سياسة عربية

ما حقيقة التحولات الفكرية في سجون مصر؟ وما دور الأمن فيها؟

يقبع في سجون مصر المكتظة بساكنيها ما لا يقل عن 60 ألف معتقل جلهم من الشباب المنتمين للتيار الإسلامي- أرشيفية
يقبع في سجون مصر المكتظة بساكنيها ما لا يقل عن 60 ألف معتقل جلهم من الشباب المنتمين للتيار الإسلامي- أرشيفية

تحدث مهتمون بشؤون الجماعات الإسلامية في مصر عن وجود تحولات فكرية كارثية داخل سجون الانقلاب، موضحين أن تلك التحولات يقودها عناصر "تنظيم الدولة"، الذين يقومون بإقناع العناصر الجديدة بأهمية العمليات المسلحة، مؤكدين أن ذلك يتم تحت سمع وبصر قوات أمن الانقلاب في السجون.

ويعاني شباب مصر من تضييق في الحقوق والحريات والوظائف والسفر للخارج وانتشار البطالة والفقر، مع زيادة الفساد الإداري والحكومي، وغلق المجال العام أمام الشباب، واعتقال عدد كبير منهم بتهم سياسية، وإيداعهم السجون بلا محاكمات عادلة، وإصدار القضاء ضدهم أحكاما قاسية بالإعدام والسجن المؤبد.

ويقبع في سجون مصر المكتظة بساكنيها ما لا يقل عن 60 ألف معتقل، جلهم من الشباب المنتمين للتيار الإسلامي، خاصة جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، وسط حالة من اليأس من انفراج محتمل لأزمتهم، وتراجع الحديث عن ملف مصالحات مع النظام، وضياع آمالهم في الخروج من المعتقلات.

"القاعدة" و"الدولة"

 

هذا الحديث يتزامن مع رسالة زعيم تنظيم "القاعدة"، أيمن الظواهري، بعنوان "بشري النصر لأهلنا في مصر"، التي بثتها مؤسسة "السحاب" قبل أيام، ووجه فيها حديثه إلى المصريين، قائلا إن التنظيم سيعمل على القضاء على النظام المصري باستهداف القوات الأمنية، منتقدا سلمية الإخوان المسلمين وما اعتبره تخليا منهم عن الجهاد.

كما يتزامن حديث التحولات الفكرية مع ما توعد به "تنظيم الدولة" بسيناء في آخر إصداراته قبل أسبوع، باستهداف الكمائن الأمنية والمقار الانتخابية، وهو ما يعني تزايد وجود عناصر التنظيمين "القاعدة" و"الدولة" في مصر بشكل مطرد.

شهادة من السجون

 

من جانبه، كشف قيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أفرج عنه من سجون الانقلاب قبل شهور، أن هناك مخاوف لدى قيادات الجماعة من التحولات الفكرية لبعض الشباب؛ بسبب ما يتعرضون له من تعذيب قد يقودهم إلى السقوط في دوامة العنف، واعتناق الفكر المخالف لثوابت الجماعة وأدبياتها، خاصة أن عددا غير قليل من هؤلاء الشباب بالفعل لم يعد يوقن بسلمية الإخوان، وصار على استعداد لاعتناق أي فكر، ولو كان "تنظيم الدولة".

القيادي الذي اعتقل إثر انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسي، منتصف عام 2013، وتمت تبرئته رسميا من التهم الموجهة إليه في إحدى القضايا التي يحاكم فيها قيادات الإخوان، أكد لـ"عربي21"، أنه تجرى عمليات تعذيب واسعة بحق الشباب المعتقلين، خاصة الذين تم ضبطهم بتهم القيام بعمليات نوعية ضد قيادات شرطية وأمنية، وأن التعذيب لا يمكن وصفه ولا حتى الحديث عنه.

وذكر أنه يتم دق مسامير بعضلات وأجساد هؤلاء الشباب، وبعد ذلك يتم تعذيبهم بربط أسلاك كهربائية في تلك المسامير؛ لتعذيبهم بشكل دوري، قبل أن يتم رشهم بالمياه، ليكون الألم أشد فتكا، مؤكدا أن أمن السجون يتفننون في ابتكار وسائل وطرق التعذيب.

وأوضح أن عمليات التعذيب تلك قد تكون سببا مباشرا في تحول بعض هؤلاء المعتقلين فكريا واعتناق الفكر المتطرف.

استراتيجية أمن السجون

 

وقال الكاتب الصحفي، محمد شحاتة، إنه "منذ الثالث من تموز/ يوليو 2013، فإن استراتيجية أمن السجون بدأت بوضع جميع العناصر المتشددة مع أعضاء جماعة الإخوان والمسجونين الذين لا ينتمون إلي تيارات سياسية والجنائيين"، موضحا أن تلك السياسة شكلت صدامات بين العناصر المنتمين لتنظيم (الدولة) والآخرين".

شحاتة، المهتم بهذا الملف، أكد لـ"عربي21" وقوع بعض عمليات الصدام في سجون طرة شديدة الحراسة، واستقبال طرة وسجون المحافظات، مضيفا أن "عناصر تنظيم (الدولة) كانوا يرفضون تناول الطعام والصلاة مع رفقائهم في الزنزانة ذاتها من المنتمين للإخوان، وحدثت أكثر من مشادة بين الطرفين داخل الزنازين بأدوات الطعام، ما أوقع إصابات".

ونقل شحاتة شهادة بعض المعتقلين في السجون، الذين أكدوا له أنه تتم لقاءات بين قيادات أمن السجون وبين عناصر (الدولة) بشكل شهري في أغلب السجون، مضيفا: "وبشهادة بعض المعتقلين لي في السجون، فإن عناصر تنظيم (الدولة) يختارون من الجنائيين أفرادا يتم تجنيدهم"، مؤكدا أنهم يكونون صيدا سهلا بدعوة أنهم يتوبون عن جرائهم، وأن ما يفعلونه سيكفر عن أفعالهم التي ارتكبوها". 

وأضاف أن عناصر (الدولة) دأبوا على استغلال الأفراد الذين يميلون للعمل المسلح للحديث معهم في وقت التريض تحت أعين أمن السجن، مشيرا إلى أن التريض يعد الفرصة الأكبر للقاء المعتقلين ببعضهم البعض.

وأكد شحاتة أن عناصر (الدولة) يختارون الشباب الذين أوشكت مدة حبسهم على الانتهاء، أو من المحبوسين احتياطيا؛ لتجنيدهم كعناصر لهم، بعد أن يتم إخلاء سبيلهم، مدللا بذلك على ما حدث مع الشاب (محمود شفيق)، الذي كان دائم التواجد في المظاهرات السلمية الرافضة لنظام السيسي، وتم تجنيده فكريا، وبعد أن أخلي سبيله تحول إلي عنصر فعال، وتم استخدامه في تفجير كنيسة العباسية في القاهرة نهاية 2016.

ويرى شحاتة أن بعض الشباب من تيارات الإخوان وغير الإخوان ناقمون على الخيار السلمي الذي تتخذه الجماعة، ويجدون في عناصر (الدولة) الحاضنة الفكرية التي تتقبلهم، مؤكدا أن "الأمر ما زال مستمرا".

وأشار إلى أن كثرة الصراعات داخل ساحات السجون جعلت بعض السجون تلجأ لفصل عناصر (الدولة) عن الإخوان، بالإضافة إلي فشل الأولى في إقناع الشباب المنتمين للإخوان، وتأثير المعتقلين من الإخوان على بعض المنتمين فكريا لتنظيم (الدولة) وتغيير أفكارهم.

التعليقات (1)
مصري جدا
الأربعاء، 21-02-2018 01:59 ص
تجربتي الشخصية خلال مدة سجني قرابة السنوات ال4 الماضية في 3 سجون هي ،،، اولا ،، لا توجد استراتيجية امنية في التعامل مع السجناء وفقا للتصنيف الفكري والعقدي بل العقلية الادارية الروتينية هي السائدة من حيث الضبط والسيطرة من طرف ادارة السجون لتمر الايام دون مشاكل او اعباء ،،، ثاتيا ،، تسكين السجناء الجهاديين بمختلف جماعاتهم في عنبر واحد بعيدا عن باقي السجناء خاصة الاخوان ،،، ثالثا ،،، وجود مماحكات محدودة في العنابر المشتركة ان وجدت وحرص سجناء الاخوان على استيعاب غيرهم لتمر الايام دون مشاكل ،،، رابعا ،،، عدم وجود تعامل فكري واضح ومعلن من جهة الادارة تجاه السجناء بصورة مباشرة او غير مباشرة ،،، خامسا ،،، غلبة نزعة ومشاعر الكراهية و العنف تجاه النظام كرد فعل طبيعي للمعاناة والظلم الذي يعانيه السجناء لكتها في الغالب مشاعر وحماسة لا فكر وعقيدة ،،، سادسا ،، لا توجد تحولات فكرية لكن في الغالب الاعم كل سجين له تجربته الخاصة ان لم يكن عالمه الخاص ،،،، سابعا ،،، وهو الاخطر ،، طول مدة السجن مع الشعور بالظلم والمعاناة ينتج بكل تاكيد نفسية مشوهة في جميع الحالات مع اختلاف نوع التشوه ،،بين الانطواء والعزلة ،،، او الغلو والتشدد ،،، ولربما كليهما معا