صحافة دولية

أوبزيرفر: هل يتقبل المجتمع السعودي الحريات الجديدة للمرأة؟

أوبزيرفر: السعودية بحاجة لاكثر من "علاج بالصدمة"- جيتي
أوبزيرفر: السعودية بحاجة لاكثر من "علاج بالصدمة"- جيتي

نشرت صحيفة "أوبزيرفر" تقريرا لمراسلها مارتن شولوف، يقول فيه إن السعودية شهدت بالفعل تغيرات كثيرة، لعل أبرزها السماح للنساء بقيادة السيارات، وحضور المنافسات الرياضية، والدخول لقاعات السينما، علاوة على حقوق أخرى.

 

ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن "وصول المملكة إلى هذه اللحظة يعد غامضا وغير واضح، والاقتناع بوجود تغيير يحدث ببطء في هذا البلد، الذي اعتاد على مقاومة أي تغيير وكل شيء جديد، ولذلك جعلت هذه الحملة من التغييرات، التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، أبناء المملكة في وضع غير مستقر".

 

ويبدأ شولوف بملاحظة عودة الاهتمام بماضي السعودية، الذي عادة ما نظر إليه بنوع من الشجب وعدم الاهتمام، ففي المتحف الوطني التقت ندى القحطاني وسبع نساء في قاعة المتحف، الذي لم يزرنه أبدا، وخلفهن علق ملصق ضخم يحتوي على المناطق الأثرية في السعودية، التي تعود إلى ما قبل الإسلام. 

وتنقل الصحيفة عن زائرة للمتحف، قولها: "هناك صنمان"، في إشارة إلى معرض لم يكن من المتخيل وجوده قبل عقود، عندما تم تجاهل المناطق الأثرية السعودية، أو تم التبرؤ منها، "أما البقية فهي معروضة في اليابان".

ويلفت التقرير إلى أن حراس الثقافة في المملكة كانوا في الماضي يعدون كل شيء سبق الإسلام جاهلية، مستدركا بأن الحاضرين في المتحف يمثلون اتجاها جديدا من ناحية تبني ثقافة المنطقة وتاريخها القديم، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر عندما افتتح المعرض، فإن الكثيرين عبروا عن مخاوف من ردود أفعال تتعلق بعرض آثار قديمة وأصنام، إلا أن ردة الفعل كانت إيجابية. 

 

ويورد الكاتب نقلا عن الباحثة في تاريخ الفن مها السنان، قولها: "كنت خائفة.. ولم أعلم كيف ستكون ردة فعل الناس، خاصة أن تلك الآثار تعرض للناس ولأول مرة، فالمعتقدات الدينية مرتبطة بالأفكار الاجتماعية، وكانت هناك حاجة لنشر الوعي حول ما تمثله هذه الأوثان، فليست كلها كانت للعبادة والتقديس، والناس هم الذين يقومون بالدفع لهذا التغيير، ويريدوننا أن نعترف به". 

 

وتفيد الصحيفة بأن القحطاني (26 عاما) كانت متحمسة أيضا، حيث تقول: "بالنسبة لنا، الجيل الجديد، فنحن بحاجة لمعرفة تاريخ منطقتنا.. ولدينا تاريخ متجذر، وتهمنا معرفة هويتنا التاريخية".

ويجد التقرير أن فهم الكيفية التي وصلت فيها المملكة إلى هذه النقطة مهم خارج المتحف، فخلال الأشهر الثلاثة الماضية قام المسؤولون بالحديث، عادة لجمهور مختار، عن أهمية الاعتراف بالماضي؛ كونه وسيلة لتشكيل الحاضر، فالحديث عن الآثار والثقافة أصبح جزءا من المعجم السعودي اليومي، بالإضافة إلى عدد من "المحرمات" الأخرى، مثل الحريات الفردية والهوية الوطنية التي اتخذت أبعادا في النقاش تذهب أبعد من الإسلام. 

 

وينوه شولوف إلى أن "فكرة التغيير بدأت تتجذر ببطء، في بلد ظل يعارض أي شيء جديد، لكن وتيرة التغيير وسرعة الإصلاحات التي يشرف عليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حيرتا الكثيرين، ففي الشهر الماضي فقط قيل للمرأة إنها تستطيع الانضمام للجيش والمخابرات، وسيتم فتح مدارس تعليم القيادة للمرأة، حيث سيسمح لها رسميا بقيادة السيارة في حزيران/ يونيو، وافتتحت ملاعب الرياضة أمام دخول المرأة، وكذلك دور السينما التي يتم بناؤها في أنحاء مختلفة من البلاد".

 

وتنقل الصحيفة عن عدد من رجال الدين، قولهم إن لبس "العباءة" ليس إجباريا، ويجب أن يكون اختيارا شخصيا، فيما تقول القحطاني: "كل ما تعلمناه هو الثقافة الإسلامية، ومن المهم أن يكون هناك شيء غير هذا.. ويجب أن نخفي الطريقة التي كنا نعيش فيها"، مشيرة إلى أنها ترحب بفتوى العباءة، خاصة الجزء المتعلق فيها بالاختيار، فتقول: "لا يوجد ما يجبرنا على ارتداء هذه في الإسلام.. وبالنسبة لي فإن هذا اختيار، وهي جزء من هويتي". 

 

ويذكر التقرير أنه في داخل المتحف كان عبدالله، وهو زائر من مكة، ولا يزال يعتقد أن ارتداء العباءة واجب، مشيرا إلى أن "القيم الثقافية هي شيء والزي الشخصي أمر آخر". 

ويورد الكاتب نقلا عن دبلوماسي في الرياض، قوله: "لهذا السبب سيواجهون مقاومة"، ويضيف: "كم هو حجم الدعم لبرنامج الإصلاح الذي يعد ثوريا؟ من الصعب قياسه".

وتبين الصحيفة أنه بعد عام على وصول ابن سلمان لولاية العهد فإنه عزّز من سلطاته، من خلال أجندة التغيير، التي أسكتت في سرعتها من كانوا سيقفون ضدها، وقام بتهميش من هم في المؤسسة الدينية، الذين رآى أنهم لا يدعمون رؤيته، وأطاح بالأمراء الذين ينافسونه على العرش، مشيرة إلى أنه سيتم الاعتراف بصعوده للسلطة في لندن هذا الأسبوع، حيث سيلتقي الأمير الشاب الملكة في أول زيارة رسمية له للخارج منذ أن عزل والده الملك سلمان، ابن عمه الامير محمد بن نايف، وسيكون استقباله باعتباره وليا للعرش وحاكما فعليا. 

ويورد التقرير نقلا عن مسؤول بريطاني بارز، قوله: "هناك الكثير من الأمور على طاولة النقاش، فالأجندة المحلية حقيقية، لكن لديه عدد من القضايا على الجبهة الإقليمية، ويجب أن يكون حذرا ويستمع". 

ويشير شولوف إلى أن السعودية لا تزال متورطة في اليمن، وحصار قطر، وخلاف مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وكلها من عمل ولي العهد، لافتا إلى أن هذه كلها جاءت نتيجة فهم السعودية أن إيران استخدمت هذه الساحات لتعزيز تأثيرها، وفي الرياض وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط، فإن ولي العهد اتهم بأنه دفع هذه الدول للتعاون مع إيران أكثر، ويقول رجل أعمال في الرياض: "لا يعرف كيف يقود.. لكنه سيصل إلى هناك في النهاية".

وتذكر الصحيفة أن معظم الحديث في السعودية خلال الأشهر الماضية كان عن عملية التطهير التي احتجز فيها ابن سلمان رموز التجارة والاقتصاد وأمراء في ريتز كارلتون، وأطلق عليها حملة مكافحة الفساد وجذب المستثمرين، وبدلا من ذلك فإنها اعتبرت محاولة صارخة للحصول على السلطة. 

وينقل التقرير عن مسؤول إقليمي بارز، قوله إن المسلسل الذي انتهى في منتصف شباط/ فبراير، حيث وافق عدد من المعتقلين على تسويات مالية مقابل الإفراج عنهم، يشير إلى أن عملية الاعتقال تحتوي على ثلاثة أشياء: محاولة فرض طرق لإدارة الأعمال بشفافية، والسيطرة على أرصدة وأموال فقدت في العقود الماضية، والتخلص من المنافسين الباقين له، متسائلا: "كيف سيخرج من هذا كله؟"، ويجيب مسؤول آخر قائلا نحن بانتظاره. 

ويعلق الكاتب قائلا: "من غير الواضح كيف سيخرج المجتمع المحافظ على هذه الهزات أو (العلاج بالصدمة)، ومع الإعلان عن تغييرات يومية، فإن هناك خوفا من أن تفقد الإصلاحات الأخيرة زخمها".

وتورد الصحيفة نقلا عن ضابط عسكري بارز، قوله:"هناك الكثير في صف الوسط والبيروقراطية ممن لا يريدون رؤية المرأة في سوق العمل أو الشوارع"، ويضيف: "يعلمون أن أفضل طريقة لوقف هذا ليس من خلال تحديه، لكن بعدم عمل المطلوب منهم، فالتغيير الحقيقي يحتاج لأكثر من رجل يطلبه مهما كان قويا". 

وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالإشارة إلى أن مشروع مترو ومركز تجاري لم ينجز، في شوارع الرياض، يشير إلى الفجوة بين الطموح والحقيقة.

التعليقات (0)