صحافة دولية

صحيفة ألمانية: "صمت القبور" في مصر قبل الانتخابات الرئاسية

صحيفة "شتوتغارتر ناخريشتن": كل من تسول له نفسه انتقاد الوضع الراهن سيكون عرضة للضرب والسجن
صحيفة "شتوتغارتر ناخريشتن": كل من تسول له نفسه انتقاد الوضع الراهن سيكون عرضة للضرب والسجن
نشرت صحيفة "شتوتغارتر ناخريشتن" الألمانية تقريرا، سلطت فيه الضوء على ما اعتبرته "صمت القبور" الذي يخيم على الشارع المصري قبل الانتخابات الرئاسية، في ظل سعي نظام عبد الفتاح السيسي لإسكات كل صوت منتقد له.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن حالة من الخوف تسيطر على الرأي العام المصري، بعد أن تم سجن كل من طالب بمقاطعة الانتخابات، وذلك بالتزامن مع تفاقم الحالة الاقتصادية المتردية التي يعاني منها المصريون.

وفي الأثناء، لم تكن الأجواء في القاهرة خلال يوم الأحد الفارط الموافق للحادي عشر من شباط/فبراير الجاري، تدل على مظاهر الفرح أو الاحتفال بذكرى تنحي الرئيس السابق، حسني مبارك، في أعقاب 18 يوما من المظاهرات الحاشدة في ميدان التحرير.

وأضافت الصحيفة أن المصريين خلال هذه الفترة من سنة 2011، كانوا يحتفلون بانتصارهم على الدكتاتورية، ويحلمون بمستقبل أفضل تحت شعار الثورة "عيش، حرية، عدالة اجتماعية". مع ذلك، باتت تلك النشوة الثورية اليوم، أشبه بحلم بعيد. وعوضا عن ذلك الزخم الثوري، يسود في مصر الآن، "صمت القبور". وفي خطوة استباقية للانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها في آذار/مارس المقبل، نجحت الأجهزة الأمنية التابعة للجنرال البالغ من العمر 63 سنة، في التخلص مسبقا من كل المنافسين الجادين له.

وأوردت الصحيفة أن الحملة الانتخابية في مصر ستنطلق بشكل رسمي خلال الأسبوع المقبل. في الأثناء، لم يتبق شيء لأكثر من 95 مليون مصري للنقاش حوله، إذ إن كل من تسول له نفسه انتقاد الوضع الراهن، سيكون عرضة للضرب والسجن.

وأكدت الصحيفة في هذا السياق، أن أكثر من 500 موقع إخباري وصحفي تم إيقاف عملها، كما تتالت عمليات المداهمات التي استهدفت دور النشر، في حين أصبحت الاعتقالات في صفوف الكتاب والصحفيين، ممارسة يومية. وفي الوقت الحالي، يقبع 31 صحفيا وراء القضبان في مصر، حيث غالبا ما يكون ذلك في أسوأ الظروف، بينما اختفى مراسلون آخرون دون ترك أي أثر.

وبينت الصحيفة أن ضباط الجيش وأجهزة المخابرات المصرية عازمون على فرض وجود "رجلهم" في السلطة، تماما مثلما فعلوا خلال سنة 2014. من جانبه، يعلم السيسي جيدا أن الولايات المتحدة ودول أوروبا، لن تنتقد كثيرا انتصاره الزائف في الانتخابات في نهاية المطاف، لأنها تحتاج بكل بساطة إلى وجود حاكم في القاهرة يكون حليفا لها في الحرب على الإرهاب، وذراعها في التصدي لتدفق المهاجرين.

وذكرت الصحيفة، في المقابل، أن 14 منظمة حقوقية مصرية ودولية، عبرت عن انتقادها للظروف التي ستُجرى فيها الانتخابات، واصفة إياها بالمهزلة المخطط لها، وبأنها ليست بالحرة ولا بالعادلة. علاوة على ذلك، دعت هذه المنظمات واشنطن وقيادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل إلى وقف تقديم مساعداتها للنظام القمعي المصري، ووضع حد للتنسيق مع شرطة السيسي.

وأوضحت الصحيفة، نقلا عن البيان الذي أصدرته هذه المنظمات، أنه "بعد سبع سنوات من الثورة المصرية التي قامت في سنة 2011، تقوم الحكومة باضطهاد الحقوق الأساسية التي كافح المتظاهرون من أجل الحصول عليها". كما دعت حوالي 600 من الشخصيات العامة في مصر، الشعب إلى مقاطعة الانتخابات، التي ستُقام بين 26 و28 آذار/مارس. من جانبه، قال حفيد الرئيس المصري السابق، أنور السادات، محمد أنور السادات، الذي سحب هو الآخر ترشحه للرئاسة، بعد تعرضه لتهديدات جدية: "لقد أصبحت مصر أضحوكة العالم".

وقالت الصحيفة إن السيسي قد تم انتخابه كرئيس للبلاد قبل أربع سنوات، في غمرة انتخابات شابها الكثير من التجاوزات. وتجدر الإشارة إلى أن نسبة الأصوات المؤيدة للسيسي بشكل رسمي بلغت 97 بالمائة، مع العلم أن شرائح واسعة من الشعب المصري قاطعت التصويت، وخاصة شريحة الشباب ممن تقل أعمارهم عن 30 سنة. وبناء على ذلك، رجح مراقبون غربيون أن نسبة المشاركة آنذاك، كانت تتراوح في الحقيقة بين 20 و25 بالمائة.

وأضافت الصحيفة أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مصر باتت الآن أكثر سوءا مما كانت عليه في 2014، حيث وصلت نسبة التضخم إلى مستويات قياسية، كما ارتفع عدد المصريين القابعين تحت خط الفقر، وباتت الشوارع مليئة باللامبالاة والصمت، مع انتشار حالة من الرعب.

وذكرت الصحيفة أن الطبقة الوسطى تعرضت أيضا إلى ضرر اقتصادي كبير، وتراجعت قدرتها الشرائية بشكل واضح، بسبب التقلبات التي تعرض لها الجنيه المصري في سنة 2016، وبالتالي، حتى العائلات المصرية ذات الدخل الجيد لم تعد قادرة على دفع نفقات دراسة أبنائها.

وفي سياق آخر، أشارت الصحيفة إلى تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، كشفت من خلاله عن دخول طائرات إسرائيلية لشبه جزيرة سيناء، وتنفيذها لعمليات عسكرية سرية بموافقة النظام المصري. في المقابل، نفى السيسي تلك التقارير، وأمر خلال الأسبوع الماضي بإغلاق كامل لمنطقة شمال سيناء، في حين أرسل أعدادا كبيرة من الدبابات والجنود إلى هناك. وفي هذا الصدد، صرح السيسي بنبرة غاضبة أن "القوى التي تريد تدمير أمن مصر سيتم تدميرها".

وفي الختام، نوهت الصحيفة إلى أن السيسي لم يفُتْه أيضا تحذير كل من لا يزال يتذكر أحداث الربيع العربي في سنة 2011، مؤكدا أن من يأملون في إعادة ما حدث قبل سبع سنوات لن ينجحوا في ذلك.

0
التعليقات (0)