حقوق وحريات

بعد اعتقال "ودنان".. هذه رسالة السيسي للصحافة والمعارضة

الصحفي معتز ودنان اعتقل عقب مقابلة مع هشام جنينة- أرشيفية
الصحفي معتز ودنان اعتقل عقب مقابلة مع هشام جنينة- أرشيفية

تزامنت تحركات برلمانية مصرية لتغليظ عقوبة نشر أخبار "تضر بمصالح الدولة في جهات خارجية"، مع اعتقال السلطات المصرية للصحفي معتز ودنان على خلفية إجرائه حوارا صحفيا مع المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي السابق.

وتقدم عضو البرلمان المصري، إيهاب غطاطي، مطلع هذا الأسبوع، باستعجال موقع من 60 نائبا، لمناقشة تعديل سبق أن قدمه على المادة 80 من قانون العقوبات، الخاصة بنشر "أخبار من شأنها الإضرار بالدولة والتحريض عليها من الخارج"، لتصل العقوبة للإعدام. 

وكانت العقوبة تكتفي بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تتجاوز الـ500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وهذه الحالة التي تشهدها مصر تجاه الإعلام، رغم السيطرة شبه الكاملة عليه من جهاز المخابرات المصرية، أثارت تساؤلات عما يخشاه النظام القائم من الإعلام، رغم كل هذه السيطرة.

وكان الصحفي المعتقل ودنان كشف في اللقاء مع جنينة عن وجود وثائق لدى سامي عنان تدين السيسي وقيادات في المجلس العسكري.

 

اقرأ أيضا: مرصد حقوقي: اعتقال "معتز ودنان" انتهاك صريح للدستور والقانون

من جانبه، قال الخبير في الحملات الإعلامية يحيى عبد الهادي، لـ"عربي21"، إن "النظام في مصر يعلم خطورة الإعلام على مخططاته، ما دفعه لمواجهة الإعلام منذ الساعة الأولى لانقلابه، ولذلك، فإن ما جرى مع الصحفي معتز ودنان والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ومن قبلهم الفريق سامي عنان والمستشار جنينة بمثابة رسائل يوجهها السيسي للصحفيين والمعارضين في آن واحد". 

وأوضح أن السيسي أنه لن يسمح إلا بصوت واحد يؤيد ويدعم ويهلل له ولنظامه.

ورأى عبد الهادي أن "بصمات اللواء عباس كامل واضحة في ما جرى مع ودنان تحديدا، وهي رسالة كذلك للصحفيين الذين مازال لديهم ضمير رافض لما يجري في مصر، ويريد نقله للعالم من خلال الوسائل الإعلامية المتاحة"، وفق قوله.

وتوقع عبد الهادي أن "تزيد القبضة الأمنية تجاه الصحافة والإعلام، باعتبار أن هامش الحرية الذي كان يظن أن السيسي يستخدمه في تجميل صورته يمكن أن يأتي بنتائج عكسية، كما حدث مع الانتقادات التي وجهتها لميس الحديدي وزوجها عمرو أديب لما جرى مع المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية".

وأشار عبد الهادي إلى أن "السيسي ونظامه تعاملوا مع الإعلام على أنه رأس الحربة في حروب الجيل الرابع، بالتالي، كان الهدف هو تحويل الإعلام المصري لإعلام الصوت الواحد حيث لم يعد مسموحا بوجود أي أصوات معارضة أو حتى مستقلة بدليل حجب أكثر من (466) موقعا إلكترونيا مصريا وعربيا ودوليا".

حرب الساعات الأولى

من جهته، قال الكاتب الصحفي ورئيس المرصد العربي لحرية الإعلام قطب العربي لـ"عربي21" إن "السيسي بدأ عهده بغلق كل المنابر المعارضة من قنوات وصحف ومواقع، وترك بقية المنابر التي تناغمت معه والأخرى التي كانت جزءا منه، ولم يمر وقت طويل حتى بدأ يتخلص من بعض الوجوه الإعلامية البارزة التي تنتمي لمعسكر 30 يونيو، بإبعادها عن الشاشات بشكل مباشر أو غير مباشر". 

ودفع الأمر بعض الإعلاميين للاستقالة، كما حدث مع يسري فودة وريم ماجد وبلال فضل وإبراهيم عيسى وتوفيق عكاشة، الذي كان يزعم أنه مفجر ثورة 30 يونيو. 

وتم منع مقالات لكتاب كانوا محسوبين على معسكر 30 يونيو، مثل سليمان الحكيم وغادة الشريف وعلاء الأسواني وسيد حجاب ومعصوم مرزوق وغيرهم.

وأكد العربي أن الهاجس الرئيس للسيسي هو "كيف يسيطر تماما على المنظومة الإعلامية، كما سيطر على المنظومة الأمنية، فهو يدرك أن هذه المنظومة كانت سلاحا قويا لإسقاط حكم الرئيس مرسي، ويمكن أن تفعل الشيء ذاته معه". 

وقال: "من هنا بدأت عملية السيطرة بإبعاد الوجوه الإعلامية ذات الشعبية والتي تتمتع بقدر من الاستقلالية".

وأشار رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام، إلى أن الخطوة التالية للسيسي كانت الأكثر جذرية، وهي السيطرة الأمنية على القنوات نفسها، وتأسيس قنوات جديدة خالصة للمخابرات مثل "دي إم سي"، وشراء أخرى مثل "أون تي في" و"سي بي سي" و"الحياة" و"العاصمة" و"القاهرة والناس"، وبعض الصحف والمواقع مثل "اليوم السابع" و"الوطن" و"صوت الأمة" و"مبتدأ" و"دوت مصر".

وأضاف العربي أن السيطرة وصلت لحد وضع ضباط جيش وشرطة على رأس تلك القنوات أو ضمن هياكلها الإدارية لضمان التزامها التام بالخط السياسي، والقيام باتصالات يومية من ضباط المخابرات الحربية بمعدي ومقدمي البرامج لتلقينهم ما يقولون بشأن الأحداث المختلفة، وفق قوله. 

وكان ذلك ظهر في تسريبات الضابط أشرف الخولي، التي أذاعتها قناة مكملين وقبلها صحيفة "نيويورك تايمز".

التعليقات (0)