سياسة عربية

موريتانيا.. جدل حول مشاركة حذفها فيسبوك عن الأرقاء السابقين

البعض اعتبر أن إعادة فتح قضية الرق ضرب للوحدة الوطنية- أرشيفية
البعض اعتبر أن إعادة فتح قضية الرق ضرب للوحدة الوطنية- أرشيفية

أعادت تدوينة نشرها الكاتب الموريتاني الهيبة ولد الشيخ سيداتي بشأن تهميش شريحة الأرقاء السابقين في البلاد، الجدل مجددا حول موضوع العبودية الذي يؤرق السلطات في موريتانيا منذ استقلال البلاد عام 1960.

وتصاعدت حدة الجدل، بعد أن أقدمت إدارة "فيسبوك" على حذف التدوينة المثيرة للجدل.

ونشر الكاتب ولد الشيخ سيداتي تدوينة تضمنت إحصائيات عن حضور شريحة "الأرقاء السابقين" قطاع العدالة.

وقال إنه "من بين 260 قاضيا هم مجموع القضاة في موريتانيا يوجد حوالي تسعة من شريحة الحراطين (الأرقاء السابقين) وثمانية من الزنوج الأفارقة".

ومن بين 293 محاميا هناك حوالي 20 منهم فقط من الأرقاء السابقين "في المقابل يوجد في سجون موريتانيا 2400 سجين غالبيتهم من شريحة الأرقاء السابقين، 50% منهم لم ينالوا حقهم في محاكمة" وفق قوله.

وبعيد نشره للتدوينة سارع "فيسبوك" لحذفها وهو ما أثار ضجة واسعة على مدى الأيام الماضية، بين منتقد لقرار "فيسبوك" ومن يرى أن الدوينة كانت عنصرية بامتياز.

ورأى الكاتب الصحفي الموريتاني أحمد ولد سيدي، أن التدوينة أوردت أرقاما وإحصائيات لا أكثر وأن القرار الذي اتخذته إدارة "فيسبوك" بحذفها لم يكن مبررا.

وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن شريحة الأرقاء السابقين عانت طيلة العقود الماضية من تهميش واضح وإن الحديث عن ذلك من غير الوارد تصنيفه عنصرية أو إثارة للفتنة.

أما الناشط السياسي والمدون باب أحمد ولد حمادي فقد وصف التدوينة بـ"العنصرية" محذرا من أن صب الزيت على النار بين مكونات الشعب الموريتاني من شأنه أن يهدد استقرار البلد.

ولفت في تصريح لـ"عربي21" إلى أن مثل هذه المنشورات غير مقبول، معتبرا أن ما تحدث عنه صاحب التدوينة غير صحيح وملف العبودية تم طيه منذ سنوات كما أن "الولوج للوظيفة يتم عبر مسابقات يشارك فيها الجميع ومن كل شرائح المجتمع".

وأضاف: "مثل هذه المنشورات لا تخدم قضية الأرقاء السابقين ومن شأنها فقط الإضرار بوحدة البلاد الوطنية والعبث بانسجام مكونات شعبها".

جدل على منصات التواصل

واحتدم الجدل بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي، التي باتت أهم المنابر التي يستغلوها السياسيون والإعلاميون والنشطاء بموريتانيا لإثارة كل القضايا محل الخلاف.

ووصف الناشط السياسي شيخنا ولد محمد فال التدوينة التي نشرها ولد الشيخ سيداتي بأنها مستفزة إلى حد كبير، لافتا في تدوينة عبر حسابه الشخصي على "فيسبوك" بأنه الهدف من نشر هذه التدوينة "محير وغامض".

أما الإعلامي والمذيع بقناة (المرابطون) الموريتانية الخاصة أحمد ولد وديعة، فعلق على صفحته الشخصية عبر "فيسبوك" قائلا: "حذف إدارة فيسبوك لتدوينة مدينة لممارسات عنصرية واختلالات اجتماعية في التمثيل في المؤسسات العمومية تصرف خطير، يجب أن يقابل باحتجاج واسع من مناهضي العنصرية وأنصار العدل حتى تدرك إدارة فيسبوك حجم الخطأ الذي وقعت فيه نتيجة تبليغات كاذبة من حماة العنصرية وحراس الوهم".

بدوره علق الإعلامي والمذيع بالتلفزيون الموريتاني الحكومي، الشيخ معاذ سيدي عبد الله، على الجدل المثار بهذا الخصوص قائلا: "نعم أنا شخصيا أختلف مع الأستاذ الهيبة في طريقة كتابته الحقوقية القائمة على تقنية (التذكير) ليس لأنني أنكر ما قاله ولكن لكونه يتضمن تحميلا - ربما عن حسن نية - للأجيال الحالية مسؤولية الحيف الذي ما زال محيقا بالحراطين وهو حيف لم يعد هناك خلاف على ضرورة رفعه".

وأضاف عبر حساب على فيسبوك:" نحن كموريتانيين بجميع أعراقنا نعترف بأن الحراطين تعرضوا عبر تاريخهم لمستوى مهول من الاستعباد ، قبل نشأة الدولة الوطنية بقرون، ونعرف أن هناك سياجا ثقافيا حمى تلك الممارسات الاستعبادية، وهو بحاجة لغربلة ومناقشة وفضح".

وتابع :"الدولة الوطنية التي نشأت في الستينيات كانت امتدادا للحالة الاجتماعية التي كانت سائدة وكانت ملفات النشأة والوجود هي الأولوية بالنسبة لها، فهل يعقل أن نقارن بين نسبة الحراطين في مفاصل الدولة التي عمرها نصف قرن الآن بغيرهم من الأعراق وهم الذين يحاولون في بحر طقوسي هائج نفض غبار قرون عديدة من الظلم".

هل قضي على العبودية بموريتانيا؟

رسميا ألغت موريتانيا العبودية في العام 1981، خلال حكم الرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيدالة، ومنذ ذلك الحين تؤكد الحكومات المتعاقبة على البلاد أنها تتصدى لظاهرة العبودية بحزم من خلال القوانين التي تجرم الممارسات الاستعبادية وتعاقب الفاعلين وتكفل حقوق الضحايا.

وهي تؤكد مضيها في محاربة آثار هذه الظاهرة والحد من تبعاتها والقضاء على آثارها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على المجتمع الموريتاني ككل.

وأنشأت موريتانيا محاكم متخصصة في عام 2015 لمقاضاة قضايا الرق. وتقول إن التحدي اليوم يتمثل في معالجة الآثار الاجتماعية والاقتصادية للظاهرة.

لكن المنظمات الحقوقية تكشف من حين لآخر عن حالات من الرق في مناطق من البلاد، خصوصا في المناطق الريفية البعيدة عن المدن الكبرى، وتؤكد أن الظاهرة لا تزال موجودة.

 

 

التعليقات (0)

خبر عاجل