ملفات وتقارير

الحراك الاجتماعي بالجزائر: تصعيد بريء أم صراع نخب؟

أويحيى هاجم المتظاهرين وشكك بمطالبهم - جيتي
أويحيى هاجم المتظاهرين وشكك بمطالبهم - جيتي

اتهم الوزير الأول الجزائري، أحمد أويحي، الجمعة، أطرافا سياسية في الداخل، قال إنها تناور سياسيا، وتقبع وراء الحراك النقابي والاجتماعي الخطير، الحاصل في البلاد، تحسبا لانتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل.


وأفاد أويحي، مستغلا احتفالا نظمه حزبه، التجمع الوطني الديمقراطي، بمحافظة تلمسان، أقصى غرب الجزائر، بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب 24 شباط / فبراير، أن " الحراك الاجتماعي الذي تعرفه البلاد من احتجاجات في عديد القطاعات خاصة قطاعي التدريس  والصحة، مناورات سياسية على طريق الانتخابات الرئاسية المقررة لسنة 2019".


وتابع الوزير الأول الجزائري، أن أطرافا، لم يسمها " تهدف إلى زعزعة استقرار الجبهة الاجتماعية "، مشددا  "ستكون البلاد بحاجة إلى قوى تتصدى لهذه المناورات التي يلتزم التجمع الوطني الديمقراطي بالمساهمة في مقاومتها".

 

ودعا أويحي إلى "المزيد من التجند والحذر من طرف التيار الوطني لمقاومة هذه المناورات".


أخطر حراك منذ 2011

 

وتعيش الجبهة الاجتماعية بالجزائر غليانا شديدا، موسوما بحراك اجتماعي، هو الأخطر من نوعه منذ العام 2011، حيث شهدت البلاد موجة مظاهرات اقترنت مع موجة الربيع العربي، لكنها سرعان ما أخمدت بعد إقرار الرئيس بوتفليقة حزمة إصلاحات سياسية آنذاك.


وتحولت إضرابات يشنها آلاف المدرسين بقطاع التربية والتعليم بعد تحالف خمس نقابات، وأيضا الأطباء المقيمون بقطاع الصحة، إلى أزمة سياسية بالبلاد، بظل قبضة حديدية ملحوظة بين الحكومة والمضربين، منذ بداية شهر كانون الثاني/ يناير الماضي.

 

وتخشى السلطة بالجزائر، أن تستمر حالة الاحتقان التي أفرزها الحراك الاجتماعي، إلى انتخابات الرئاسة المقررة شهر نيسان/ أبريل من العام المقبل، خاصة أن هذا الاحتقان مدعوم أيضا باحتجاجات تندلع من حين لآخر ببعض المحافظات بسبب غلاء المعيشة، بحسب ملاحظين.

 

ويعتقد المحلل السياسي  الجزائري، مالك زيدان بتصريح لـ "عربي21"، الجمعة أن " تصريح الوزير الأول المعبر عنه اليوم من محافظة تلمسان، دليل على أن مخاوف السلطة، أو جزء منها، صارت حقيقية".


 متابعا: "لكني لا أعتقد أن الحراك الاجتماعي الموسوم بالإضرابات التي تحولت إلى أزمة سياسية حقيقية، تحركه أطراف معينة، سواء من داخل منظومة الحكم أو من خارجها، على خلفية انتخابات الرئاسة، بل هو حراك ناتج عن سيرورة طبيعية لأوضاع اجتماعية بدأت تتدهور منذ فترة".

 

 ويرى زيدان أن " قول الوزير الأول بوجود مناورات سياسية على طريق انتخابات الرئاسة، لا ينسجم مع حقائق الأمور، ففي العام 2014، انتخب الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة، بأريحية تامة، لكن بعد الانتخابات مباشرة شهدت قطاعات التربية والجمارك والصحة والموانئ والسكك الحديدية، إضرابات".

 

ويرى متابعون أن غياب بوتفليقة عن المشهد العام بالجزائر، فاقم الأوضاع بأكثر حدة، بوقت لم تتوضح مؤشرات حول هوية من يستخلف الرئيس الجزائري بانتخابات العام المقبل، أو أن بوتفليقة نفسه البالغ من العمر 80 عاما، سيعلن ترشحه لولاية خامسة في ظل  مطالبات من سياسيين وأعضاء من المجتمع المدني، تدعوه إلى ذلك.

 

صراع نخب؟

 

ويشير مدني مرزوق، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بالجزائر، إلى أن " مصير البلاد يكتنفه غموض خطير، ويوحي بعدم استقرار عصب بالسلطة على مرشح توافق يستخلف بوتفليقة بدفة الحكم"، وأضاف: " قول الوزير الأول اليوم بوجود مناورات سياسية على طريق انتخابات الرئاسة، معناه أن هناك صراعا بأعلى هرم السلطة، حول تسمية الرئيس المقبل وسط تضاؤل فرص ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة بسبب المرض".

 

 ويفيد مدني، بتصريح لصحيفة "عربي21"، الجمعة " أن ما عبر عنه أويحي، بمنزلة رسالة لفريق رئاسي منافس للرئيس بوتفليقة، بضرورة عدم تجاوز الخطوط الحمراء بإدارة الصراع، وهو أيضا تحذير من استعمال الحراك النقابي في الصراع الدائر بشأن من يدير دفة الحكم في الجزائر ما بعد نيسان/ أبريل 2019".

 

ويتابع مدني "بالنهاية، فإن الحراك الذي تشهده البلاد، ليس مدبرا من جهة معينة، بغرض إضعاف الرئيس بوتفليقة، وتحييده عن المشهد الانتخابي المقبل، ولكن، هناك من يسعى لركوب هذا الحراك العفوي لتصفية حسابات سياسية على علاقة بهذه الانتخابات".

 

وترفض النقابات المضربة في الجزائر الزج بحراكها في أتون الصراع الرئاسي، إذ أفاد مسعود بوديبة، رئيس نقابة "الثانويين" وهي أقوى نقابة بقطاع التربية بالجزائر، بتصريحات صحفية، الخميس "انتخابات الرئاسة لا تعنينا، لدينا مطالب مهنية وأخرى اجتماعية نريد أن تحققها الحكومة".

 

بدوره، قال عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، كبرى الأحزاب الإسلامية بالجزائر ( معارضة) الجمعة، إنه "لا جدوى من صراع العصب في السلطة تحسبا للرئاسيات".

 

وتابع مقري في خطابه، خلال مؤتمر لهياكل الحركة، عقد  بمدينة مغنية غرب البلاد، أن الجزائر" في أزمة لن تخرج منها إلا برؤية مشتركة، تتطلب وقتا وتضامنا وطنيا برؤية سياسية مستقبلية، وبآفاق مفتوحة وانتخابات شفافة غير مزورة ".

 

وتابع مقري: "رئاسيات 2019 لابد أن تكون في سياق وطني، وليس على شكل صراع عصب تتصارع على الحكم" .

 

اقرأ أيضا: الإضرابات تتواصل بالجزائر والحكومة تدعو للتهدئة بخطب الجمعة

التعليقات (0)