سياسة عربية

كيف أشعل السيسي كراهية المصريين للجيش والشرطة؟

عبدالفتاح السيسي دعا الإعلام للدفاع عن الجيش والشرطة معتبرا الإساءة لهما خيانة عظمي - جيتي
عبدالفتاح السيسي دعا الإعلام للدفاع عن الجيش والشرطة معتبرا الإساءة لهما خيانة عظمي - جيتي
ثارت التساؤلات حول دور قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، في زيادة مشاعر الكراهية لدى المصريين تجاه الجيش والشرطة، وخاصة بعد حديثه عن عدم سماحه بإهانتهما وعقاب أي مصري يرتكب تلك الجريمة التي أوصلها لحد الخيانة العظمى.

ذلك التساؤل ظهر مصحوبا بحالة من الغضب لتفرقة السيسي بين الشعب ومؤسساته الوطنية، كونه أظهر الشعب بوضع المسيئ للمؤسستين الوطنيتين وكشف انحيازا واضحا من رأس السلطة وتسييدا لهما على حساب جل المصريين، ما يؤجج مشاعر الكراهية الشعبية.

وخلال افتتاحه المرحلة الأولى من مدينة العلمين الجديدة (شمال غرب)، الخميس، دعا السيسي، الإعلام للدفاع عن الجيش والشرطة، معتبرا أن الإساءة لهما "خيانة عظمى"، مشيدا بالجيش بقوله: "والله العظيم مش عايز أقول أنا بس اللي عارف الجيش عامل إيه خلال الـ7 سنين اللي فاتوا".

               


ودائما ما يشيد السيسي بالجيش والشرطة بالمناسبات العامة، وعلى سبيل المثال، وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 2016، وبندوة تثقيفية لإدارة الشؤون المعنوية، أثنى السيسي على عطاء الجيش والشرطة بمواجهة الإرهاب وما يقدمه الشهداء لكي تحيا مصر آمنة.

وبعد تفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية، في 11 كانون الأول/ديسمبر 2016، أشاد السيسي، بجهود القوات المسلحة والشرطة بالتصدي للعمليات الإرهابية.

وثمن السيسي بالدور البطولي للقوات المسلحة والشرطة بحماية الوطن والمواطنين، وتطهير سيناء من الإرهاب، باجتماعه بمجلس الوزراء في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2017.

وفي متابعته للعملية "سيناء 2018"، أشاد السيسي، 17شباط/فبراير الماضي، بما تبذله القوات المسلحة والشرطة من جهد كبير بأداء واجبهم المقدس وحماية الوطن والمواطنين بإخلاص وتفان.

وعلى الجانب الآخر، حمّل السيسي الشعب مسؤولية ما وصلت إليه البلاد، وعلى سبيل المثال، قال مخاطبا المصريين باحتفالية دار الأوبرا بالقاهرة منتصف 2016: "مصر بتقول لكم؛ مكاني ليس ما أنا فيه، وليس حجمي هكذا، أنا لا أحتاج وأنتم هنا"، داعيا الشعب لعدم الأكل بقوله لا نأكل؟ مجيبا: نعم لا نأكل، متسائلا: لا ننام؟ موضحا: نعم لا ننام، لكن مصر تأخذ مكانها الحقيقي.


من أولى بالمحاكمة؟

وقال الكاتب الصحفي، عزت النمر: "لا شك أن مستويات من الغضب والكراهية يحملها القطاع الأكبر من الشعب تجاه الجيش والشرطة، وأعتقد أن السيسي هو السبب الرئيسي لهذ الأمر".

النمر، أوضح لـ"عربي21"، أن "أكبر إهانة كانت للجيش والشرطة قام بها السيسي نفسه حينما استخدمهما للانقلاب على أول تجربة ديمقراطية"، مضيفا أن الشعب رأى بهذا الانقلاب رِدِّة في شعوره بالحرية والكرامة نالها بثورة يناير، ثم استشعر تسييدا فاجرا للمؤسستين أطاح بكل مكتسباته.

ويعتقد المحلل السياسي، "أن الأمر يتعدى مشاعر الكراهية؛ لأن غباء السيسي وضع المؤسسة العسكرية كآلة قتل بمواجهة الشعب، مما خلف ثأرا لدى المصريين يصعب زوال أثره قريبا".

وأشار النمر إلى "إهانة أخرى قام بها السيسي للمؤسسة العسكرية؛ حينما أظهر قادته السابقون وجنرالات الجيش بصورة قراصنة وفسدة يتصارعون على المناصب والمال، وما حديث السيسي عن سامي عنان والمخابرات العامة عنا ببعيد".

وأكد أن "عامة الشعب الذين يعيشون الآن أوضاعا اقتصادية قاسية، يتملكهم الكراهية والغضب حين يرون تمييزا فاضحا للشرطة والجيش، فضلا عن حقائق تروى عن مليارات من الدولارات وردت من الخليج التهمها السيسي وجنرالاته".

وقال النمر، "لكل ما سبق؛ أعتقد أن السيسي أهان الوطن بأكمله وليس الشرطة والجيش فحسب، وأنه أولى بتهمة الخيانة العظمى إذ شق النسيج الوطني فضلا عن تنازله عن تراب الوطن ومقدراته تحت صمت المؤسسة العسكرية وتواطؤها، فضلا عن تقديم الشرطة كعصا غليظة لمواجهة كل محاولة للحفاظ على تراب الوطن ورفض التعدي عليه".

هذا الأحرى بالسيسي

وفي تعليقه أكد الكاتب والباحث السياسي، علاء فاروق، أنه "من الطبيعي أن يجرم السيسي كل من يحاول الإساءة لأكبر مؤسستين ساندتاه في مشروعه"، مشيرا إلى أنه "سيكون لهما دور كبير باستكمال المشوار عبر الدعم في الفترة الرئاسية الثانية التي تكاد تكون حسمت للسيسي".

فاروق، طرح مجموعة من التساؤلات في حديثه لـ"عربي21"، قائلا: "ماذا يقصد السيسي بالإهانة؟ وهل تشمل انتقاد أي أعمال خارج القانون ترتكب في إحدى المؤسستين؟ أم هو إطلاق عام لأي محاولة للاقتراب من أي زي عسكري أو أمني".

وأضاف، فاروق: "وهل لا يقبل أي مواطن إهانة الأجهزة الأمنية التي تقوم بمهامها وتؤمن الوطن والمواطن؛ لكن سيهين أي تجاوز لمثل هذه الأجهزة؟"، موضحا أنه "كان الأحرى بالرئيس محاسبة من أهان المواطن من هاتين الجهتين".

الكلام واضح

من جانبه، نفى الكاتب الصحفي أحمد كشكوشة، أن يكون تجريم السيسي لانتقاد الجيش والشرطة ووصمه مرتكب ذلك بجريمة الخيانة العظمى، سببا في تأجيج بعض "مشاعر الكراهية" للمؤسستين الوطنيتين الكبيرتين.

كشكوشة، انتقد في حديثه لـ"عربي21"، من يقول ذلك رافضا تأويل كلام السيسي في غير موضعه، مضيفا أن "كلام الريس واضح؛ وكل واحد وله رأيه".

لعبة الشيطان

وعبر موقع "فيسبوك" تحدث أستاذ الجيولوجيا الدكتور يحيى القزاز، عن السيسى ولعبة التفريق، وقال إن السيسي يعمل على تجذير الكراهية بين المؤسسات وأفراد الشعب، ويتبع سياسة فرق تسد ليمنع وحدتهم، ويتمكن من إحكام قبضته على المتناحرين المتفرقين.

وأكد أن السيسي شيطان فاحذروه ولا يعني حديثه حرصا على الجيش والشرطة بقدر ما يحرص على تأجيج كراهية الشعب لهما بانحيازه لهما وتسيدهما عليه، وتأجيج كراهيتهما على الشعب بتصويره بوضع عدم المقدر لدورهما والمسيء لهما.

 

التعليقات (1)
مصري جدا
السبت، 03-03-2018 09:42 م
ظلت مصر ولقرون طويلة هبة النيل ،،، ثم جاء محمد على باشا ليجعل مصر هبة الجيش ومن وقتها حتى اليوم ،، انشئت المؤسسات والمدارس والمعاهد والمصانع والمستشفيات والطرق والترع والمصارف ليس للشعب نصيب منها الا الفتات ،، وتربى الشعب على تقديس الجيش ووصفه بالعصمة ورضي بهذه الوصفة ودافع عنها لانها استقرت في ضميره ووجدانه رغم بعض التجاوزات خاصة عندما تورط الجيش في محاكمة المدنيين ،،، ثم كانت ثورة يناير وما بعدها ،، حين تلتخط يد العسكر تارة بالمؤامرة وتارة بالدماء حتى سقطت القداسة وراحت العصمة وبدا قطاع غير قليل ينظر اليها على انها مؤسسة مثل كل المؤسسات المصرية لها وعليها ،، لكن السيسي وزمرته اصروا على النظرة الاولى واصر قطاع كبير من الشعب على النظرة الثانية ومن هنا بدا الصراع