بورتريه

جبران باسيل.. "الصهر المدلل" والمستفز وكاتم السر (بورتريه)

جبران باسيل لبنان بورتريه
جبران باسيل لبنان بورتريه

في سنوات طفولته المبكرة، كان يقول لوالديه "بس أكبر بدي أعمل بطرك"، وكبر الفتى ولم يدخل عالم الرهبنة والكهنوت، بل سلك في دهاليز السياسة، عبر علاقة نسب مع الرئيس اللبناني الحالي ميشال عون.

وظهر صهر الجنرال مسكونا بمسيحيته، وانعكس ذلك على لغته وخطابه السياسي، وبشخصية المركّبة التي اعتبرها كثيرون "استفزازية".

وبدأ "رئيس الظلّ"، كما تطلق عليه بعض وسائل الإعلام في لبنان، حياته مهندسا بسيطا، يعمل في المشاريع الصغيرة، حتى التقى شانتال ابنة عون، واقترن بها.

سياسيون لبنانيون يقولون إنه "من غير العدل" ربط الصعود الصاروخي للرجل والثقة التي يمنحها له عون بالمصاهرة فقط، خصوصا أن لرئيس الجمهورية صهرين آخرين، وابن أخ وابن أخت، يعملون جميعا في الشأن العام.

جبران باسيل المولود في عام 1970، حاصل على شهادة الهندسة المدنية في عام 1992، وعلى الماجستير في المواصلات من الجامعة الأمريكية في بيروت، وتخصص في مجال البناء والاستثمار العقاري منذ عام 1994.

ترشح للانتخابات النيابية عام 2005 عن دائرة البترون، إلا أنه خسرها أمام أنطوان زهرا وبطرس حرب. وترشح في عام 2009 من جديد في الانتخابات عن دائرة البترون، لكنه انهزم أمامهما مرة أخرى.

انتخب في آب/ أغسطس عام 2015 بالتزكية رئيسا لـ "التيار الوطني الحر" خلفا للعماد عون، الذي أصبح رئيسا للجمهورية.

وكسب عون معركة الرئاسة  قبل لعبة التصويت، بعدما أوفى الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله بوعده إلى حليفه عون، وصولا إلى ما اعتبره "تضحية كبيرة جدا" بعدم الممانعة في عودة زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري الى رئاسة الحكومة. 

وتجرع الحريري "مرارة الصفقة" لإنهاء الفراغ الرئاسي بتبنيه ترشيح عون، أكثر خصومه السياسيين نفورا.

وعين جبران باسيل وزيرا منذ عام 2008 في حكومات الرؤساء، فؤاد السنيورة، نجيب ميقاتي، تمام سلام، وسعد الدين الحريري (المستقيلة) التي شغل فيها منصب وزير الخارجية.

ويعد اسمه مصدر توتر وإزعاج للكثير من اللبنانيين، وهو عرضة لاتهامات حادة عدة فقد اتهم بأنه "الصهر المدلل"، وبـ"الطائفية"، و"العنصرية"، و"الفساد"، وصفات أخرى لا تستفزه كثيرا، ولا تثير شهيته للهجوم والرد. 

فباسيل بشكل ما، يجد متعة في إثارة العداوات حوله، ويهوى الصِدامات السياسية ويفرح بالخصومات، وفق ما يبدو عليه.

ويمقت سياسيون هذا الوافد الجديد إلى الصف السياسي الأول، متكئا على دعم لا محدود من عون.

ويعد أيضا الابن الذي لم يلده عون الذي أنجب ثلاث فتيات، وهو كاتم أسراره، والمعروف بعدم كشف كل أوراقه.

 

تدور حوله شبهات فساد لا نهاية لها ، وأكدت صحيفة "الديار" اللبنانية، أن ثروت باسيل وصلت إلى مليار دولار.

ولم تقدم أو تؤخر "الحركة المسرحية"، وفقا للإعلامي والسياسي نوفل ضو، التي قام بها باسيل، عندما قدم كتاب رفع السرية المصرفية عن حساباته المصرفية للإعلامي مارسيل غانم. 

إذ نشر ضو، على صفحته في "فيسبوك"، صورة عن كتاب باسيل، قائلا: "مسرحية جبران باسيل".

وكتب ضو "ليكون رفع السرية المصرفية جديا بعيدا عن الاستعراضات الإعلامية يجب أن يشمل الزوجة والأصول والفروع والشركات العقارية وغير العقارية وسندات التملك العقاري والأسهم لحامله وشركات الأوف شور وكل الأموال غير المنقولة وغيرها (..) وكل هذا غير وارد في كتاب معالي الوزير".

وانتشرت شائعات كثيرة حول باسيل، عن ثروته وعن شرائه أراضي شاسعة في لبنان والبترون، وعن امتلاكه منازل خارج لبنان، وعن طائرة خاصة يملكها، فاضطر أكثر من مرة إلى تكذيب الخبر ونفى تلك التقارير.

انفراده في القرار في "التيار الوطني الحر" حوله إلى متلقى لسهام الأصدقاء والأعداء على حد سواء، فقد أعطاه العماد عون الحرية المطلقة أن يتصرف كما يريد.

ورجل المهمات السرية التي يكلفه بها عون، فهو قناة التواصل الوحيدة بين عون وحسن نصرالله الذي يتواصل معه بانتظام، كما أنه قناة التواصل الوحيدة مع سعد الحريري ومع باقي أطراف المعادلة السياسية في لبنان.

سقطاته الإعلامية والسياسية كثيرة، رغم ذلك يحب الإعلام والتصريحات للصحفيين والظهور التلفزيوني والخطابي، ولا يفوّت فرصة لحضور مناسبة أو رحلة عمل، لإطلاق الخطب السياسية.

ولا يترك مناسبة دون أن يتعرض للاجئين السوريين وللمخيمات الفلسطينية في لبنان، فهو يدعو إلى "التحضير الأمني لتنقية مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وتجمعات النازحين السوريين من أي إرهابي"، وفق تعبيره.

ويأتي ذلك رغم أنه بروتوكوليا غير مخول من موقعه كوزير خارجية التدخل في شأن هو من صميم عمل وزارة الداخلية والقوى الأمنية.

ويعد أيضا الرجل الأقوى في عهد عون، ويتمتع بقدرة على التكيف مع الخصوم والحلفاء. فهو يهندس اليوم مشروع عودة سعد الحريري من المملكة العربية السعودية بعد الاستقالة المثيرة للجدل، من خلال جولة خارجية للتأكيد على العودة وضمانات استقرار لبنان، الذي يبدو وكأنه ساحة حرب محتملة بين طهران والرياض.

ويرى كثيرون أن الصدفة قد تكون لعبت دورها في حياة باسيل، لأن كثيرا من خصومه لا يرون أنه مخطط واستراتيجي، بل" قانِصا للفرص ومتقلبا".

لكن باسيل اليوم ربح الرهان، وبات رقما مهما في المعادلة اللبنانية من خلال الصهر عون وقنواته السرية، وتبني ملف عودة الحريري الخصم الشرس للعماد عون ولصهره.

التعليقات (0)