مقالات مختارة

هل سيسمح السيسي بمناظرات سياسية تنتقده؟

جمال سلطان
1300x600
1300x600

هناك حوار أو مناظرة سياسية تتم الآن بين رئيس الجمهورية ومعارضيه، ولكنها مناظرة غير مباشرة، ليست وجها لوجه، كما أنها ليست على مستوى واحد من التساوي في فرصة الوصول إلى الناس، السيسي يعرض أفكاره وما يعتبره إنجازاته عبر شاشات الفضائيات المختلفة، بما فيها تليفزيون الدولة الرسمي، والإذاعة والصحف القومية وكثير من الخاصة، ومعارضوه ينتقدون رؤيته وأفكاره ولكن من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، الفيس بوك والتويتر، والغريب أن هذه المناظرة غير المباشرة يتم متابعتها من قبل ملايين المصريين داخل مصر وخارجها، كما تتابعها وكالات أنباء شهيرة ومواقع إخبارية عالمية، بسبب الانتشار الواسع أيضا لوسائل التواصل الاجتماعي وتحولها إلى إعلام بديل، أو إعلام الفقراء والمهمشين حسب ما يصف البعض.


هذه خطوة جديدة جيدة على مسار التحول السياسي الصعب والبطيء في مصر، وأعتقد أنها مكسب مرحلي مهم، ولكنها بصيغتها الحالية ستمثل خصما من الحضور السياسي لرئيس الجمهورية ومن سمعته، بغض النظر عما يقدمه هو أو معارضوه، لأن الناس جميعا، داخل مصر وخارجها ستنظر إلى غياب العدالة في مساحات عرض وجهات النظر إعلاميا، وأنها ظالمة ومنحازة وغير ديمقراطية، وهذه خسارة مجردة للرئيس وتياره، ولو أحسن أنصاره التفكير السياسي لاستقطبوا النقاش إلى الفضاء الإعلامي الواسع، فضائيات وصحف، لن نقول بفكرة المناظرات التي تتم بين المرشحين للمنصب الرفيع كما تعرف الديمقراطيات الجادة، وكما جرى في مصر نفسها في 2012، ولكن طرح وجهات النظر المختلفة في أداء الرئيس وتجربته، فلماذا لا تقوم القنوات الفضائية الخاصة والرسمية باستضافة بعض معارضي السيسي أو منتقديه، من النخب السياسية والأكاديمية والاقتصادية والثقافية، وتناقش معهم رؤيتهم لما يقدمه الرئيس في مؤتمره الحالي "حكاية وطن"، فمهما قدموه من رؤى نقدية، سيكون تحت سقف القانون والدستور والمسؤولية الوطنية في الداخل، وهو سيكون في المحصلة مكسبا سياسيا للسيسي دون أدنى شك، حتى وإن طاله بعض النقد، لكنه سيعطي رسالة أبلغ من أي خطاب له، في تحسين صورة النظام في الداخل والخارج، فهل يمكن أن نشهد في الأيام المقبلة نقاشات جادة ورصينة ومسؤولة من معارضي السيسي مع الزملاء عمرو أديب ولميس الحديدي أو غيرهم، سنرى.

 

ما زالت الأحاديث المرسلة للرئيس في مؤتمره الحالي تثير جدلا واسعا وحيرة المراقبين، من فرط غرابتها، مثل حديثه عن الاثنين من رجال الأعمال الذين كانوا يتناولون عشاء بخمسين مليون دولار ويخططون لهدم الدولة، فما هو هذا العشاء الأسطوري الذي يتكلف قرابة خمسة مليارات جنيه مصري تقريبا؟ غير أن ما يثير التساؤل الجاد أكثر هو موقف السيسي من ثورة يناير ومن مطالب الناس بالعدالة الاجتماعية، لا أفهم سر هذا العداء، لماذا تقدم ثورة يناير بأنها عمل تخريبي أو أنها هدمت الدولة، رغم أن شرعية السيسي الآن تتأسس على ما قدمته ثورة يناير، وأن أعضاء المجلس العسكري كانوا يشيدون بالثورة ويؤدون التحية لشهدائها والدستور الذي أقسم السيسي على احترامه الآن هو دستور ثورة يناير في الحقيقة، ودع عنك أنها الثورة التي رفعت مصر وشعبها عاليا في العالمين، وكانت قيادات العالم الكبرى، بما فيها الرئيس الأمريكي يتسمرون أمام شاشات التلفزيون لمشاهدة هذه الملايين التي تحتشد في الميادين سلميا طلبا للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، كما اعترفوا بأنفسهم، وهي الثورة التي جعلت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تطلب عند زيارتها إلى مصر أن تزور ميدان التحرير، ميدان الثورة العظيمة، لا أفهم لماذا يكره السيسي ثورة يناير، ولماذا يتحدث عن أن الدولة سقطت وأنه لن يسمح بأن تسقط مرة ثانية، متى سقطت الدولة في مصر؟ لم تسقط الدولة أبدا، وإنما سقط النظام الحاكم الظالم بإرادة الشعب، فماذا يقصد السيسي بأنه لن يسمح بهذا السقوط مرة ثانية.


أيضا، مخاصمة المطلب المشروع والبديهي بالعدالة الاجتماعية، وتقديمه على أنه تهديد للدولة وابتزاز لها، هو تصور بالغ الغرابة، فهل أن يطالب الناس بحقوقهم في ثروات وطنهم، وأن تكون هناك عدالة في توزيع هذه الثروة من خلال التشريعات والقرارات وإدارة الدولة، هل هذا المطلب الأخلاقي والإنساني والسياسي البديهي يضايق أي حاكم يحترم شعبه أو يريد خدمة شعبه، ومحاولة ربط صعوبة هذا المطلب بفقر الدولة وقلة مواردها سيرد عليه بداهة بالسرف الواضح في الإنفاق على مشروعات ترفيه و"فخفخة" وليس لها أي أولوية لعموم المصريين، مثل تفريعة القناة، ومثل إنشاء عاصمة إدارية جديدة، ربط الرئيس ـ في كلمته أمس ـ بين ضرورة إنشائها وحماية الدولة من السقوط، وهي إشارة موحية وتحتاج إلى التوقف أمامها طويلا، طويلا جدا. 

 

المصريون المصرية

1
التعليقات (1)
عبدالله
السبت، 20-01-2018 11:16 ص
سؤال للسيسي أرجو أن يجيب عليه في جلسته القادمة و هو بخصوص ال 19 مليون جنيه التي سرقتها مخابراته الحربية من البنك الأهلي بالعريش وذهبت فيما أعتقد للصرف علي حملته الإنتخابيه و أسألوا النقيب أشرف