ملفات وتقارير

إنشاء وكالة مصرية للفضاء.. مشروع حقيقي أم فنكوش جديد؟

أ ف ب
أ ف ب
وافقت لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب المصري، يوم الاثنين الماضي، على مشروع قانون مقدّم من الحكومة لإنشاء وكالة فضاء مصرية.
 
وأثارت هذه الخطوة جدلا حول مدى جدية النظام للتقدم في هذا المجال، في ظل التدهور الحاد في مجال التعليم والبحث العلمي الذي تشهده البلاد، حسبما اعترف قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بنفسه في مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الشهر الماضي.
 
وأعرب مراقبون ونشطاء سياسيون عن اعتقادهم بأن وكالة الفضاء المصرية لن تكون سوى مشروع وهمي جديد يستغله السيسي؛ لتحقيق دعاية سياسية لنفسه، مع اقتراب انتخابات الرئاسة، لتنضم إلى قائمة طويلة من المشروعات الوهمية التي أعلن عنها من قبل، مثل تفريعة قناة السويس وجهاز علاج الإيدز ومشروع زراعة المليون فدان.
 
دخلها سيكون مساويا لقناة السويس
 
وتعليقا على هذه الخطوة، قال رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي في البرلمان، جمال شيحة، إنها بداية تحول حلم إنشاء الوكالة إلى حقيقة، مطالبا الحكومة والإعلام بتبني حملات توعية للمواطنين البسطاء بأهمية إنشاء وكالة الفضاء للبلاد.
 
وأضاف شيحة، في تصريحات صحفية، أن مصر كانت متقدمة في هذا المجال مع دول مثل الهند في خمسينيات القرن الماضي، لكنها تأخرت بما يزيد على 40 سنة، مشيرا إلى أن السعودية فيها وكالة فضاء منذ السبعينيات، والجزائر دخلت هذا المجال عام 2002، والإمارات في 2014.
 
وأوضح أن علوم الفضاء وتطبيقاتها أصبحت تطبيقات اقتصادية، حيث تنفذ عمليات استكشافية تعتمد عليها صناعات كثيرة، مشيرا إلى أن 16% من الدخل القومي لبريطانيا يأتي عبر وكالة الفضاء الخاصة فيها، حسب قوله.
 
وأكد أن تكاليف إنشاء وكالة الفضاء المصرية ستكون من الموازنة العامة للدولة، متوقعا أن يكون دخل تلك الوكالة بعد مرور 10 سنوات مساوٍيا لدخل قناة السويس.
 
من جانبه، كشف وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار عن موافقة مركز الطيران والفضاء الألماني على التعاون مع مصر في علوم الفضاء وتدريب العلماء المصريين.
 
وأضاف عبد الغفار أن هناك قيادات مصرية في مجال الفضاء هاجرت للخارج بعد أن أنفقت الدولة الملايين عليهم للتعليم في أوكرانيا، لكنهم أسسوا بعد ذلك وكالات فضاء في دول عربية عندما لم يجدوا فرصة للعمل في هذا المجال داخل مصر، مؤكدا أن دولا إفريقية تعتزم إنشاء وكالة للفضاء قريبا، وهو ما فرض على مصر حتمية التحرك في هذا المجال، بعدما أصبح من متطلبات الأمن القومي.
 
شكوك حول تنفيذه
 
أستاذ العلوم السياسية، أحمد رشدي، قال إن هذا القانون يعد خطوة جيدة للبلاد، مشيرا إلى أنه من المهم أن يكون في مصر وكالة فضاء وطنية.
 
وأضاف رشدي، في تصريحات لـ"عربي21"، أن الموضوع ليس بهذه السهولة، ولا يتوقف الأمر على مجرد سن تشريع أو قانون لإنشاء الوكالة وموافقة البرلمان عليها، مؤكدا أن الأمر يحتاج لميزانية ضخمة جدا وكوادر علمية محترفة ومدربة.
 
وتابع بأنه ليس عيبا أن يفكر النظام في إنشاء وكالة فضاء، لكن قبل هذا المشروع، من المهم بذل جهود كبيرة لتحسين مستوى التعليم والصحة في البلاد، مؤكدا أن مشكلة إنشاء الوكالة ليس في سن قانون ينظم عملها، لكن المشكلة في توفير موارد التمويل لها والموارد البشرية القادرة على تشغيلها.
 
وتساءل أستاذ العلوم السياسية أحمد رشدي: هناك عشرات، وربما مئات العلماء المصريين المتميزين في علوم فضاء وغيرها من العلوم المرتبطة بها يعملون في وكالة ناسا الأمريكية ووكالات عالمية أخرى، فهل يستطيع النظام إقناعهم بترك مناصبهم في الغرب، والعودة إلى مصر؛ للعمل في الوكالة المصرية، أو حتى تدريب الكوادر الشابة هنا؟ وهل سيحصلون على الرواتب والمميزات ذاتها المتوفرة لها في الخارج؟ هذه هي المشكلة والتحدي الحقيقي؟
 
"ليس هذا وقته"
 
من جانبه، قال المحلل السياسي، عمرو هاشم ربيع، إن هذا ليس الوقت المناسب على الإطلاق للإعلان عن إنشاء وكالة فضاء جديدة تتكلف أموالا باهظة، مشيرا إلى أن البلاد تعاني من مشكلات أكبر من مثل هذا المشروع.
 
وأوضح ربيع، في تصريحات لـ"عربي21"، أن هناك الآلاف من المصريين لا يجدون لقمة العيش؛ بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد، وكان من الأولى بالبرلمان أن يهتم بالمشكلات التي تهم المواطن البسيط، مثل ضبط الأسعار أو تدهور التعليم والصحة، مشددا على أن النظام يبحث عن "الشو الإعلامي" عبر الإعلان عن مشروعات وهمية، مثل وكالة الفضاء أو إنشاء مفاعل نووي جديد.
 
وأكد المحلل السياسي أن مصر تعاني من كارثة حقيقية في مجال البحث العلمي، مشيرا إلى أن البلاد تتذيل القائمة على مستوى العالم في هذا المجال، في حين أن دولة عربية أخرى مثل قطر أو الإمارات تحتل مرتبة متقدمة عالميا في هذا المجال.
التعليقات (1)
مصري
الأحد، 19-11-2017 12:30 ص
ذكرني هذا العنوان بشركة الفضاء الخارجي للفنان توفيق الدقن مع الفنان اسماعيل يس .