ملفات وتقارير

ماذا تحمل رسائل التقارب والاتفاقيات بين السودان وروسيا؟

الصحفي الروسي "سيدروف" لا يعتقد بأن التقارب بين موسكو والخرطوم محاولة من قبل روسيا لتشكيل حلف مناهض لأمريكا- تاس
الصحفي الروسي "سيدروف" لا يعتقد بأن التقارب بين موسكو والخرطوم محاولة من قبل روسيا لتشكيل حلف مناهض لأمريكا- تاس

وقعت دولتا السودان وروسيا عدة اتفاقيات قبل أيام، منها تطوير مشاريع نووية وقاعدة عسكرية، وجاءت بعد خفض جزئي للعقوبات الأمريكية على السودان، مما دفع للاعتقاد بأنها رسالة مبطنة من البشير لأمريكا.


وتأتي هذه الاتفاقيات في وقت تحاول فيه روسيا منافسة واشنطن للتغلغل في الساحة الأفريقية، التي قد تعتبر مقدمة لمسعى موسكو إيجاد موطئ قدم لها في إفريقيا، ولعب دور محوري في قضايا القارة السمراء.


لكن يبقى السؤال ما هي المكاسب التي ستحققها موسكو من هذا التقارب مع الخرطوم؟
يقول الكاتب والصحفي الروسي "يفغيني سيدروف": "تعتبر روسيا السودان شريك لها في ما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والاستثماري أيضا، وغيرها من المجالات المختلفة".


وتابع سيدروف في حديث لـ "عربي21": "من أهم مكاسب موسكو أمكانية أن تصبح السودان بوابة لها على مختلف الدول الأفريقية، والتي لم تكن العلاقة معها متطورة لعدة أسباب".


وأشار إلى أن انشغال موسكو بالأزمة السورية وتصعيد التوتر في العلاقات بين روسيا والدول الغربية هي أحد أسباب تأخر تطور العلاقة بينها وبين الدول الأفريقية ومنها السودان.

 

اقرأ أيضا : وزير سوداني: نعمل على إنشاء محطة نووية مائية في 2019


وأضاف "يفغيني": "الآن أو قريبا سيصبح السودان شريكا فعليا لروسيا في مختلف المجالات ومنها المجال الاقتصادي".


والمثير للاستغراب هو توقيت زيارة البشير لموسكو التي أتت بعد خفض العقوبات الأمريكية على السودان، والتي اعتبرت بأنها سهم موجه لصدر أمريكا.


إلا أن محجوب فضل القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، رأى أن هذه الزيارة طبيعية، وليست موجهة ضد أحد.


وقال فضل في حديث لـ عربي21: "علاقتنا مع روسيا قديمة ومتصلة لم تنقطع في يوم من الأيام، وزيارة الرئيس عمر البشير، كان مقررا لها منذ وقت سابق وتعدل موعد الزيارة أكثر من مرة حتى تمت في هذا الوقت، وهي ليس موجهة ضد أي دولة أو تتضمن رسائل خفية".


وتابع: "هي زيارة عادية بين دولتين بينهما علاقات قديمة وتضمنت البروتوكولات والاتفاقيات التي وقعت في مجالات الاستثمارات المختلفة، وأنا لا أرى أي سبب يجعل منها زيارة فوق العادة أو غير طبيعية".


ويرى فضل ردا على ما قد يعتبره المحللون الأمريكيون رسالة مبطنة موجهة من السودان لأمريكا، أنه من المهم أن تتلقى أمريكا رسائل من خلال فعاليات زيارة البشير لموسكو.


وقال: "نحن في السودان نحترم خصوصيات كل دولة، ولا نعتمد على الأحلاف التي فات زمانها، ونعتبر أن أمريكا ترى كل شي تحت الأضواء الكاشفة، وليس هناك بنود سرية ولا عمل منظم ضد دولة بعينها في المنطقة أو في العالم".


سعي موسكو لبسط نفوذها في أفريقيا

 
وتعد أفريقيا الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن سياسة إدارة أوباما في الابتعاد عن الانشغال بقضايا المنطقة، سهل على روسيا وغيرها من الدول التغلغل وبسط نفوذها في القارة السمراء، مما قد يعتبر محاولة لتصيد الفرصة من قبل روسيا.


إلا أن الصحفي الروسي "سيدروف" لا يعتقد بأنها محاولة من قبل روسيا لتشكيل حلف مناهض لأمريكا.


وتابع: "طبعا روسيا تدرك تماما أن هناك ربما نية من قبل أمريكا لإبعاد روسيا عن التقارب مع السودان ودول المنطقة، والتي من الممكن أن تساهم بتطور العلاقات الاقتصادية وغيرها من المجالات في ما بين الدول الأفريقية وروسيا".

 

اقرأ أيضا : البشير يعرض قاعدة لروسيا على البحر الأحمر مقابل السلاح


وأشار يفغيني إلى أن روسيا تجلب المزيد من الدول الأفريقية إلى جانبها، أملا في أن تصبح هذه الدول حليفة لروسيا ليس فقط في المجال الاقتصادي بل ربما في السياسة التي تحدد هذه المساعي الروسية.


واعتبر التقارب بين روسيا والدول الإفريقية لم يأت من الجانب الروسي فقط، بل أيضا نبع من سعي هذه الدول لتوطيد علاقاتها الاقتصادية مع روسيا.


وقال: "يجب أن  تدعم هذه الدول روسيا في مواجهتها للدول الغربية وهذا ما يخلق ربما بعض المشاكل في التنسيق والتعاون اللاحق بين روسيا وبين الدول الإفريقية".


اتفقت الخرطوم مع موسكو على إنشاء قاعدة عسكرية روسية في السودان، بنفس الوقت الذي يحارب فيه الجيش السوداني الحوثيين حلفاء الحلف الرئيسي لروسيا في المنطقة "إيران"، فلماذا هذا التناقض؟


لا يرى القيادي السوداني محجوب فضل في هذا الأمر شذوذا عن القاعدة، "نحن نعلم أن كثيرا من التقاطعات قد تحدث هنا أو هناك، فليس معنى أن ينخرط السودان في الدفاع عن الشرعية في اليمن ضمن التحالف العربي، وننضم أيضا إلى حلف أخر أو إلى جبهة أخرى نقاتل فيها ما نراه مناسبا لسياستنا".


وضرب مثالا السعودية التي تحارب في اليمن وتحتفظ بعلاقات مميزة جدا مع روسيا وغيرها من الدول.


وتابع: "ليس هناك شذوذ عن القاعدة العامة، وهي -كل أمر يقدر بقدره-، نحن لا نتبع حلفا محددا أو أيدلوجية محددة، ونجنح إلى السلم في كل مكان يسعى فيه الناس للسلم، ونقف بحزم في كل موقف يتطلب الحزم، ومشاركتنا في اليمن لا ترهن علاقاتنا الخارجية".

 

وأضاف: "صحيح نحن بادرنا حتى قبل كثير من الدول على قطع علاقتنا مع إيران، لمسائل تخصنا نحن في السودان مثل انتشار الحسينيات والفكر الشيعي المتطرف،  وهو ما حدا بالحكومة السودانية أن توقف هذه الحسينيات والمراكز الثقافية الإيرانية، ولم يكن هذا الموقف مرهون بمشاركتنا بالتحالف العربي ضد الحوثيين حلفاء إيران".


يذكر أن وزير الموارد المائية والري والكهرباء السوداني معتز موسى أكد أن بلاده في طريقها لإنشاء محطة نووية سلمية، وأنه تم الاتفاق مع وكالة الطاقة الروسية على خارطة طريق لبناء المحطة، خلال زيارة الرئيس السوداني، عمر البشير لموسكو الأسبوع الماضي.

1
التعليقات (1)
مصري
الثلاثاء، 28-11-2017 07:37 ص
علي البشير أن يدرس تجربة عبد الناصر و السادات مع السوفييت جيدا حتي لا تتكرر نفس الأخطاء ، فبوتين لايهمة سوي المصالح والمصالح فقط مع الأخذ في الإعتبار اولوية علاقاته مع اسرائيل .