اقتصاد عربي

"الشيكات المرتجعة" تعكس صورة تردي الوضع الاقتصادي بفلسطين

 سلطة النقد أعادت قبل عدة سنوات القيمة الاعتبارية والنقدية لورقة الشيك البنكي
سلطة النقد أعادت قبل عدة سنوات القيمة الاعتبارية والنقدية لورقة الشيك البنكي
أظهرت بيانات نشرتها سلطة النقد الفلسطينية عن تخطي قيمة الشيكات المرتجعة في البنوك الفلسطينية للعام الماضي لمستويات قياسية بوصولها لـ1.15 مليار دولار، بعد أن وصلت في العام الماضي ما قيمته 831 مليون دولار، و670 مليون دولار في العام 2015.

أما عن عدد ورقات الشيكات المرتجعة، خلال العام الماضي، فبلغت 735479 ورقة شيك مرتجعة، وترفض البنوك صرف الشيكات المقدمة لها للعديد من الأسباب، أهمها عدم كفاية الرصيد، ووجود أخطاء فنية على ورقة الشيك.

أسباب الظاهرة

بدوره قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الأقصى بغزة، عبد الحكيم الطلاع، إن "انتشار ظاهرة الشيكات المرتجعة تعود إلى مجموعة من العوامل، أهمها الركود وسوء الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية؛ فضعف الإنفاق من قبل المواطنين على شراء السلع يؤدي إلى انعدام السيولة لدى التجار، وبذلك لا يستطيع التاجر أو المواطن تغطية الشيكات الواردة في حساباته الخاصة في البنوك".

وأضاف الطلاع في حديث لـ"عربي21" أن "انتشار ظاهرة الشيكات المرتجعة تعطي صورة سلبية عن النشاط الاقتصادي داخل الدولة، ومن جهة أخرى فإنها ( الشيكات المرتجعة) تعكس ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين داخل الاقتصاد، وفي الحالة الفلسطينية فإن القصور في النظام المصرفي هو أحد الأسباب لتزايد انتشار هذه الظاهرة؛ لأن البنوك تتسابق فيما بينها لإصدار دفاتر للشيكات بمجرد دفع حامله مبلغ التأمين الذي لا يتجاوز 300 دولار".

كما أظهرت بيانات سلطة النقد أن إجمالي قيمة الشيكات المقدمة للصرف (مرتجعة ومصروفة) خلال العام الماضي، وصلت إلى 15 مليار دولار.

أما وكيل وزارة الاقتصاد الوطني في غزةـ، أسامة نوفل، فعزى أسباب انتشار ظاهرة الشيكات المرتجعة في غزة، إلى أن "جزءا كبيرا من الأموال المستثمرة داخل القطاع ليس لها عائد مالي في الأجل القصير، وهذا ما يتسبب في عدم تغطية الشيكات في البنوك".

وبين نوفل في حديث لـ"عربي21" أن "عدد قضايا الذمم المالية في محاكم غزة بسبب ظاهرة الشيكات المرتجعة، وصلت إلى 43 ألف قضية خلال العام 2017، وهو ما ينذر بكارثة حقيقية قد وصلت إليها بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة، التي تمر بها غزة بسبب الحصار الإسرائيلي وإجراءات السلطة الفلسطينية بحق القطاع".

ونبه نوفل إلى أن "الشيكات المرتجعة تحدث خللا في التعاملات المالية، وتؤدي إلى فقدان المصداقية، وتقلل من فرص تدوير رأس المال العامل؛ لذلك تلجأ العديد من الشركات إلى عدم إصدار أية شيكات قبل التأكد من تحصيل مبالغ الشيكات الواردة".

معالجة الظاهرة

يشار إلى أن سلطة النقد أعادت قبل عدة سنوات القيمة الاعتبارية والنقدية لورقة الشيك البنكي، بإطلاق نظام تصنيفات يفرض ضوابط وعقوبات على متداولي الشيكات البنكية دون رصيد.

وتصل العقوبات وفق هذا النظام إلى وقف إصدار أية شيكات للمتداولين الذين لا تصرف شيكاتهم نتيجة لعدم توفر الرصيد، بالإضافة لتحويل من يثبت تورطه أكثر من مرة في قضايا الشيكات المرتجعة بتحويل أوراقه إلى النيابة، التي قد تأمر بحبس المتهم لعدة سنوات نتيجة هذه المخالفة.

وأعلن محافظ سلطة النقد، عزام الشوا عن إطلاق جملة من القرارات للحد من ظاهرة الشيكات المرتجعة، من أبرزها إطلاق نظام المقاصة الإلكتروني الذي سيعمل على ضبط وتنظيم عمليات تداول الشيكات وفقا للمعايير والممارسات الدولية؛ مما سينتج عن ذلك توفير السيولة اللازمة لقطاع المنشآت والشركات في أوقاتها المحددة والمتوقعة.

خطوات غير كافية

من جانبه وصف المختص في الشؤون الاقتصادية والمالية، نهاد نشوان، الإجراءات التي أعلنت عنها سلطة النقد للحد من ظاهرة الشيكات المرتجعة بأنها "ليست كافية، لأن المشكلة الحقيقية لهذه الظاهرة مرتبطة بالأوضاع الاقتصادية وانعدام السيولة داخل السوق الفلسطيني".

وأضاف الخبير المالي في حديث لـ"عربي21" أنه "يجب على سلطة النقد أن تصدر تعليماتها للبنوك بوقف صرف دفاتر الشيكات للمواطنين أو التجار إلا بشروط معينة، كما أن على البنوك أن تضع قائمة بأسماء العملاء الذين ثبت تورطهم في إصدار شيكات دون تغطيتها برصيد حقيقي".
0
التعليقات (0)