مقالات مختارة

أخطر الحروب

رشيد حسن
1300x600
1300x600

ليس سرا أن الشعب الفلسطيني يواجه في هذه المرحلة من مراحل نضاله، أخطر الحروب، وأقذرها.. حربا تشنها أميركا وإسرائيل، بهدف تصفية القضية الفلسطينية، والحكم على 6 ملايين لاجئ فلسطيني بالنفي الأبدي، وفرض نظام "الأبرتهايد" العنصري البغيض على الصامدين المرابطين في أرضهم ووطنهم.. وتحويلهم إلى عبيد كعبيد روما في إمبراطورية "يهودا".

شعبنا العظيم يدرك تماما المخطط الأميركي-الصهيوني الفاشي.. ويدرك التماهي المطلق بين مشاريع تل أبيب ومشاريع واشنطن، في هذه المرحلة بالذات، ويدرك أيضا أن هذه الحرب الشمولية الاستئصالية، ما كانت لتشن عليه لولا إدراك الحليفين؛ ترامب ونتنياهو، للوضع العربي والإسلامي البائس المتردي، وتراجع حركة التحرر العالمية.

وبوضع النقاط على الحروف...

فلقد مضى على جريمة "ترامب" إعلان القدس، عاصمة للكيان الصهيوني أكثر من شهرين، لم يسجل خلالهما أي محاولة للخروج من مربع الإدانة والاستنكار، وبقيت احتجاجات الجماهير مكبوتة، مخنوقة، دون صدى، كصرخة في برية..

فلم تقم أي من الدول العربية والإسلامية من جاكرتا وحتى طنجة، بقطع علاقاتها مع واشنطن، أو مع إسرائيل، ولم تجرؤ حتى على استدعاء السفراء، وتقديم مذكرات احتجاج لواشنطن على جريمتها النكراء، وتجرؤها على خرق القوانين والشرعية الدولية، وإعطاء ما لا تملك، لمن لا يستحق، على غرار وعد بلفور المشؤوم.

هذه المواقف، هي التي شجعت "ترامب" على مواصلة حربه على الشعب الفلسطيني، فأعلن قطع المساعدات الأميركية عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".. تمهيدا لتصفية قضية اللاجئين، والتي هي محور القضية الفلسطينية، وتصفية حق العودة المقدس.

إن حرب "ترامب" على اللاجئين الفلسطينيين، وقطع المساعدات الإنسانية عن أكثر من 6 ملايين لاجئ، تستدعي نفيرا عاما من الشعب الفلسطيني، ومن الدول العربية والإسلامية وكل أحرار العالم.
ولكن..-مع الأسف- شيء من هذا القبيل لم يتحقق حتى الآن، فالذي حدث هو تسارع “11” دولة أولها بلجيكا، لتعويض النقص في موازنة "الأونروا".. في حين لا تزال الدول العربية والإسلامية غائبة أو مغيبة..
أبو الغيط أمين عام الجامعة العربية سارع لتبرير ما يحدث.

فالدول العربية بالأساس ليست من الدول المساهمة بالأصل في موازنة "الأونروا" وتقتصر مساعداتها على برامج الطوارئ والإغاثة.

والسبب أن هذه الدول تحمل المجتمع الدولي، وخاصة الدول الكبرى مسؤولية قضية اللاجئين، فهي المسؤولة عن سبب هذه الكارثة، وهي سبب استمرارها، وعليها تحمل مسؤوليتها وخاصة أميركا.

ونحن نتفق مع هذا الرؤية، ونصر على أن تتحمل أميركا مسؤوليتها كاملة بسبب دعمها للاحتلال، وأن تتحمل بريطانيا مسؤولية إقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية.

ومع ذلك نرى أن تقديم المساعدات العاجلة للاجئين الفلسطينيين في هذه المرحلة، هو أمر ضروري وملح، لإنقاذهم من الجوع الذي يهدد حياتهم، هذا أولا.. 

ثانيا: لان تقديم هذه المساعدات يشكل ردا حاسما على قرار “ترامب”، الذي يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين.

إن دعم "الأونروا" لتتجاوز محنتها، هو جزء من المعركة الطويلة لإفشال مخططات ترامب نتنياهو اللئيمة.


باختصار... نعرف أن شعبنا يخوض معركة مصيرية وقاسية، ربما هي الأقسى في تاريخه المجيد؛ ولكننا مطمئنين بأنه سينتصر في النهاية، كما انتصر على كافة الطغاة والغزاة عبر تاريخه الطويل...

فطفلة كعهد التميمي تملك الشجاع والجسارة لمواجهة جيش جرار، وتصفع أحد ضباطه..

وبطل مقاوم مثل الشهيد أحمد نصر جرار... يتحدى أحد أقوى جيوش العالم.. ويربك مخابراته، وأجهزته التجسسية لمدة شهر.. ويشل حركته، ويتصدى له بكل شجاعة في أكثر من معركة ويوقع به الخسائر.

 

هو حقا شعب عظيم.
وحتما سينتصر..

 

(الدستور الأردنية)

0
التعليقات (0)