صحافة دولية

الموندو: لماذا يضيق السيسي الخناق على الصحافة الأجنبية؟

السيسي يقود حملة شرسة ضد الصحافة الأجنبية وحرية الصحافة في مصر (أرشيفية)- أ ف ب
السيسي يقود حملة شرسة ضد الصحافة الأجنبية وحرية الصحافة في مصر (أرشيفية)- أ ف ب

نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن الهدف الجديد لعبد الفتاح السيسي، الذي أعلن الحرب على الصحافة الأجنبية تزامنا مع قرب الانتخابات الرئاسية.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن السيسي بعد أن نجح تقريبا في هزم والإطاحة بوسائل الإعلام المحلية، يحاول اليوم "تدجين" الصحافة الأجنبية.

 

وأعلن السيسي مؤخرا من مدينة العلمين خلال حدث حكومي ضخم في المدينة أنه "يرغب في أن يقول لوسائل الإعلام إن شتم وإهانة الجيش أو الشرطة يعد بمثابة تشويه لصورة جميع المصريين، وليست حرية رأي".
 
ويعد هذا الموقف دليلا آخر على انعدام الحياد من جانب الدولة المصرية في خضم حملة انتخابية غير نمطية، حيث لم يخف المرشح السياسي الوحيد ولاءه للقائد الأعلى للقوات المسلحة السابق عبد الفتاح السيسي، في حين أكد أيضا أن "إهانة الجيش والشرطة تعادل تهمة الخيانة على المستوى القانوني"، وفق ما أوردته الصحيفة.
 
ونقل معد تقرير الصحيفة، فرانسيسكو كاريون، أن النائب العام المصري نبيل صادق، أطلق العنان لسلسلة من الاتهامات الموجهة لوسائل الإعلام الأجنبية، واصفا إياها "بقوى الشر".

 

وحث بقية المسؤولين على اتخاذ الإجراءات القانونية والجنائية المناسبة في حق وسائل الإعلام التي تقوم بنشر أخبار كاذبة عن مصر عمدا.
 
وفي بيان له، شجع النائب العام المصري على "تتبع المؤسسات التي تنشر الشائعات، التي من شأنها أن تزعزع الأمن العام وتبث البلبلة في صفوف أفراد المجتمع وتضر بالمصلحة العامة للدولة المصرية، قضائيا".

 

في الوقت ذاته، طالب صادق السلطات المسؤولة بردع وسائل الإعلام التي تقوم بانتهاك الأخلاقيات الصحفية.
 
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحرب التي تشنها السلطات المصرية ضد حرية الصحافة قد اندلعت على خلفية التقرير الصادر عن هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، الذي أورد شهادات لضحايا التعذيب والاختفاء القسري وانتهاكات حقوق الإنسان في مراكز الشرطة المصرية والسجون، التي تم توثيقها على نطاق واسع في مناسبات سابقة من منظمات حقوق الإنسان والعديد من وسائل الإعلام.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن التقرير نقل إحدى القصص من أم مصرية، اعتقلت ابنتها في حين لم تصلها أي أخبار عنها منذ شهر نيسان/ أبريل الماضي.

 

وتعد هذه القصة شائعة في بلد لطالما نددت فيه منظمات حقوق الإنسان بالمئات من حالات الاختفاء القسري وغير القانوني منذ انقلاب تموز/ يوليو سنة 2013، الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي. 
 
وأوردت الصحيفة أنه يوم الاثنين الماضي، وبعد بث التقرير، عادت الفتاة إلى الظهور رفقة زوجها المفترض وطفلها خلال مقابلة مع إحدى القنوات التلفزيونية المحلية الموالية للنظام، حيث أنكرت كل الوقائع التي روتها والدتها.

 

وبعد ذلك بوقت قصير، أكدت الأم في تصريحات قدمتها لفائدة قناة ذات صلة بجماعة الإخوان المسلمين، صحة روايتها التي قدمتها لصالح "بي بي سي"، مؤكدة أن ابنتها قد أجبرت على الظهور على شاشة التلفاز تحت التعذيب.

 

اقرأ أيضا: حبس أم زبيدة 15 يوما على ذمة تحقيقات "بي بي سي"


وأفادت الصحيفة على لسان الناشط الحقوقي المصري، جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن "جميع وسائل الإعلام المحلية تطيع النظام المصري طاعة عمياء، ما يجعل كل من يأبى الولاء عرضة للاتهامات والحكم بالسجن".

 

وأضافت: "لذلك، تحولت وسائل الإعلام الأجنبية إلى هدف جديد لهجمات السيسي". وأكد عيد أن "أي معارضة تشكل هدفا بالنسبة للنظام، إذ إنها تعمل ضد مصالحه".
 
وأوردت الصحيفة أن الحكومة المصرية دعت إلى مقاطعة "بي بي سي" إلى حين تقديم اعتذار رسمي منها بسبب نشرها تقريرا عن قصة الاختفاء القسري لشابة مصرية، وذلك في خضم حملة مكثفة من وسائل الإعلام المحلية المقربة من النظام. 

 

اقرأ أيضا: تناقضات في "رواية أديب" مع زبيدة.. ما هي؟ (شاهد)


وأبرزت الصحيفة أنه عقب وصول السيسي إلى كرسي الرئاسة بعد الانقلاب، باتت حرية التعبير في واحدة من أكثر بلدان العالم اكتظاظا بالسكان في أدنى مستوياتها.

 

ووفقا لتصنيف منظمة أطباء بلا حدود السنوي، بات الوضع في مصر أسوأ مما عليه في فنزويلا.

 

ومع عشرات الصحفيين وراء القضبان، أضحت مصر واحدة من أكبر معاقل الصحفيين على هذا الكوكب.

 

ومنذ شهر آيار/مايو الماضي، حجبت القاهرة أكثر من 500 موقع، بما في ذلك المواقع التابعة لوسائل الإعلام المحلية والدولية، دون تفسير الأسباب الكامنة وراء ذلك.
 
وأوضحت الصحيفة أن النظام تمكن من إفساح المجال نحو إعادة انتخاب السيسي بعد أسابيع من المضايقات والتهديدات وموجة من الاعتقالات ضد المعارضين الذين أعلنوا عزمهم على منافسته في الانتخابات. وفي ظل عدم وجود مراقبين دوليين لهذه "المهزلة الانتخابية" كثفت السلطات من قمعها.

 

اقرأ أيضا: أنين الأم.. والبقاء بالسلطة حتى آخر مواطن مصري (بورتريه)

 

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت حوالي 14 منظمة أن هذه الانتخابات لا تفي بالحد الأدنى من شروط أي انتخابات حرة ونزيهة، كما حثت هذه المنظمات كلا من الولايات المتحدة والدول الأوروبية على التنديد بهذه الممارسات.
 
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن السلطة الانتخابية قد وضعت قائمة صارمة من المطالب للصحفيين الذين سيتم اعتمادهم لتغطية الانتخابات.

 

وشملت هذه المطالب، عدم طرح أي أسئلة على الناخبين حول المرشح الذي سيختارونه، إلى جانب عدم توجيه أسئلة غير مباشرة أو جزئية وتجنب الخلط بين الأخبار والإعلانات، فضلا عن الالتزام بوضع عناوين تتفق مع محتوى المادة الإعلامية المنشورة، إلى جانب عدم نشر أي صور لا علاقة لها بموضوع التغطية.

التعليقات (0)