ملفات وتقارير

ملف "ثروات تونس المنهوبة" يضع سيادتها على المحك

الثروات الطبيعية في تونس مقيدة باتفاقيات منذ حقبة الاستعمار الفرنسي- تويتر
الثروات الطبيعية في تونس مقيدة باتفاقيات منذ حقبة الاستعمار الفرنسي- تويتر

في الوقت الذي لا يزال فيه ملف الثروات الطبيعية المنهوبة في تونس من قبل شركات التنقيب الأجنبية، من القضايا المسكوت عنها من قبل الجهات الرسمية، جاءت تصريحات سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة (هيئة دستورية مستقلة أنشئت للنظر في مسار العدالة الانتقالية بعد الثورة) بهذا الخصوص لتعيد الجدل حول هذا الملف المسكوت عنه، بعد تأكيدها خلال تصريحات إعلامية حصول الهيئة على وثائق سرية في شكل اتفاقيات تعود لحقبة الاستعمار الفرنسي تؤكد غياب سيادة تونس المطلقة على التصرف في ثرواتها الطبيعية بموجب اتفاقيات "استعمارية" بين تونس وفرنسا تعود لسنة 1955 ولا يزال بعضها ساري المفعول حتى يومنا هذا .

وأكدت بن سدرين في حوار لراديو "جوهرة أف أم" الخاص الثلاثاء الماضي، أن اتفاقية ما سميت "خبايا الأرض" من بترول وملح وماء وفسفاط، لا تزال سارية المفعول حتى اللحظة بين الحكومتين الفرنسية والتونسية ما يجعل تونس "تحت وضع الاحتلال على مستوى الإرث التاريخي".

اتفاقيات سارية


وبخصوص هذه التصريحات، اعتبر رئيس لجنة حفظ الذاكرة بهيئة الحقيقة والكرامة عادل المعيزي في تصريح لـ "عربي21" أن الهيئة تحصلت بمجهودات خاصة في إطار جانب من عملها في "حفظ الذاكرة التونسية" على مجموعة من الوثائق الأرشيفية السرية الخاصة بتاريخ تونس خلال فترة الاستعمار وسيتم عرضها للعموم بعد الانتهاء من عمل التقرير الختامي خلال شهر آذار/ مايو القادم، وأنها ستطالب الدولة التونسية بتسلم رصيدها الأرشيفي الكامل من فرنسا وستقدم مقترحات حول تغيير الاتفاقيات الممضاة خلال تلك الفترة.

وأكد المعيزي أنه من بين الوثائق التي اطلعت عليها الهيئة والمتعلقة بالاستقلال الداخلي ما يلزم الدولة التونسية بعدم تغيير بنود الاتفاقيات أو الرجوع فيها "حيث تظل الاتفاقيات سارية حتى ولو قامت ثورة في تونس" أي بتغير نظام الحكم كما هو الحال اليوم.

أحزاب تدعو للتحرك

تصريحات رئيسة الهيئة، دفعت بحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري المعارض، للتعبير في بيان رسمي في 8 آذار/ مارس الجاري عن "صدمته" معتبرا "صدور مثل هذه المعلومات عن هيئة دستورية وعلى لسان رئيستها خبرا مفزعا وخطرا على الوحدة والسيادة الوطنيتين".

 

اقرأ أيضا: زيارة ماكرون لتونس تثير الجدل.. مستعمر أم داعم سياسي؟

وطالب الاتحاد الشعبي الرئاسة بالتحرك بإصدار تكذيب رسمي "يؤكد خلاله الاستقلال التام للجمهورية التونسية وإنكاره لهذه الاتفاقيات وعدم الالتزام بها إن وجدت باعتباره الجهة الضامنة للوحدة والسيادة الوطنية" حسب نص البيان.

انسحاب مريب من أوبك


وتؤكد رئيسة "جمعية المحافظة على الثروات الوطنية" والباحثة في مجال العقود النفطية فوزية باشا ما جاء على لسان بن سدرين، وأن تونس ليس لديها أي سيادة على مقدراتها الطبيعية من ملح وبترول وغاز وغيرها من الثروات بموجب اتفاقية حزيران/ يونيو 1955 الخاصة بالاستقلال الذاتي التي أبرمتها الدولة التونسية مع فرنسا.


وتابعت: "بعد 60 سنة من الاستقلال، تونس لا تتصرف في أي حقل نفط بمفردها وعلى ملكها مائة بالمائة، وذلك بتجديدها المتواصل للعقود القديمة للشركات النفطية الأجنبية والتي تصل مدة استغلال بعضها للحقول النفطية لمدة 50 عاما بموجب الاتفاقيات الاستعمارية والتي لا تزال سارية المفعول".


الباحثة في العقود النفطية أكدت أيضا أنه في إطار عملها الاستقصائي برفقة مجموعة من الجمعيات حول محاربة الفساد في مجال النفط وغيرها من الثروات المنهوبة تبين أن تونس انخرطت سنة 1982 ضمن "منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط" والتي أنشئت سنة 1968 ببادرة من السعودية والكويت وليبيا بموجب اتفاقية بيروت المنشئة لهذه المنظمة.

 

اقرأ أيضا: نقص "السلع" يفتح ملف الفساد بمنظومة الدعم في تونس

وشددت على أن تونس علقت عضويتها في هذه المنظمة سنة 1986 لأسباب خاصة بها تبين بعد التدقيق والبحث أن انسحابها جاء بعد دعوة المنظمة لتونس لمراجعة القوانين النفطية المبرمة زمن الاستعمار وتغيير تشريعاتها النفطية في إطار توحيد التشريعات في مجال النفط، حيث مارست بعض الدول المستغلة للحقول النفطية وفي مقدمتها فرنسا ضغوطا على تونس بموجب اتفاقية حزيران/ يونيو 1955.


رئيس حكومة سابق ينفي


في المقابل، رفض رئيس الوزراء التونسي الأسبق علي العريض التعليق على تصريحات بن سدرين، لكنه صرح لـ"عربي21" بقوله : "تونس مستقلة ولها كامل السيادة على ثرواتها فوق الأرض وتحتها ولا أحد له سلطة عليها في هذا الموضوع وأنا كنت رئيس حكومة سابق وأعرف ما أقول".


واستنكر العريض في السياق ذاته، "أي محاولة من أي جهة كانت للتشويش على المناخ العام في تونس وضرب التونسيين في استقلالهم في إطار معارك التجاذبات السياسية".

التعليقات (0)