مقالات مختارة

إجابات رئاسة الجمهورية ليست مطمئنة

جمال سلطان
1300x600
1300x600

ردت رئاسة الجمهورية اليوم الأحد على التساؤلات التي شاعت أمس حول عمليات المواجهة الشاملة مع الإرهاب، وخاصة السؤال الأبرز : لماذا تأخر السيسي عن إعلان المعركة الشاملة ضد الإرهاب خمس سنوات تقريبا منذ حصل على تفويض شعبي في 2013،  السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أجاب اليوم في تصريحات صحفية بقوله: إن الحرب ضد الإرهاب مستمرة في سيناء منذ فترة، ولكن بشكل متقدم ومكثف حاليا.


وأضاف راضي أن الجولة الحالية من الحرب ضد الإرهاب تُسمى «العملية الشاملة سيناء 2018»، مضيفا أنها تأتي استكمالا وامتدادا للسلسلة من الجولات السابقة، حملت اسم «حق الشهيد»، أي مبنية على نجاحات سابقة من المواجهة مع الجماعات الإرهابية في سيناء، لتصبح حاليا ذات إطار شامل ومكثف.


والحقيقة أن المسألة على هذا النحو محرجة جدا، ولا تبعث الاطمئنان في نفوسنا كموطنين، لأن قواتنا المسلحة تصنف باعتبارها عاشر أقوى جيش بين التصنيف العالمي فضلا عن الإمكانيات الكبيرة لقوات الأمن ووزارة الداخلية، ولا يمكن تصور أن عدة مئات من المسلحين، أيا كان تدريبهم أو تسليحهم أو قدرتهم على المراوغة، يمكن أن يستغرقوا كل هذا الزمن من أجل دحرهم وإنهاء خطرهم، أو أننا لم نتمكن من هزيمتهم رغم المعارك على مدار خمس سنوات، خاصة إذا قسنا الأمور بتحديات خاضها جيران لنا، سواء في ليبيا أو في العراق، وفي ليبيا تحديدا عندما استولى تنظيم داعش على مدينة سرت وضواحيها وسط البلاد، وهي مساحة تمتد على أكثر من مائتي كليو متر، وأعلن ما أسماه "عاصمته" في شمال إفريقيا، واستقطب قيادات من أنحاء مختلفة، قررت كتائب مدينة مصراته المسلحة المسماة "درع ليبيا" إنهاء هذا التحدي، وهي مليشيات مسلحة لا تملك قوات جوية ولا مدرعات كافية ولا أسلحة نوعية، وخاضت معركة عنيفة استمرت حوالي خمسة أشهر، انتهت إلى سحق داعش وهزيمتها، وإنهاء خطرها وتطهير مدينة سرت وضواحيها بالكامل منها، وفر الباقون من الإرهابيين إلى عمق الصحراء في الشتات، وعادت الحياة إلى طبيعتها في المدينة والناس الذين خرجوا خوفا من المعارك عادوا إلى دورهم وأعمالهم ومزارعهم. وأيضا في ليبيا نجح ثوار مدينة "درنة" في شرق ليبيا وهي المجاورة للحدود المصرية في طرد تنظيم داعش من المدينة بعد رسوخ قوته هناك وهزموهم هزيمة منكرة خلال أشهر قليلة من المعارك الضارية، كما أن الجنرال خليفة حفتر الذي يقود جيشا أشبه بالميلشيات ويعتمد على دعم مصر والإمارات، يقول إنه نجح في هزيمة الإرهاب في بنغازي خلال عامين، مع التحفظ على تصنيفه لمعارضيه.


فالشاهد من ذلك كله أن تنظيم داعش ليس "بعبعا" وليس كائنا أسطوريا يحتاج إلى أن يستمر الرئيس السيسي في حربه طوال خمس سنوات تقريبا بلا أفق للنهاية، هذا غريب جدا وصعب التصور، خاصة إذا لاحظنا فارق الإمكانيات والقدرات بين المؤسسات والأجهزة الأمنية المصرية وغيرها في دول الجوار، ولذلك فالقول بأن المعركة ليست جديدة وأنها مستمرة وأنها استكمال لمعارك سابقة على مدار السنوات الماضية، هي إجابة أكثر إحراجا من السؤال نفسه، ولا تبعث على الاطمئنان.


على كل حال، نتمنى أن توفق قوات إنفاذ القانون في تطهير سيناء من الإرهاب، وبسط سيادة الدولة والأمن والأمان في شمال سيناء بكامله، وضمان عودة أهالي سيناء إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم ومزارعهم وأعمالهم وحياتهم الطبيعية، آمنين مطمئنين، فهذا هو معيار النجاح الوحيد، ولا أظن مصريا سينتظر أي تعليل أو عذر بعد هذه المعركة الشاملة، إن ظهر أن الإرهاب مستمر في توسعه وضرباته وتهديده لحياة أهالي سيناء وتهديده لسيادة الدولة ومؤسساتها، لذلك هي معركة لا تقبل إلا النصر الشامل والنهائي، كما وصفت المعركة ذاتها بالمواجهة الشاملة، ولا نملك إلا الدعاء لرجال الجيش والشرطة بأن يكلل الله جهدهم بالنصر والسلامة معا.

 

المصريون المصرية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل