صحافة دولية

احتجاجات الريف تضيق الخناق على حرية الصحافة في المغرب

قالت  الصحيفة أن السلطات المغربية تستخدم قوانين الصحافة لإسقاط وسائل الإعلام المستقلة- فيسبوك
قالت الصحيفة أن السلطات المغربية تستخدم قوانين الصحافة لإسقاط وسائل الإعلام المستقلة- فيسبوك

نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن الحصار المفروض على حرية الصحافة في المغرب نتيجة الاحتجاجات الاجتماعية التي اندلعت في الريف.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن السلطات المغربية اعتقلت سبعة صحفيين ومعارضين، وطردت مراسلين صحفيين أجانب حاولوا تغطية أحداث حراك الريف. ويعود تاريخ قمع الحكومة العنيف لهذا الحراك إلى الفترة الممتدة بين سنة 1981 و1984، عندما اندلعت "ثورات الجوع"، لاسيما في المنطقة الشمالية في الريف. ومنذ ذلك الوقت، التزمت وسائل الإعلام المحلية الصمت، ومنع العشرات من الصحفيين الأجانب من الدخول ونقل الأحداث.
 
ولفتت الصحيفة إلى أنه حتى الأسبوع الماضي، الذي يصادف مرور 35 سنة على اندلاع هذه الأحداث، "ما زالت الممارسات القمعية للاحتجاجات الاجتماعية وعرقلة عمل الصحفيين خلال مظاهرات الريف مستمرة. وقد دام هذا الحراك الشعبي أكثر من 14 شهرا، نتجت عنه موجة اعتقالات واسعة شملت الناشطين والصحفيين والإعلاميين، الذين عملوا على تغطية أحداث الحراك".
 
وأضافت الصحيفة أن السلطات المغربية تستخدم قوانين الصحافة لإسقاط وسائل الإعلام المستقلة؛ فقد أصدرت المحاكم قرارا بغلق العديد من المواقع الإخبارية، وتغريم العاملين فيها بتهمة "نشر الأخبار الكاذبة" و"التشهير". على خلفية ذلك، نددت منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان بهذه التدابير التي تحد من الحقوق والحريات العامة بعد موجة المظاهرة التي شهدتها البلاد خلال سنة 2017.
 
ونقلت الصحيفة عن أحد المعارضين أن "الاحتجاجات التي اندلعت في شهر أيار/ مايو الماضي قد قمعت بطريقة قاسية، وتعرض المشاركون فيها إلى الاعتقال والضرب وسوء المعاملة، فيما كان البعض منهم ضحية محاكمات غير عادلة". ولعل ذلك ما دفع منظمة "بيت الحرية" الأمريكية إلى تصنيف المغرب ضمن قائمة البلدان التي ينخفض فيها مؤشر الحريات.

 

اقرأ أيضا: "أمنستي" تدعو المغرب لإطلاق الزفزافي والصحفي المهداوي


وأوردت الصحيفة شهادة شقيقة الصحفي محمد الأصريحي، الذي كان من بين الصحفيين السبعة الذين تعرضوا للاعتقال أثناء تغطية حراك الريف، التي أكدت أن محمد كان "عين الريف التي لا تنام، وكان يوثق جميع الأحداث لسنوات".
 
وتجدر الإشارة إلى أن قانون الصحافة والنشر الجديد، الذي أقره البرلمان المغربي السنة الماضية، قد ألغى بعض أحكام السجن المتعلقة بجرائم التعبير، في حين تم الحفاظ على الأحكام التي تتخطى الخطوط الحمراء التي وضعتها الحكومة المغربية، على غرار التطاول على الإسلام أو المساس بالسلامة الإقليمية للمملكة والتحريض على العصيان.
 
وأضافت الصحيفة أن محمد الأصريحي قد اعتُقل بتاريخ 30 تموز/ يوليو مع المحرر الصحفي لدى موقع الريف24، جواد الصبري. وقد تزامن ذلك مع بداية حملة الاعتقالات الجماعية للأطراف الفاعلة في الحراك، انطلاقا من زعيم الحراك ناصر الزفزافي. وقد زج بالصحفي محمد في سجن عكاشة بالدار البيضاء، إلى جانب 50 شخصا آخر، الذين حوكموا بتهمة نشر الأخبار الكاذبة والتعدي على مهنة الصحافة، نظرا لعدم امتلاكهم بطاقة صحفية من طرف وزارة الاتصال.
 
وتؤكد شقيقة محمد أنه "منذ سنة 2011 قام شقيقها بتوثيق أعمال الشرطة في بلدة بوكيدان، وسجل فيديوهات لعناصر الشرطة التي كانت تدمر الثروات العامة والخاصة وتنهب السلع من المحلات التجارية. وقد تكررت العملية خلال سنة 2017، لذلك حاولوا فتح تحقيق معه لسجنه".
 
وأبرزت الصحيفة أنه في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2011، على إثر اغتيال عضو "حركة 20 فبراير" كمال الحساني، كان محمد الأصريحي أيضا عرضة للاعتقال بسبب توثيق قمع المظاهرات في مدينة بني بوعياش بالحسيمة، وتعرض للضرب، لكن تم الإفراج عنه في وقت لاحق.
 
وأوضحت الصحيفة أنه يقبع في سجن عكاشة ثلة من الصحفيين الآخرين، على غرار حسين الإدريسي، وعبد العالي حدو، وفؤاد السعيدي، إلى جانب الصحفي ربيع الأبلق. وقد دخل ربيع الأبلق في إضراب عن الطعام لمدة 36 يوما كاد يكلفه حياته. كما حُكم على محمد الهلالي بالسجن لمدة خمسة أشهر بتهمة إهانة الموظفين العموميين أثناء ممارستهم لمهامهم، وممارسة الصحافة دون إذن. ويوم 30 تموز/ يوليو، أفرج عنه بموجب عفو ملكي شمل بعض الناشطين.
 
ومن بين أشهر الصحفيين المسجونين، مدير موقع بديل الإخباري، حميد المهداوي، الذي عرف بانتقاداته الدائمة للأسرة الملكية. وقد اعتقل المهداوي أثناء تغطية الاحتجاجات في 20 تموز/ يوليو في الحسيمة، وبعد خمسة أيام حكم عليه بالسجن لمدة خمسة أشهر بتهمة تحريض الناس على الخطابات والهتافات في الأماكن العامة.
 
وأفادت الصحيفة بأنه بعد تشديد الحصار على الصحافة الوطنية، عملت السلطات المغربية على تحصين المغرب ضد الصحافة الدولية. وقد لجأت إلى سياسة الطرد من البلاد كوسيلة لإسكات الصحفيين الأجانب. ففي 28 أيار/ مايو، ألقي القبض على جمال عليلات، الذي أرسلته صحيفة الوطن الجزائرية لتغطية الاحتجاجات في الناظور، وطرد بسبب العمل "دون إذن".
 
كما تم طرد صحفيين إسبانيين هما خوسيه لويس نافازو، وفرناندو سانز مورينو، من البلاد يوم 25 تموز/ يوليو. وفي 28 أيلول/ سبتمبر، طردت الشرطة المغربية الصحفي لدى صحيفة الغارديان البريطانية، سعيد كمالي دهقان.

التعليقات (0)