علوم وتكنولوجيا

لوموند: هذه المعلومات قد لا تعرفها عن ستيفن هوكينغ

هوكينغ مُنح لقب قائد الإمبراطورية البريطانية سنة 1982 - أرشيفية
هوكينغ مُنح لقب قائد الإمبراطورية البريطانية سنة 1982 - أرشيفية

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن وفاة عالم الكونيات البريطاني، ستيفن هوكينغ، الذي اشتهر بنبوغه وإنجازاته العلمية رغم إعاقته.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الخبير البريطاني في الثقوب السوداء قد أصيب بالشلل بسبب مرض تنكسي ألمّ به منذ الستينيات. ويوم الأربعاء 14 آذار/ مارس، أعلنت العائلة عن وفاة عالم الفيزياء والكونيات البريطاني، ستيفن هوكينغ، الذي يعتبر من أشهر العلماء المعاصرين، عن عمر يناهز 76 عاما.


وذكرت الصحيفة أن ستيفن هوكينغ جسد مفارقة حية، فاسمه مشهور جدا بين العوام، حتى غزواته في التيار المتعرج لعلم الكونيات، بين الانفجار الكبير والثقوب السوداء والسمات الخاصة في الفيزياء الفلكية، التي كتب حولها ما لا يقل عن 130 مقالا بحثيا، لا يمكن فهمها إلا من قبل ثلة من المنظرين ذوي المستوى الرفيع.


وبينت الصحيفة أن ستيفن هوكينغ يدين بهذه الشهرة إلى التباين بين عجزه الجسدي، وقوة فكرية استثنائية إلى جانب شعور قوي بروح الدعابة. ويبدو أن هذه الازدواجية، التي بلغت ذروتها، هي التي جعلت منه أيقونة، ورمزا لانتصار الفكر على الجسد.
 
ولد ستيفن هوكينغ في الثامن من كانون الثاني/ يناير سنة 1942 في أكسفورد. ولم يبد هذا الطفل إلا القليل من الاستعداد للدراسة، بشيء من الكسل، لكنه عبر دائما عن شغفه في تجربة متعة إتقان قوانين العالم الافتراضي. وقد ظهرت عليه قرائن كثيرة تدل على شغفه بالعلوم الفيزيائية، التي تخصص في دراستها سنة 1959 في جامعة أكسفورد.

وأشارت الصحيفة إلى أنه سافر سنة 1962 لدراسة علم الكونيات في جامعة كامبريدج، حيث بدأ عمله على أطروحة حول النسبية العامة. ولم تمض أشهر قليلة حتى تم تشخيص إصابته بمرض أهم أعراضه الاضطرابات الحركية والتصلب الجانبي الضموري، الذي يُعرف بمرض "شاركو". ويتمثل هذا المرض في تنكس الخلايا العصبية الحركية ما يؤدي إلى الشلل. وقد تحدث الأطباء حينها عن احتمال بقائه على قيد الحياة لمدة سنتين أو ثلاث سنوات على أقصى تقدير.

وأوردت الصحيفة أن هذا الشاب تغلب على المرض والصدمة وهزم الصعاب. ولعل ذلك ما رواه في سيرته الذاتية بعنوان "من أنت سيد هوكينغ؟" لمؤلفه أوديل جاكوب. وفي هذا الكتاب قال: "بدا لي من السخف أن أشرع في العمل على بحثي لأنني لم أكن أعتزم العيش طويلا بما يكفي لإنهاء شهادة الدكتوراه. ومع مرور الوقت، تبين أن المرض يتباطأ". ولقد خطب ستيفن هوكينغ جين وايلد، وكانت قصة حبهما محور أحداث فيلم "قصة رائعة من الزمن" الذي صدر سنة 2014، الذي جسد شخصيته الطالب البريطاني، إيدي ريماين.
 
وبعد سنوات خصبة جدا في كامبريدج، استنبط هوكينغ مع زميله روجر بنروز نظرية تحمل اسميهما، توضح أن النسبية العامة لألبرت آينشتاين تعني أن المكان والزمان قد نشآ في الانفجار الكبير، وسينتهيان في ثقوب سوداء. وهو ما يسميه علماء الكونيات "بالسمات"، وهي نقاط ذات كثافة وانحناء زمكان غير محدود.

وأوضحت الصحيفة أن هوكينغ ركز على الثقوب السوداء، هذه الأجسام السماوية الضخمة ذات الحقل المغناطيسي المكثف جدا. ووفق علم الميكانيكا الكلاسيكية، لا يوجد مادة أو ضوء قادر على الهروب من هذا الحقل. ومن خلال تطبيق قوانين ميكانيكا الكم، أثبت هوكينغ أن هذه الجحور المظلمة تحدث تسريبات، قد تنبعث منها إشعاعات. وقد أطلق على هذه الظاهرة اسم "إشعاع هوكينغ"، أو "تبخر الثقوب السوداء"، التي ستكون واحدة من الإنجازات النظرية الأكثر أهمية في التاريخ.
 
ونقلت الصحيفة أن هوكينغ سنة 1979، وبعد مرور ثلاثة قرون من وفاة إسحاق نيوتن، تولى كرسي الرياضيات في جامعة كامبريدج، وغادره في أواخر سنة 2009. ثم تحول للعمل على "نظرية كل شيء"، لتوحيد القوى الأساسية الكبرى، لاثنين من النظريات العملاقة المتعارضة في الفيزياء وهما نظرية النسبية العامة التي تحكم بشكل كبير ولا نهائي، ونظرية الكم التي تصف تفاعلات المادة في نطاق الجسيمات. في نفس الوقت، كان ستيفن هوكينغ يدرس إمكانية السفر عبر الزمن واحتمال وجود أكوان متعددة.

وبعد نحو عشرين سنة من النجاح الساحق الذي حققه كتاب "تاريخ موجز للزمن"، أقنعته ابنته لوسي سنة 2007 بكتابة مؤلفات تكون في متناول الأطفال، بمساعدة أحد طلابه في مرحلة الدكتوراه، الفرنسي كريستوف غالفارد. وقد تمكن من إنتاج كتاب تمهيدي عنوانه "جورج وأسرار الكون".
 
وفي الختام، أفادت الصحيفة بأن هوكينغ مُنح لقب قائد الإمبراطورية البريطانية سنة 1982، وسنة 2006 حصل على وسام كوبلي، الذي يعد من أبرز الجوائز العلمية التي تمنحها الجمعية الملكية في لندن. وفي ذروة سمعته، بقي هوكينغ بعيدا عن الصحافة ولغوها، حيث قال: "أنا متأكد من أن إعاقتي لها علاقة بشهرتي، فهم بحاجة إلى شخص من طينة آينشتاين يعتبرونه مرجعا لهم. ولكن بالنسبة للصحفيين، مقارنتي بآينشتاين سخيفة، فهم لا يفهمون عملي أو عمل آينشتاين".

0
التعليقات (0)