علوم وتكنولوجيا

هل التكنولوجيا قادرة على إنقاذ الأرض من الاحتباس الحراري؟

احتجاز الكربون وتخزينه مباشرة من الهواء مهم لمكافحة الاحتباس الحراري - أوبسرفاتور
احتجاز الكربون وتخزينه مباشرة من الهواء مهم لمكافحة الاحتباس الحراري - أوبسرفاتور

نشرت صحيفة "نوفال أوبسرفاتور" الفرنسية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى تشكيك أحد التقارير العلمية في قدرة تكنولوجيات الانبعاثات السلبية في الحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون، ليعرض في المقابل سبع طرق أخرى لامتصاص الغاز الكربوني في إطار مكافحة الاحتباس الحراري. 

 

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن البعض يتصور أن التكنولوجيا سوف تهب بالفعل لإنقاذ كوكبنا، وأننا سنوفر طرقا للحد من تركيز ثاني أكسيد الكربون، التي تتنوع ما بين عمليات إعادة تشجير الغابات وبين الاستخراج المباشر لثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.

وأضافت الصحيفة أن اللجنة الدولية للتغيرات المناخية، التي كشفت عن عدة سيناريوهات يمكن أن تنتج عن الاحتباس الحراري، عرضت سيناريوهات تبعث على التفاؤل مع اعترافها بحقيقة أن "توفر وانتشار عدة تقنيات وأساليب، بما في ذلك تلك التي تقضي على ثاني أكسيد الكربون، يشوبها الشكوك". وتشمل السيناريوهات المحتملة، التي تم تصوّرها خلال توقيع اتفاقية المناخ في باريس، تقنيات ترتكز على احتجاز الكربون وتخزينه في الأرض.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن المجلس الاستشاري العلمي للأكاديميات الأوروبية، وهو عبارة عن هيئة تجمع بين أكاديميات العلوم التابعة لدول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى النرويج وسويسرا، اهتمّ بدراسة هذه التقنيات. وقد قدم المجلس تقريرا كاملا يتحدث عن الدور الذي من الممكن أن تلعبه "تكنولوجيات الانبعاثات السلبية" (أي تلك التي تمتص كميات من ثاني أكسيد الكربون أكثر مما تُطلقه).

 

ونقلت الصحيفة عن معدّي التقرير أنه "بعد استعراض الأدلة العلمية المتعلقة بمختلف الخيارات المحتملة لامتصاص ثاني أكسيد الكربون باستخدام تكنولوجيات الانبعاثات السلبية، نستنتج أن هذه التكنولوجيات لا توفر سوى قدرة محدودة لإزالة الغاز الكربوني من الغلاف الجوي".

 

ونوهت الصحيفة إلى أن محاولة الرفع من القدرة المشكوك فيها للطرق المعتمدة في استخراج الكربون تعد خطرا سياسيا محدقا، حيث قد يستغلها بعض صناع القرار لتبرير عدم صرامتهم إزاء خفض انبعاث الغازات الدفيئة. وقد ينجر عن تعليق تطلعات غير واقعية على هذه التكنولوجيات، عواقب وخيمة ولا رجعة فيها بالنسبة للأجيال القادمة. كما سيشكل ذلك أيضا خطرا أخلاقيا يمكن اعتباره نقيضا للتنمية المستدامة".

 

وبالنسبة للمجلس الاستشاري العلمي للأكاديميات الأوروبية، فإن "التكنولوجيات القادرة على إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي لا تعتبر بالتأكيد حلا شبيها بالمعجزة، وإنما هي بمثابة دفع ينبغي أن يشجع صناع القرار السياسي على مضاعفة جهودهم للتسريع في عملية خفض الانبعاثات". في المقابل، لا ينصح تقرير المجلس بالتخلي عن القيام بدراسات وتجارب، باعتبار أن مكافحة الاحتباس الحراري تقتضي الأخذ بعين الاعتبار لأي مساهمة قد تكون مفيدة، بغض النظر عن ضآلتها.

 

وسلطت الصحيفة الضوء على سبع طرق لامتصاص ثاني أكسيد الكربون، درسها المجلس الاستشاري العلمي للأكاديميات الأوروبية في تقريره، على غرار الطريقة الأولى المتعلقة بإعادة التحريج والتشجير، التي تنطوي على زرع الأشجار في كلتا الحالتين.
 
ويتمثل الفرق الوحيد بين العمليتين في ارتباط إعادة التحريج بإعادة زرع الأشجار في الأراضي التي قُطعت فيها (جراء الظواهر الطبيعية أو بفعل الإنسان). أما التشجير فيتعلق بالأراضي التي لم تكن أراض غابية منذ فترة طويلة. وباعتبار أن المناطق المشجرة تمتص ثاني أكسيد الكربون، فمن شأن مضاعفتها أن تسمح بالتخلص من المزيد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

وتحدثت الصحيفة، ثانيا، عن إدارة الأرض، حيث قد يؤدي تغيير الممارسات الزراعية إلى تحسين تخزين الكربون في التربة. وتهدف الزراعة المكثفة إلى استنفاد جزء من هذا الكربون المتراكم بصفة طبيعية. كما أن استخدام التقنيات التي تحد من العمل على التربة، واستخدام المخلفات النباتية والسماد العضوي لتغطية الحقول، تندرج ضمن بعض الطرق التي قد تساهم في إعادة تشكيل جزء من الكربون في التربة.

وأوضحت الصحيفة أن الطريقة الثالثة تتعلق بالطاقة الحيوية مع احتجاز الكربون وتخزينه، التي تنطوي على استبدال الوقود الأحفوري بمصادر الطاقة المتجددة ذات المصدر النباتي، التي ستحتجز الكربون خلال دورتها الحياتية. ومن بين الأمثلة على ذلك؛ استخدام الفضلات العضوية لإنتاج الحرارة.

 

وذكرت الصحيفة، رابعا، طريقة تحسين التجوية، المتمثلة في عملية التحول الطبيعي للمعادن، سواء كان ذلك بفعل المناخ أو النباتات. وكمثال على ذلك، يقع انحلال ثاني أكسيد الكربون في مياه المحيط وتحويله فيما بعد إلى معادن. ويمكن أن تحدث تفاعلات كيميائية بين بعض الصخور ومياه الأمطار، وهو ما من شأنه أن يحول المعادن عن طريق امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.

 

وأفادت الصحيفة أن الطريقة الخامسة تتجسد في احتجاز الكربون وتخزينه مباشرة من الهواء عبر فصل ثاني أكسيد الكربون عن الهواء واحتجازه، قبل تحويله وتخزينه. أما الطريقة السادسة المرتبطة بتخصيب المحيطات، فتهدف إلى زيادة قدرة المحيطات، بصفة اصطناعية، على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، لا سيما عن طريق تسريع نشاط العوالق النباتية التي تستخدم الغاز الكربوني لإثراء المحيط بالمواد العضوية.

 

وفي الختام، كشفت الصحيفة عن الطريقة السابعة وهي احتجاز الكربون وتخزينه، حيث يجب البحث عن غاز ثاني أكسيد الكربون مباشرة من مصادر الانبعاثات الملوثة، على غرار محطات التوليد والمصانع التي تستعمل الوقود الأحفوري.

التعليقات (0)