مقالات مختارة

ضبابية حالة الفريق أحمد شفيق في القاهرة

جمال سلطان
1300x600
1300x600

بعد مرور قرابة أربع وعشرين ساعة على اختفاء الفريق أحمد شفيق في القاهرة عقب وصوله إليها قادما من الإمارات، بثت قناة فضائية حوارا هاتفيا معه، تكلم فيه عن أنه حر الحركة، وأن الإمارات لم تعتقله، وأنها أكرمته. 

وفيما يخص الترشح للانتخابات، قال إنه أعلن نيته خارج مصر، وأما الآن وهو في الداخل، فهو يراجع الأمر، لكنه أشار إلى أن القرار الأخير في الترشح من عدمه يحتاج إلى تواصل مع الناس، وهذه الإشارة هي الأهم في ما قاله أمس؛ لأن التواصل مع الناس يعني تجديد النشاط السياسي، وعقد المؤتمرات واللقاءات الحزبية والجماهيرية، فهل قال شفيق ما قاله هنا وهو يعنيه تماما؟ هذا مهم جدا لمعرفة الوجهة.

حديث شفيق الهاتفي أثار شكوكا، ولم يزل الغموض؛ لأنه إذا كان الرجل هنا في القاهرة، وحوله كل هذا الجدل والصخب والشكوك، فكيف عجزت عشرات القنوات الفضائية عن زيارته وإجراء حوارات معه أو استضافته في أي استديو على الهواء ليتكلم ويطمئن الناس على أنه "بخير"، وأنه "حر الحركة" فعلا، لقد سافر وائل الإبراشي إلى باريس من أجل أن يجري حوارا مع المهندس نجيب ساويرس، عندما كان شبه لاجئ خارج مصر أيام حكم مرسي، فكيف اكتفى بمكالمة هاتفية مع شفيق وهو بجواره في القاهرة، إنه صيد إعلامي من الوزن الثقيل لو استضافه، أم أن الإبراشي التزم حدودا رسمت له في الموضوع، أو أن آخرين رتبوا الأمر كله وفق اتفاق مسبق، أعتقد أن الشكوك ستظل مطروحة وبقوة.

لم يتحدث شفيق عن "مفاصل" أزمته، هل كان ممنوعا من السفر بالفعل في الإمارات، وهل كان يرتب للسفر إلى فرنسا كما أعلن، ولماذا غيروا وجهته إلى القاهرة، وهل هو الذي اختار هذه الوجهة، ولماذا لم تعد بناته وأسرته معه على الطائرة الخاصة، ولماذا استبقوهم هناك رغم أنهم خرجوا من القاهرة يوم خروجه وبصحبته، كما أن هناك أسئلة أخرى لاحقة تتعلق باختفائه تماما طوال أربع وعشرين ساعة منذ وصوله إلى القاهرة، أين كان، ومن قابل، وإذا لم يتم التحقيق معه كما قال، فما هي الحوارات التي تمت، أم أنها غير قابلة للإعلان، ولماذا عجزت أسرته عن الوصول إليه طالما كان حرا، ولم تفلح اتصالاتهم به طوال تلك الفترة، فيما كان مشغولا، ولماذا انقطع عن العالم يوما كاملا رغم أن الملايين يسألون: أين الفريق شفيق؟

شفيق ليس ناشطا سياسيا، شفيق رجل دولة، وحسابات رجل الدولة تختلف عن حسابات الناشط السياسي، رجل الدولة حساباته تنعقد على قدرته على التواصل مع الدولة ومؤسساتها وأجهزتها وأدواتها ومراكز القوى فيها وليس مع الشارع والميادين، لذلك، أغلب الظن أن شفيق لن يتكلم، ليس بسبب الضغط النفسي عليه باحتجاز بناته في أبو ظبي كما يذهب البعض، وإنما لأن حسابات قد جرت ـ وربما ما زالت تجري ـ منذ لحظة قدومه ونقله في موكب أمني عالي المستوى إلى جهة مجهولة ثم إلى الفندق، وهذه الحسابات لن يكون بمقدورنا معرفتها إلا برصد تطورات حركة شفيق على الأرض، والمدى الذي سيصله في حراكه، إذا تحرك، والمساحة التي ستترك له للتواصل مع حزبه ومع الناس.

ردود الفعل في الإعلام الرسمي والإعلامي الموالي للأجهزة المختلفة، وهو مؤشر مهم على توجهات أعلى هرم السلطة، فيها قدر واضح من التباين، ما بين إبداء الاحترام لشفيق ووقف الهجوم الشخصي عليه وإعادة التأكيد على حقه في الترشح، وبين توجهات أخرى عنيفة ضد شفيق وتجريح شخصي واتهام للذمة وتهديد له بالسجن، وهذا التباين في "مرآة" السلطة، ربما يعكس تباينا في وجهات النظر تجاه موضوع شفيق بين أكثر من جناح.

وأيا ما كانت الوجهة، وأيا ما كان وضع شفيق بعد عودته إلى القاهرة، وسواء أكد نيته الترشح أم ألغاها، فإن القنبلة السياسية التي فجرها أحدثت نتائجها بالفعل، وحفرت أخاديد في الحياة السياسية المصرية لن تردم، ووضعت الرئيس عبد الفتاح السيسي والنظام كله أمام تحديات سياسية وأخلاقية كبيرة، وهناك ما يشبه الإجماع على أن شفيق إذا شارك في الانتخابات فسيفوز، وبنسبة كبيرة. وأما إذا لم يشارك، فإنه سيكون من الصعب إقناع أحد داخل مصر أو خارجها بأن هناك انتخابات رئاسية حقيقية جرت، وهذا سيكون خصما كبيرا جديدا من الشرعية، التي ما زال النظام يعاني فيها طوال خمس سنوات مضت.

المصريون المصرية

1
التعليقات (1)
مصطفي التونسي
الثلاثاء، 05-12-2017 12:10 م
شفيق هو عنصر من منضومة فساد العسكر ولن يخرج عن الخط .... كوادر العسكر تحتل مصر. فهل رأيت يوما محتلا يناصر أبناء البلد؟