اقتصاد عربي

هل تنجح تجربة المغرب في "تعويم" الدرهم؟

محافظ البنك المركزي المغربي: قرار التعويم التدريجي سيادي ولم يلزمه علينا أحد- أرشيفية
محافظ البنك المركزي المغربي: قرار التعويم التدريجي سيادي ولم يلزمه علينا أحد- أرشيفية

أكد محافظ البنك المركزي المغربي عبداللطيف الجواهري، أن الأمور تسير بشكل طبيعي بعد ثلاثة أيام مرت على دخول قرار الانتقال إلى نظام مرونة الصرف بالمغرب حيز التنفيذ. 


وواصل سعر صرف الدرهم المغربي استقراره لليوم الثالث، وبلغ سعر الدولار مقابل الدرهم اليوم الخميس نحو 9.24 درهم مغربي، فيما بلغ سعر اليورو 11.28 درهم، وفق التعاملات الصباحية لبورصة العملات.


وقال الجواهري خلال اجتماع لجنتي المالية بغرفتي البرلمان، لمناقشة قرار تعويم الدرهم، أمس، إن "القرار سيادي، ولم يلزمه علينا أحد، وكان في إطار تنسيق بين الحكومة ممثلة في وزارة المالية"، موضحا أن صندوق النقد الدولي كان يثير إصلاح الصرف منذ 1998، وكذلك خلال 2006 ولو لم تكن السيادة لتم الزامنا في هذه التواريخ".


وأكد أن التداعيات السلبية لهذا القرار على الاقتصاد "محدودة"، لافتا إلى أن "هذا القرار سيساهم إيجابيا في نسبة النمو، وسيؤدي إلى ارتفاع طفيف في معدل التضخم نسبته 0.4%، وزيادة طفيفة في أسعار الوقود".


وتابع: "سعر تداول الدرهم مقابل العملات الأجنبية، ظل في نفس المستوى المسجل قبل مرحلة الإصلاح، والوضع بعد بدء التعويم التدريجي، يدل على أن البنوك والفاعلين الاقتصاديين استوعبوا فحوى الإصلاح".


وسيوسع قرار التحرير التدريجي من نطاق تداول الدرهم مقابل العملات الصعبة إلى 2.5 بالمئة صعودا وهبوطا من سعر مرجعي، مقارنة مع 0.3 بالمائة في الماضي، بحسب مصطفى الخلفي الناطق باسم الحكومة المغربية.

 

اقرأ أيضا: بعد "تعويم الدرهم".. المغرب يراجع اتفاقات تجارية مع 56 دولة

وقلل المصرف الأمريكي "جي بي مورغان" من الآثار المحتملة لإجراء المرور لنظام الصرف المرن في المغرب على الاقتصاد الوطني. 


وأشار البنك الأمريكي في مذكرة تحليلية أصدرها أول أمس، حول مرونة سعر صرف الدرهم المغربي، إلى أنه يتوقع ألا يتجاوز انخفاض قيمة الدرهم المغربي خلال الـ12 شهرا القادمة نسبة 7 في المائة، مقارنة بقيمة سلة العملات التي يستعملها بنك المغرب لتحديد السعر المحوري للدرهم، غير أنه أكد أن قيمة العملة المغربية ستبقى على العموم مستقرة على المدى المتوسط.


وفي المقابل، توقعت المؤسسة الفرنسية لضمان الائتمان «أولر هيرمس» أمس، أن يؤدي اعتماد سعر الصرف المرن للدرهم إلى تعرض الشركات المغربية بشكل أكبر لمخاطر تقلبات سعر الصرف. 


لسنا مصر أو تونس


وفيما يتعلق بتوقيت اتخاذ قرار التعويم التدريجي للدرهم، اعتبر الخبير المالي والاقتصادي المغربي، الطيب أعيس، في تصريحات لـ "عربي21" أن هذا هو الوقت المناسب على مستوى المؤشرات الماكرو اقتصادية المغربية، مؤكدا أن المؤشرات الحالية جيدة وتساعد على بدء هذا الإصلاح المهم لسعر الصرف في المغرب.


وقال أعيس، إنه إصلاح جزئي لسعر الصرف، وليس "تعويما" شاملا للدرهم المغربي، مقللا من التأثير السلبي لهذا القرار على سعر صرف الدرهم بشكل خاص والأسواق المغربية بشكل عام، باعتباره تحرير جزئي متحكم فيه، يتيح للبنك المركزي المغربي التدخل في أي وقت لحماية سعر صرف الدرهم.


وأضاف: "هذا التعويم التدريجي سيساعد الاقتصاد المغربي على التدرج في مجابهة المنافسة العالمية، وتقوية القطاع الصناعي والإنتاجي المغربي، وخلق مناخ أفضل للاستثمار المحلي والأجنبي"، لافتا إلى أن هذه الخطوة كانت ضرورية لاستكمال الانفتاح الاقتصادي المغربي على العالم.

 

اقرأ أيضا: ثلاثة شروط حددها "المركزي المغربي" لنجاح التعويم.. ما هي؟

وأوضح أعيس أن المغرب بلغ مرحلة متقدمة في مسار الإصلاح، لكنها تبقى غير متكاملة، لا سيما بعد أن كان الدرهم مرتبطا بسلة من العملات بصرف النظر عن مستوى وقوة الاقتصاد الوطني، متوقعا أن يستفيد اقتصاد المغرب كثيرا من قرار التعويم بسبب قدرته التنافسية الكبيرة.


وأشار إلى أن وضع الاقتصاد المغربي يختلف عن وضع اقتصادات الدول التي انهارت عملاتها المحلية بعد اتخاذ قرار التعويم، مثلما حدث في مصر، أو تونس، مضيفا: "هذه الدول قامت بإصلاح سعر الصرف واقتصادها منهار، بينما المغرب يقوم بهذا الإصلاح واقتصاده قوي ومنفتح، وإنتاجياته واستثماراته المحلية والخارجية قوية".


هؤلاء المتضررون


قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الرباط، المهدي لحلو، في تصريحات لـ "عربي21"، إن قرار تعويم الدرهم، هو محاولة لإعادة توازن الميزان التجاري المغربي، عن طريق تقليل بعض الواردات، لكنه سيرفع أسعار الواردات من السلع الأساسية التي لا يمكن للمغرب الاستغناء عنها مثل المحروقات والمواد الغذائية الأولية، وهو ما سيؤدي بالتبعية إلى زيادة أسعار تلك السلع في السوق المحلي المغربي.


وأضاف: "ارتفاع أسعار السلع الأساسية في الأسواق سيؤثر سلبا على المواطنين وخاصة من أصحاب الدخول الثابتة والعاطلين عن العمل، وهذا يعني انخفاض القدرة الشرائية للمواطن المغربي".


وتابع: "وانخفاض القدرة الشرائية ربما يؤدي إلى تكرار ما حدث في مصر أواخر 2016 وبدايات العام 2017 أو مثلما حدث في تونس مع دخول قانون المالية الجديد حيذ التنفيذ وما تبعه من غلاء في الأسعار واحتجاجات شعبية".


وفيما يتعلق بالاستقرار النسبي لسعر الدرهم بعد قرار "التعويم الجزئي"، أكد لحلو أن بنك المغرب لازال متحكما في السوق و في قيمة الدرهم المغربي بعد التعويم، والتي تتراوح بين "2.5- و 2.5%، ولا زال يتدخل ليقوم بعمل توازن، حماية للدرهم حتى لا يفقد قيمته، و هو ما يعتبر تغييرا لشروط قيمة الصرف أكثر منه تعويما للدرهم.

التعليقات (0)