كتاب عربي 21

المليشيات الكردية في سوريا: بندقية للإيجار

علي باكير
1300x600
1300x600
نشرت "رويترز" في 10 شباط/ فبراير تقريرا يسلط الضوء على مساعي الأسد الخفية لدعم المليشيات الكردية ضد تركيا في بداية عملية غصن الزيتون، ثم ما لبث أن أصبح التعاون بين الجانبين علنيا، حيث سجلت العديد من التقارير الأسبوع الماضي وصول مليشيات موالية لنظام الأسد إلى مدينة عفرين التي تسيطر عليها مليشيات (YPY/PYD) الكردية، وذلك انطلاقا من مدينتي نبّل والزهراء الشيعيتين.
 
وتفيد بعض المصادر بأن الجانب الإيراني لعب الدور الأكبر في تأمين التوصل لمثل هذا الاتفاق بين الجانبين، كما أن مشاركة مليشيات شيعية موالية للحرس الثوري الإيراني في الاشتباك مع القوات التركية في محيط عفرين تؤكّد على النقطة ذاتها. 

وبموازاة ذلك، قامت المليشيات الكرديّة أول أمس بتسليم العديد من المناطق في حلب إلى النظام السوري، وذلك استنادا إلى اتفاق تم التوصل إليه بين الجانبين، ويقال إن روسيا لعبت دورا فيه، وأمّنت تنفيذه.
 
الهدف المعلن لكل هذه الترتيبات العمل على صد عملية غصن الزيتون التي تهدف إلى تحرير عفرين من المليشيات الكرديّة. 

المشهد يبدو طبيعيا، المليشيات الكردية في تحالف مفتوح مع نظام الأسد بدعم من إيران وروسيا، والعدو هو أنقرة. لكن الأمر غير الطبيعي أو الشاذ في هذا المشهد، أن الولايات المتحدة في تحالف مفتوح أيضا مع المليشيات الكردية في سوريا.
 
في كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلن تيلرسون عن الخطوط العريضة للاستراتيجية الأمريكية في سوريا، مشيرا إلى أنها تسعى إلى تحقيق أهداف عدة، على رأسها منع سيطرة الأسد على كامل سوريا، ومواجهة النفوذ الإيراني، ومنح سوريا استقرارا كافيا، يمكّن السوريين من الإطاحة بالأسد، وذلك من خلال الجنود الأمريكيين المتواجدين على الأرض هناك، والقوات الحليفة، أي قوات (قسد) التي تشكل مليشيات YPG الكرديّة الغالبية العظمى منها.
 
رفض تيلرسون آنذاك الآراء التي تقول إن الولايات المتّحدة هي الطرف الأضعف في سوريا، مشيرا إلى أن الجنود الأمريكيين والقوات الحليفة، أي المليشيات الكردية، تسيطر على حوالي 30 في المئة من البلاد، بالإضافة إلى الكثير من آبار النفط. 

وزيد على ذلك أن طلب البنتاغون دعاما لهذه المليشيات بقيمة 500 مليون دولار. ماذا يعني كل ذلك؟
 
الولايات المتّحدة تعتمد في استراتيجيتها على مليشيات كردية تتحالف مع نظام الأسد، وتعمل مع المليشيات الشيعية التابعة لإيران، فكيف من الممكن مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا ومنع سيطرة الأسد على كامل البلاد من خلال (YPG)؟ هذا يتنافى مع المنطق.

واشنطن تقوم عمليا بتدريب وتسليح مجموعة إرهابية تحصل في الوقت ذاته على أسلحة إيرانية وروسية، وتتلقى دعما مباشرا من الأسد، وفق هذا كلّه تخوض معركة مفتوحة مع تركيا التي من المفترض أنها حليف للولايات المتّحدة. 

هذه فوضى استراتيجية غير مسبوقة، وسيكون لها تداعيات أكبر من أن يتم السيطرة عليها أو احتوائها.  
 
أثبتت المليشيات الكرديّة (YPG) أنها أداة بيد الأسد كما كانت سابقا، وحينما تفشل في الاحتفاظ بالمناطق التي احتلتها، فإنها تقوم على الفور بتسليمها إلى النظام السوري، الأمر الذي يعني أن 30 في المئة من مساحة سوريا، مهددة بالعودة إلى الأسد مع تغيّر المعطيات. 

سيكون من المهم مراقبة ردود الفعل الأمريكية على هذه التطورات لاحقا. 

كثير من المراقبين لا يتوقعون تغييرات جذرية في الموقف الأمريكي، رغم الحقائق المذكورة أعلاه، لكن هذا يعني شيئا واحدا، أن واشنطن ستخدم بدعمها للمليشيات الكردية نظام الأسد، وهذا سيصب في نهاية المطاف في صالح إيران!
التعليقات (3)
العقيد ابو شهاب
الأحد، 25-02-2018 07:36 ص
لا توجد فوضى إستراتيجية يا أخي الكريم و إنما أعمال خبيثة مرتبة ترتيباً فائقاً . اللاعب الأكبر في سوريا هو أمريكا منذ عام 1963 و حتى اليوم ، لكن هذا اللاعب يمكن أن لا يظهر حين يوجد من يتولى اللعب لصالحه و يكتفي بالتنسيق و التوجيه ، و ظهوره يكون عند الاضطرار أي عند ملاحظة خطر داهم يتهدد سيطرته. بشار مثل حافظ من قبله كلاهما عملاء للأمريكان الذين رتبوا وصول الطائفة النصيرية للحكم . هددت الثورة عصابة الحكم بشدة ، فمنحوا الجيش النصيري رخصة القتل و القمع بقسوة و من دون محاسبة. بفضل الله ، حيَد الثوار الأبطال عدداً كبيراً من عساكر النصيريين و هرب جزء كبير منهم إلى خارج سوريا فحصل نقص في الكادر العسكري. لتعويض النقص ، أمرت أمريكا عملاءها من الحكام الفرس بإرسال مليشيات (كان على رأسها حزبالة اللبناني) فأرسلت 60 مليشيا شيعية . لكن هؤلاء فشلوا مثلما فشل النصيريون. في نهاية صيف عام 2015 ، اقتربت الثورة من النصر فتحرك أوباما و كيري نحو روسيا طالبين منها التدخل العسكري فوافقت بشرط تمويل ذلك. وصل ولي عهد الإمارات فجأة إلى موسكو بحجة واهية و هي حضور معرض لكنه قابل بوتين و أعطاه شيك بقيمة 6 مليار دولار كدفعة أولى و جرى تسريب هذه المعلومة ممن حضروا اللقاء. انطلق الطيران الروسي ليضرب بوحشية مدينة حلب في خريف 2015 و حرق الأخضر و اليابس فيها و فعل ذلك في مناطق أخرى من دون الرجوع إلى مجلس الأمن لأخذ تفويض بذلك و كان واضحاً للمراقبين أن أمريكا دعمت ذلك بل و إن كيري هدد أفراداً من المعارضة بأشهر من الجحيم "الروسي" إن لم يرضخوا لتسوية تجري فيها انتخابات يشارك فيها بشار. المليشيات الكردية الإرهابية هي أدوات أمريكية بامتياز و عملها الأساسي التخريب في تركيا . تحرَك جيش تركيا لضربها ، استدعى أن يأتيها الدعم من بقية أدوات أمريكا في المنطقة رغم أن هذه المليشيات أقوى من عصابة بشار و من مليشيات الفرس. الأصل في تركيا أن تستمر حتى يتم تطهير كل من يهدد أمنها ، و لسوف تستمر أمريكا بالتآمر على تركيا ، لكن الله غالب.
AXZ
الأحد، 25-02-2018 02:27 ص
أمريكا تري أن إيران هي القوة الوحيدة التي تستطيع السيطرة علي المنطقة في غياب و خنوع العرب و رعبهم من سقوط عروشهم كما أنها لا تريد لتركيا أي تعاظم في نفوذها الإقليمي
سامر
السبت، 24-02-2018 07:51 م
احسنت. كل ما تفضلت به صحيح المحصلة النهائية ان كل ما تفعله امريكا في سوريا والعراق واليمن يصب في النهاية لصالح إيران، لكن هل يعي ذلك السعوديون؟!! بصراحة أشك في ذلك لان عبائهم طاغي على كل شيء بحيث حتى العميل لا يقدم على اتباع سياستهم الحالية بل بالعكس السعودية ايضا من حيث تدري او لا تدري تحارب تركيا وتدعم المليشيات الكردية بمعنى انها ايضا تخدم مخططات ايران!!!!