صحافة دولية

لماذا تعد قرارات الأمم المتحدة بشأن قرار ترامب "رمزية"؟

القدس
القدس
نشر موقع "دويتشه فيله" الألماني حوارا أجراه مع الخبير السياسي، يوهانس بيكه الذي تناول التصويت الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن رفض قرار ترامب الأخير حول القدس. وكان التصويت بالإجماع على رفض القرار متوقعا، ولكنه لا يمثل فارقا كبيرا في القضية. وفي هذا السياق، أعلنت العديد من الدول سلفا أنها ترفض قرار ترامب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مما أدى إلى عقد اجتماع مع الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل التصويت على رفض القرار. 

وقال الموقع في الحوار الذي ترجمته "عربي21"، إن بيكه عدّ أن القرار غير مفاجئ وأن أي قرار تتخذه الأمم المتحدة في هذا الصدد، يعدّ رمزيا ولن يتم تنفيذه. وعموما، أكد بيكه أن أزمة القدس ليست وليدة اللحظة وإنما تمتد لعقود من الزمن، وأن المجتمع الدولي عاجز عن حل الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية، وخاصة أنه يصرّ على قرار التقسيم الذي اتخذه، حيث من الواضح أن الأطراف المتصارعة لن تقبل بهذا الحل.

وأردف بيكه قائلا إن "قرار ترامب أو الأمم المتحدة لن يغير شيئا من الواقع. وعموما، لا تغير قرارات الأمم المتحدة شيئا منذ عقود". وعلى الرغم من أن إسرائيل تدرك جيدا أن الاتحاد الأوروبي يقف ضدها في الأزمة الفلسطينية، إلا أن الأمريكيين راهنوا على تغير موقف الاتحاد الأوروبي، وأنه سيساندهم في القرار. لذلك، يعدّ الإجماع على رفض القرار مفاجئا للأمريكيين.

وحول سؤال الموقع عن الأهمية السياسية للقرار، أجاب بيكه أن الفلسطينيين هم الوحيدون في العالم الذين لاقوا تعاطفا كبيرا من قبل الأمم المتحدة في نضالهم من أجل الاعتراف بدولتهم، على عكس مناطق أخرى على غرار الصحراء الغربية. في المقابل، لا تضع إسرائيل هذا التعاطف في الحسبان. فعلى خلفية ذلك، قامت الأمم المتحدة خلال سنة 1975 باستصدار قرار ينص على أن الصهيونية تعدّ شكلا من أشكال العنصرية. وخلال سنة 1991، سحبت المنظمة القرار مرة أخرى.

وحول الآثار المترتبة عن ذلك القرار، قال بيكه إن إسرائيل تعدّ القدس عاصمتها بالفعل، ولكنها في الوقت نفسه تستبعد اعترافا دوليا بذلك لاعتبارات تقسيم الأرض بين عربية ويهودية. وكان العديد من الخبراء العرب والإسرائيليين على يقين من أن الولايات المتحدة ستتخذ ذلك القرار في يوم من الأيام، حيث إن كل ما يثار حاليا حول رفض القرار، يعدّ إما بمنزلة "مسرحية" أو نوع من أنواع النضال الرمزي. وفي هذا الصدد، تابع بيكه قائلا إن ذلك القرار لن يغير شيئا على الأرض، خاصة فيما يتعلق بالممارسات الأمريكية ووضعية مدينة القدس.

وحول ذكاء اختيار التوقيت في اتخاذ القرار، أفاد بيكه أن كلا من نتنياهو وترامب، من الممكن أن يعدّوا القرار نجاحا رمزيا. ومن جهة أخرى، قد يؤثر ذلك القرار على التقارب الأخير بين إسرائيل والعديد من الدول العربية وعلى رأسهم الجارتان مصر والأردن، ومؤخرا المملكة العربية السعودية. ويأتي هذا التقارب في ظل التهديد الإيراني المتنامي للمنطقة. لذلك، لم يكن من الحكمة اتخاذ هذا القرار في ذلك الوقت.

وعند سؤاله عن رأيه حول موقف رؤساء الدول العربية والإسلامية، قال بيكه إن العديد منهم استخدم قضية القدس منذ القدم لجذب مزيد من الانتباه، وذلك منذ أن بدأ الصهاينة المسيحيون في إرسال اليهود نحو القدس. ومنذ عشرينات القرن الماضي، بدأ الجدال حول القدس والحرم القدسي الشريف، لتتخذ بعد ذلك قضية القدس أبعادا إقليمية. ومع ذلك، تعدّ العديد من الخطابات السياسية في العالم العربي حول تلك القضية لا قيمة لها. فعموما، يتضح مدى التعاطف مع القضية الفلسطينية في الدول العربية من خلال طريقة التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين وذويهم.

وتوقع بيكه عند سؤاله عن اتساع دائرة التعاطف مع الفلسطينيين بعد القرار، أن الدول العربية لديها العديد من المشاكل التي ظهرت إبان الربيع العربي. ومن جانب آخر، يدرك السياسيون العرب ثلاثة أمور مهمة، أولها، أن دولة إسرائيل ستستمر ولن تزول، وثانيها أن القدس حاليا تعدّ العاصمة الفعلية لإسرائيل، وثالثها أن الدخول في تحالفات مع إسرائيل يعد مصلحة للجميع.

وفي الختام، بيّن بيكه أن عدم اعتراف ألمانيا بالقدس عاصمة لإسرائيل يعزى إلى القوانين الدولية في هذه القضية، وعلى رأسها قانون "حل الدولتين". ولن يكون هناك أي اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل دون توافق دولي. وأشار بيكه إلى أن العلاقات الألمانية الإسرائيلية جيدة للغاية وعليه، سيكون لاعتراف ألمانيا بالقرار الأمريكي تداعيات سلبية.
0
التعليقات (0)