صحافة دولية

أتلانتك: هل يصلح نموذج البوسنة لوقف حمام الدم بسوريا؟

أتلانتك: يجب الضغط على كل من روسيا وإيران والنظام السوري لوقف الحرب- أ ف ب
أتلانتك: يجب الضغط على كل من روسيا وإيران والنظام السوري لوقف الحرب- أ ف ب

نشرت مجلة "ذا أتلانتك" مقالا للمحللة في المجلس الأطلسي إيفلين فاركس، تدعو فيه المجتمع الدولي لممارسة ضغوط اقتصادية ودبلوماسية وسياسية على كل من روسيا وإيران والنظام السوري؛ لوقف ذبح المدنيين.

 

وتذكّر فاركس في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، بنموذج البوسنة، حيث قامت الدولة الصربية بضرب المسلمين العزل، قبل أن تقوم الولايات المتحدة بسلسلة من الغارات الجوية على هذه القوات، فأوقفت عملياتها ضد المسلمين.

 

وتشير الكاتبة إلى مقولة "إمبراطورية الشر"، التي وصف فيها رونالد ريغان الاتحاد السوفييتي السابق، لافتة إلى أنه "كان من الواجب الاحتفاظ بـ(الشر) لوصف الكرملين اليوم؛ ذلك أن روسيا تقوم، وبلا هوادة، بقصف المدنيين الأبرياء ومستشفياتهم، وقوافل المساعدة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة؛ في محاولة مقصودة لتطهير مناطق المعارضة وسكانها".

 

وتتساءل فاركس عن بقية المصطلحات لوصف دعم وتحريض حكومة تقوم باستخدام الأسلحة الكيماوية، وتسقط البراميل المتفجرة المحشوة بغاز الكلور على الأطفال والنساء، مشيرة إلى ما أسمته المؤامرة الروسية لتأخير قرار مجلس الأمن الذي يهدف إلى وقف المعاناة وخسارة أرواح المدنيين في سوريا

 

وتقول الكاتبة إن "الحكومة الروسية نجت إلى الآن من العقاب على عملياتها الجوية الدموية، بالتعاون مع نظام الأسد وإيران، وأدت هذه العمليات إلى قتل مئات الآلاف من المدنيين في سوريا، بينهم الآلاف من حلب نهاية عام 2016، حيث تم تدمير وقصف المدينة التاريخية وتحويلها إلى أنقاض وعظام". 

 

وتلفت فاركس إلى أن الهدف من عملية حلب كان طرد المعارضة وإجبارها على الخروج إلى مناطق أخرى من سوريا، مثل محافظة إدلب، التي قام الروس والسوريون بقصفها دون رحمة، مشيرة إلى أنهم يحاولون الآن التخلص من الغوطة الشرقية، التي تعد آخر معقل للمعارضة قرب مدينة دمشق، وهو المكان الذي ضربه النظام عام 2013 بغاز السارين، فيما قتل أكثر من 500 شخص في الأسبوع الماضي، وجرح حوالي 2500 آخرين. 

 

وتفيد الكاتبة بأن "روسيا استطاعت الهروب من الملامة؛ لأن إدارتين أمريكيتين فرقتا بين الحرب الأهلية السورية والحملة ضد تنظيم الدولة، ومثلما بدأت الخطوط على الأرض بالتلاقي، فإنه أصبح من الصعب تجاهل الحقيقة التي ترى أن القتال ضد تنظيم الدولة هو أيضا قتال على مستقبل سوريا والشرق الأوسط، وعلاوة على هذا فإن الحرب تتوسع على ما يبدو". 

 

وتنوه فاركس إلى حادث 7 شباط/ فبراير في دير الزور، حيث نقلت روسيا أكياس الموتى بالمئات إلى بلادهم، مشيرة إلى أن العملية كانت محاولة من الكرملين، الراغب بإعلان النصر، بفحص قدرة أمريكا. 

 

وتذهب الكاتبة إلى أن "مسؤولية الولايات المتحدة تتزايد مع بقاء ألفين من جنودها على الأرض، ولا يمكنها في هذه الحالة الجلوس متفرجة على مجزرة بطيئة، مثل راوندا". 

 

وتعتقد فاركس أن "الحالة السورية ليست استثنائية، فما بين 1993- 1995 واجهت الولايات المتحدة وحلفاؤها كارثة في البوسنة، نجمت عن حملة تطهير عرقي مقصودة وجهتها حكومة صربيا، وعملت الولايات المتحدة، ولثلاثة أعوام، على زيادة حجم القوات التابعة للأمم المتحدة، في وقت تزايدت فيه جثث القتلى وموجات المهاجرين". 

 

وتبين الكاتبة أنه "في نهاية الأمر لم تتوقف الحرب والمعاناة إلا باستخدام القوة، ففي عام 1995 بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها بقصف القوات الصربية التي كانت تهاجم المدنيين العزل، وقامت القوات الكرواتية -البوسنية المسلحة والمدربة أمريكيا- بصد هجمات القوات الصربية، وإخراجها من الأراضي التي سيطرت عليها من قبل، وكانت النتيجة هي اتفاقية دايتون 1995، التي حققت السلام أخيرا في البوسنة".

 

وتجد فاركس أن "القوة العسكرية والردع هما المفتاح لوقف الحرب السورية، حيث دعت روسيا الأطراف المتصارعة أكثر من مرة إلى طاولة المفاوضات؛ في محاولة لدفع المجتمع الدولي للتنازل والموافقة على بقاء الأسد، وفي الوقت ذاته واصلت روسيا حرب الاستنزاف، في ظل غياب للتصميم الأمريكي". 

 

وترى الكاتبة أنه "دون ضغط اقتصادي وعسكري ودبلوماسي في وقت واحد، فلن توافق روسيا ولا النظام السوري أو إيران على التنازل، فلا يوجد ما يحفز المعتدين، سواء كانت بلغراد أم موسكو أو دمشق وطهران، على التنازل إلا إذا أجبروا على عمل ذلك". 

 

وتختم فاركس بالقول إن "الحرب في سوريا لن تنتهي إلا عندما يعرف المعتدي أن أمريكا جادة بشأن الدبلوماسية ومعاقبة المعتدين، وهي جادة بشأن استخدام القوة العسكرية، ليس ضد تنظيم الدولة فقط، بل لحماية السوريين أيضا، والفشل في عمل هذا يجعل من أمريكا مسهلة للشر".

التعليقات (0)

خبر عاجل