قضايا وآراء

الثورة التي حان وقتها

حمزة زوبع
1300x600
1300x600

ونحن نقترب من الذكرى السابعة لثورة 25 يناير 2011، يبدو لي أن هناك العديد من التغيرات المهمة التي طرأت على المنطقة، والتي قد تجعل من العام الحالي (2018) عام عودة صوت الشعوب الذي تم حبسه في الصدور منذ انقلاب 2013، والذي ظن البعض أنه نهاية عصر الشعوب.

ويمكنني أن أسرد أهم هذه التغيرات التي قد تساهم في عودة صوت الشعوب من جديد:

1- فشل معظم الأنظمة العربية، خصوصا الدول الكبرى، في إقناع شعوبها بأن الربيع العربي هو مخطط أجنبي، بل إن الشعوب ازدادت قناعة بأن الأنظمة نفسها جزء أصيل من المؤامرة.

2- لم تستطع دولة واحدة من بين الدول الداعمة للانقلاب، ولا نظام الانقلاب، أن تقدم قصة نجاح اقتصادية أو سياسية واحدة، بل فشلت السعودية فشلا ليس له نظير في إدارة مواردها التي أصبحت دولة بين الأمراء، وخصوصا أبناء سلمان الذي ورط بلاده في حر باليمن التي تكلف السعودية 200 مليون دولار يوميا، وهو رقم لو أنفق على مشاريع التنمية لحول المملكة لدولة متقدمة.

 

فشل معظم الأنظمة العربية، خصوصا الدول الكبرى، في إقناع شعوبها بأن الربيع العربي هو مخطط أجنبي، بل إن الشعوب ازدادت قناعة بأن الأنظمة نفسها جزء أصيل من المؤامرة


3- كشف ما جاء في كتاب نار وغضب عن حقيقة ما يجري في الممالك والمشيخات العربية؛ من انقلابات قصور تتم في وضح النهار، ولكن هذه المرة تم طبخ الانقلاب السعودي في مطبخ ترامب، وعلى يد زوج ابنته الفاتنة إيفانكا.

4- اتضح للجميع، بما لا يدع مجالا للشك، أن النظم العربية في مجملها ليست فاشلة وحسب، بل عميلة بدرجة كبيرة ومتعاونة إلى حد التواطؤ مع الكيان الصهيوني، ما يجعل نقمة الشعوب تزداد يوما بعد يوم.

5- تبين للجميع أيضا دور السلطة في الإمارات في الثورة المضادة، والثورة على ثوابت هذا الدين، وهو ما يجعل حالة الغضب مستمرة.

6- اندلاع الخلافات والانشقاقات داخل البيت السعودي. وانحياز ترامب وصهره لمحمد بن سلمان سيشعل الموقف في المملكة، وهو ما يوسع دائرة الثورة، وليس حصرها في مصر وتونس واليمن.

7- الحصار المضروب على قطر، والتحرش بها عبر خرق مجالها الجوي، وما تسرب من إشاعات عن إصرار محمد بن سلمان على غزو قطر ومحوها من الخريطة، يؤكد همجية النظم والقيادات وعشوائيتها في إدارة شؤون المنطقة.

8- اشتعال الموقف في تونس، مهد الثورة العربية الحديثة، يشي بأن الشعوب لم تصل إلى مرادها، ولا تزال مصرة على استعادة زمام المبادرة.

 

المظاهرات التي اندلعت في إيران تؤشر إلى أن الشعب الايراني الذي تواطأت حكومته ضد الربيع العربي؛ يحمل جينات الثورة


9- المظاهرات التي اندلعت في إيران تؤشر إلى أن الشعب الايراني الذي تواطأت حكومته ضد الربيع العربي؛ يحمل جينات الثورة، ولديه أجندته الخاصة بالثورة على الطريقة الفارسية، وهو ما يشجع الشعوب العربية على الاحتفاظ بالثورة كخيار.

10- تظهر التسريبات التي أزعجت سلطة الانقلاب في مصر، لدرجة أن وزارة الخارجية المصرية قدمت ما يشبه الاعتذار لحكومة الكويت على ما جاء في التسريبات؛ رغم أن الانقلاب يعتبر التسريبات مزيفة ومزورة.. تظهر الوجه الحقيقي للانقلاب الذي يتصرف كعصابة إجرامية، وليس كنظام شعبي يحترم ذاته.

11- التسريبات نفسها تحمل إشارات مهمة؛ كونها وصلت إلى قناة مكملين، وهي قناة مناوئة ومعارضة للانقلاب، ما يعني أن هناك من يتعاطف مع هذه القنوات من أجل فضح النظام، وهو أمر يتزايد مع مرور الوقت، بعد أن ضاق الجميع ذرعا بسلوك النظام.

 

ترشح سامي عنان يعني أن هناك حالة من الإصرار من بعض رموز الموسسة العسكرية السابقين على التصدي للسيسي الذي - على ما يبدو - يواجه تحديات داخل بعض المؤسسات السيادية في مصر

12- إعلان الفريق سامي عنان ترشحه بعد ثني الفريق أحمد شفيق عن الترشح، عقب تهديده بفضيحة تمس بيته وعائلته، ناهيك عن ملفات فساده إبان وجوده كوزير للطيران في عصر المخلوع مبارك. وهذا الترشيح يعني أن هناك حالة من الإصرار من بعض رموز الموسسة العسكرية السابقين على التصدي للسيسي الذي - على ما يبدو - يواجه تحديات داخل بعض المؤسسات السيادية في مصر.

13- المشكلات التي تواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجعل من تفرغه لدعم الديكتاتوريات العربية أمرا صعبا، إن لم يكن مستحيلا، ما يجعل هذه الأنظمة بدون غطاء أمريكي، أو كما عبر عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية مؤخرا "المستغطي بأمريكا عريان".

14- ما يجري على الأرض فعليا في مصر، من التحضير لتمديد فترة ولاية قائد الانقلاب لفترة أخرى والرفض الشعبي والسياسي العارم لكل ما يجري، يؤكد أن الانتخابات لن تكون سوى محطة لتزويد الثورة بالوقود، وأن الثورة هي الحل، حتى ولو سبقها تمهيد ضروري ولازم لفترة قصيرة الأجل.

15- التغييرات الوزارية التي أجراها عبد الفتاح قائد الانقلاب السيسي، والتي استدعى برلمان الانقلاب لتمريرها قبل موعد انعقاده، تذكر الجميع باستهزاء مبارك واستخفافه بمثل هذه التحركات، والتي انتهت بقوله للمعارضة يوما ما قبل خلعه: "خليهم يتسلوا".

16- حتى تاريخه، ورغم مرور سبع سنوات على الثورة، وبرصد موضوعي، سنجد أن الهجرة العكسية من قارب الثورب إلى معسكر الثورة المضادة كانت قليلة ومعدودة، والبعض كان قد خدع في 30 حزيران/ يونيو 2013. واليوم، نلاحظ أن الهجرة من الثورة المضادة الى الثورة الأم الحقيقية هي الأكثر منذ 30 يونيو، رغم أن إعلام الانقلاب وقائده قد وعدهم بالتغيير للأفضل - حسب زعمه - ولكنهم لم يجدوا سوى سراب خادع، ولم يجدوا حتى ماء يروي عطشهم.

17- لا يزال صوت الشعوب مسموعا عبر القنوات الفضائية، وعلى رأسها الجزيرة التي تتعرض لضغوط هائلة ربما تصل إلى حد القصف العسكري، إضافة إلى قنوات الثورة التي تبث من خارج مصر، وعلى رأسها قناة الشرق ووطن وقناة مكملين التي أتشرف بتقديم برنامجي اليومي "مع زوبع" عبر شاشتها. وليس الأمر مقصورا على قنوات مصرية، بل هناك قنوات عربية تحمل أفكار الثورة ومبادئها أيضا.

 

لا يزال صوت الثورة عابرا لفضاء الإنترنت رغم الحصار المضروب على العالم الافتراضي، ما يجعل من قضية الثورة أمرا حياتيا لا يمكن تغييبه عن الأذهان والوجدان


18- ولا يزال صوت الثورة عابرا لفضاء الإنترنت رغم الحصار المضروب على العالم الافتراضي، ما يجعل من قضية الثورة أمرا حياتيا لا يمكن تغييبه عن الأذهان والوجدان.

19- تمادي النظام وقضائه الظالم في إصدار أحكام الإعدام التي فاقت الألف حكم وحكم، ناهيك عن تنفيذه أحكام الاعدام في 25 مصريا اتهموا بالباطل، وحوكموا عكسريا بدون فرصة للدفاع، واستشهدوا، وكلهم شباب ثاروا من أجل الثورة التي آمنوا بها وتظاهروا من أجلها.. هذه الدماء كفيلة بإبقاء خيار الثورة وحيدا وفريدا، وحتى ولو تأخر موعد إعلانها.

20- ذكرى الثورة نفسها تمثل محطة أخرى للتذكير بلحظات الانتصار التي لم تغب عن الذاكرة لحظة واحدة، رغم كل الآلام والدماء.

21- وختاما، وفي ذكرى الثورة، فنحن لا نعيد إحياء ثورة مضت، بل نعيد إشعال وقود ثورة قائمة بالفعل.. وإن خفتت نيرانها، لكن جذوتها لا زالت متقدة في انتظار ريح تزيد نيرانها اشتعالا.

التعليقات (1)
مصري جدا
الثلاثاء، 16-01-2018 11:14 م
عدد وافر من التغييرات التي من الممكن ان تعيد صوت الشعب ،،، ويبقى السؤال الاهم ،، كيف ،، ما هي الادوات ،،الامر يحتاج لقيادة شعبية ميدانية في الداخل المصري وليست في المنفى ،،، قيادة ليست كسابقتها التي شاركت في اضاعة كل الفرص والتفريط في الثورة طبعا دون قصد لكنه حدث ،،، القيادات الحالية خاصة التاريخية بشقيها الاسلامي والعلماتي او المدتي كما يحبون ان يطلق عليهم ، الجميع تجاوزه الزمن ولم يعد مناسبا لهذه المرحلة ،، نحن بحاجة لقيادة جديدة لقاطرة فاعلة ،، تفكر وتدير بطريقة مختلفة لتخقق النتائج المرجوة ،، غير ذلك هو اعادة تدوير القديم وبالتالي لا نتائج ،،

خبر عاجل