقت الذي تلاشت فيه دول وانهارت فيه تيارات فكرية واجتماعية ؟
أليس من حق جماعة الإخوان ومحبيها أن يحييوا ذكرى قيام أكبر جماعة اجتماعية وفكرية في العصر الحديث ؟


لماذا ينتقد البعض احتفالا بسيطا أقيم في ظرف زمني عصيب ليرفع من خلاله الإخوان راية التمرد في وجه الطغاة وليعلنوا أنهم مازالوا على درب الإصلاح والتغيير السلمي في عالم مليء بالغضب والعنف والدماء ؟


الإجابة القطعية هي أن من حق الإخوان وأي مؤسسة يتاريخها أن تحتفي وتحفل وترفع راية وجودها وشعارات بقائها وصمودها ، هذا كلام لا يختلف عليه اثنان .


جميل جدا أن يتذكر قادة الإخوان الحاليين ذكرى تأسيس الجماعة التي بدأها الإمام حسن البنا قبل تسعين عاما وبقيت بفضل الله أولا وأخيرا وبفضل تضحيات أبنائها على مر الزمن ، وجميل أيضا استدعاء مظهر القوة والتحدي ولكن ليسمح لي القارئ الكريم بطرح أسئلة لا أقصد من ورائها إلا فهم ما يجري وتحليل نتائج ما جرى..


1- من المهم تذكير العالم بوجود الإخوان وصمودهم وكان من المهم أيضا تنوير الإخوان أنفسهم والعالم من حولهم حول رؤيتهم للعالم الجديد الذي بدأت ملامحه في التشكل في مصر والسعودية واليمن وسوريا وصفقة القرن وخطتهم للمواجهة.


2- من الجميل دعوة بعض الرموز من خارج تركيا وكان من الأجمل أن يتم دعوة الرموز من داخل تركيا والذين لهم رأي مخالف في التعاطي السياسي والفكري لإدارة الجماعة منذ الانقلاب وحتى اليوم حتى ولو من باب تكثير سواد المسلمين ، فإقصاء من يختلف معك يعني أنك مستبد بادئ ذي بدء وأنك لا تصلح لقيادة الجماعة ناهيك عن قيادة الأمة .


3- عظيم أن يتحدث الإخوان ومتحدثوهم عن الشورى وتعدد الأراء والأعظم ألا يفتري متحدثهم على بعض إخوانه الكذب ويتهم كل صاحب رأي أو فكرة أو مشروع لمواجهة الانقلاب على أنه عسكرة وتسليح وعمل عنيف إلى آخر (دستة) المفردات التي تدين أبرياء وتجعلهم موضع الشك والريبة والاتهام من النظام بل من النظم المعادية كلها .


4- إحياء الذكرى مهم والحديث عن الماضي شيء مطلوب ولكن الأجمل هو الحديث عن الحاضر وعن الغد والمستقبل خصوصا وأن الجميع يعلم أن الإخوان هم النواة الصلبة للتتغيير في المنطقة وربما العالم بدون مبالغة .


5- إحياء ذكرى قيام الإخوان أكبر من أن يتم الاحتفال به في مكان واحد أو بلد واحد بل كان يستدعي سلسلة من الأنشطة والفعاليات وورش العمل والمؤتمرات على مدار فترة مطولة من الوقت لمناقشة الواقع وتحدياته والمستقبل وآليات التعامل معه .


6- جماعة بحجم وقوة وتاريخ الإخوان تحتاج إلى مجموعة من الواجهات والمتحدثين الإعلاميين من ذوي الخبرة والفطنة وتعدد اللسان واللغة حتى يوظفوا الحدث توظيفا إعلاميا لأن الجمهور المعني بإحياء الذكرى ليست فقط الجمهور الناطق بالعربية بل نحن في أمس الحاجة إلى مخاطبة العالم بأسره خصوصا في مثل هذه الظروف التي نعيشها .


7- يتطلب الظهور الإعلامي للجماعة بعد تسعين عاما النظر في صورتها الذهنية التي تأثرت سلبا بالحملات المضادة لها وبالتالي كان من الواجب إعادة تقديم الإخوان في ثوبها الجديد بعد ثورة عظيمة وانقلاب دنيء وذلك بتغيير حقيقي أو وعد بتغيير حقيقي في الشكل والمضمون ولكن للأسف ما شهدناه هو تكرار ممل لما كان يجري قبل الثورة وكأن ثورة لم تقم .


8- عادة ما يتم وضع خطة لمثل هذه الفعاليات تتضمن أهدافا واضحة يمكن تحقيقها في إطار زمني محدد وعادة ما تسعى المؤسسات الكبرى إلى إشراك الرأي العام في تحقيق أهدافها من خلال هذه الفعاليات وأتمنى أن نشهد هذا النوع من الشراكة بين الإخوان وغيرهم من دوائر صنع وقيادة الرأي العام ولعله يكون قريبا وإن بدا لي من المتابعة أن الأمر كان احتفائيا دون خطة واضحة .


9- من المهم الإحتفال واحياء الذكرى وتذكير العالم بإنجازات الإخوان وكان الأهم هو النظر في التوقيت الذي أجري فيه الحفل خصوصا وأن العالم ينتظر ماذا سيفعل الإخوان والثوار في ملف فضيحة انتخابات العار ، فجاء الاحتفال ربما عن غير قصد ليحول مسألة مواجهة السيسي وفضح سلوكياته إلى مسألة هامشية إذا ما قورنت بما يجري على الفيسبوك ووسائل الإعلام الإجتماعية من حرب بين مؤيد ومعارض للاحتفال بالذكرى . لقد منح الجدل الدائر حول الاحتفال رئة لإعلام الإنقلاب لصرف الأنظار عن مآسيه وكوارثه.


10- كان الاحتفال فرصة عظيمة لإطلاق مشروع إنقاذ الأمة من مأزقها والعالم من متشدديه والإنسانية من مستغليها في إطار فهم الإخوان المسلمين العام لقضايا الإنسان والإنسانية ، ولكن للأسف لم يحدث وربما تكون الفرصة لا تزال سانحة ولعل القادم أفضل إن شاء الله .

2
التعليقات (2)
اينشتاين
الأربعاء، 04-04-2018 04:40 م
من بعد الأستاذ حسن البنا تقريبا دخلت الحركة فيما يشبه المغمى عليه ومن آثار ذلك الإغماء دوران الجماعة في واقع كله احتفالية وشعارات ، وإلى اليوم آثار الإغماء باقية ، المحزن والخوف أن تنتقل آثار الإغماء فتصيب كل قريب ، فإلى أن نتخلص من دائرة الإغماء يمكن ان تكون لنا وقفة على خط عالم الأفكار من داخل روح الأمة ودورها الرسالي المعهود .
مصري جدا
الأربعاء، 04-04-2018 04:33 م
خشيت من العنوان ان يسير الكاتب على منوال من كتب في هذا الشآن مجرد التاييد لحق الجماعة في الاحتفالية او حتى طرح وجهة نظر المختلفين حول انعقادها ،،، لان هذا ليس بموضوع ،، ولكن الموضوع هو خلفيات الخلاف وهي للحق عميقة منذ التحول الفكري والانشقاق التنظيمي الذي تعيشه الجماعة منذ ال3 من يوليو 2013 حتى اليوم ،،، وكذلك الموضوع هو محتوى الاحتفالية كما اشار الكاتب ،، وقد تناول الكاتب نقاط جيدة وجديرة بالطرح والمناقشة والاهم بعد الطرح والمناقشة هو العائد العملي ،،حتى لا تتحول الفاعلية لمجرد شكل يبعث ايضا برسائل شكلية غير منتجة ،، الاخوان عاشوا ومازالوا تجربة من اصعب التجارب في تاريخهم خسروا فيها كثيرا بعيدا عن اساتذة التبيرير وتحويل الانكسارات الى انتصارات وكذلك تحويل النكسات الى قفزات وهناك في الجماعة والاحزاب والانظمة متخصصون في هذا الوهم الذي ادعو الله ان يحفظ جماعة الاخوان منه وينقيها من توابعه ،، فهل ستستجيب الجماعة ولو لكتابها ومنظريها ،، ام انها تتعامل معهم كما تتعامل الانظمة مع ناصحيها او حتى منتقديها ،، إما انها لا تقرأ ولا تلتفت لما يقولون ،، آو انها تقرأ ولكن يبقى شعارها المعطل لكل تجديد ان اهل مكة ادرى بشعابها ،،، حفظ الله الاخوان صمام الامان لاوطانها وآمتها العربية والاسلامية