ملفات وتقارير

هل تشهد احتفالات عيد الميلاد "ثورة" ضد البطريرك ثيوفيلوس؟

احتجاجات متصاعدة ضد بيع أراض تابعة للبطريركية الأرثوذكسية في القدس- جيتي
احتجاجات متصاعدة ضد بيع أراض تابعة للبطريركية الأرثوذكسية في القدس- جيتي

يتصاعد الحراك الشعبي احتجاجا على ما قيل إنها عمليات بيع أراض تابعة للبطريركية الأرثوذكسية في القدس لمستثمرين يهود، وتمثل هذا الحراك بوقفات احتجاجية، ومؤتمرات، وبيانات إعلامية، قام بها نشطاء أرثوذكس، ومؤسسات أخرى رافضة لعملية البيع.


واتّفقت 14 مؤسّسة وجمعيّة أرثوذكسيّة فلسطينية من الضفة الغربية في اجتماع عقد في الثالث من تمّوز/ يوليو على إيقاف الحوار مع بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية في القدس، كيريوس ثيوفيلوس الثالث والمجمّع المقدّس، وتشكيل سكرتاريا مصغّرة لمتابعة كلّ الخطوات الاحتجاجيّة والتحركّات الشعبيّة الهادفة إلى عزل ثيوفيلوس.


ومن أبرز مطالب الحراك: عزل ثيوفيلوس الثالث، ومحاكمته، بعد اتهامه بتسريب مئات الدونمات من الأراضي الوقفية التابعة للكنيسة في الداخل الفلسطيني والقدس، وكذلك العمل على ما أسماه النشطاء "تحرير" الكنيسة الأرثوذكسية من "هيمنة الكنيسة اليونانية".


الناطق باسم شباب الأرثوذكس جلال برهم قال لـ"عربي21"، إن قضية تسريب أراضي الكنيسة بدأت "قبل 100 عام، وتحديدا سنة 1917 مع وعد بلفور، ودخول الحركة الصهيونية إلى فلسطين لإقامة مشروع  الدولة اليهودية، وفي ذلك الوقت كانت الكنيسة الأرثوذوكسية من أكثر ملاكي العقار، مما لفت الأطماع الصهيونية باتجاه أراضي الكنيسة الأرثوذوكسية".


وكشف برهم أنه منذ "بداية العشرينات بدأت أولى صفقات التأجير للحركة الصهيونية، كما شرعت دولة الاحتلال لعقد صفقات طويلة الأجل ولمدة تصل 99 عام لاستئجار أراض تابعة للبطريركية من أراض الكنيسة، ثم تحولت لاحقا إلى صفقات ونقل ملكية بالكامل لصالح دولة الاحتلال وشركات المستوطنين، وهكذا بدأت عمليات تسريب الأراضي".

 

اقرأ أيضا: هكذا وصف مطران الأرثوذكس بالقدس حال الكنيسة وممتلكاتها

وقال الناشط الشبابي برهم، إنهم اكتشفوا حجما كبيرا من صفقات البيع في السنوات الأخيرة، سواء بشكل مباشر للإسرائيليين أو عقود إيجار تم تحويلها لعقود بيع عبر شركات وهمية غير معرفة ومسجلة في جزر العذراء البريطانية في البحر الكاريبي، ويتم التعامل مع هذه الشركات من قبل البطريركية عبر ثلاث مراحل: الأول تأجير، والثاني تأجير طويل الأمد، وأخيرا من تأجير إلى بيع، وبعد ذلك تقوم هذه الشركات ببيع ما أخذته من البطريركية لصالح الشركات الاستيطانية بعشرات الأضعاف".


ونوه برهم إلى أن "هناك شركة استثمارية موجودة في جزر العذراء اشترت 12 صفقة من البطريركية حتى الآن، والمؤشرات التي لدينا تبين أن هناك أكثر من 20 صفقة، لكن مع ذلك هذه الشركة في ظل الصفقات قامت بشراء الشيخ جراح من البطريركية، وتمت عبر 3 مراحل، وهذه الشركة استأجرت من البطريركية أرض طبريا والبقعة وغيرها الكثير".


وأشار إلى أنه "لا يمكن ملاحقة هذه الشركات الوهمية ولكن لدينا القدرة على ملاحقة البطريك  قانونياً، لأنه هو الذي من قام بعملية البيع".


وأكد برهم أن هناك العديد من الاحتجاجات التي قام بها العرب الأرثوذوكس ضد البطريق رفضا لتسريب العقارات للجانب الاستيطاني.


وأضاف قائلا: "هذه الأراضي فلسطينية ومن معالم الحضارة العربية الفلسطينية، بالتالي بيع أو تسريبها لصالح الاحتلال إنما هو عمل عدواني ضد الشعب وقضيته الوطنية العادلة".

 

20 ألف دونم تابعة للكنيسة

وكان مدير قسم الخرائط في جمعية الدراسات العربية بالقدس خليل التفكجي، كشف أن مساحة مدينة القدس بشطريها الشرقي والغربي بلغت في عام 1945 حوالي عشرين ألف دونم، وكانت الكنيسة تمتلك من هذه المساحة ما نسبته 15 في المئة، وأظهرت مسوحات تمت عام 2011، أن الكنيسة الأرثوذكسية تمتلك ما نسبته 33 بالمئة من البلدة القديمة في القدس.


بدوره قال الباحث في شؤون الأوقاف الأرثوذكسية، وعضو المجلس الأرثوذكسي داخل فلسطين، أليف صباغ، إنه تم توثيق معلومات عن صفقات جديدة لبيع أملاك الكنيسة.


وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن أراضي الكنيسة "وقفية" وليس لأحد حق التصرف بها، معلنا رفضه لأي صفقة لبيع أو تأجير تلك الممتلكات لإسرائيل "المغتصبة للأرض" أو غيرها.


وأوضح صباغ، أن "هناك 41 صفقة، لكن ما وثق منها بشكل كامل 14 صفقة، وهناك اعترافات من اليونان ومن نفس بطريرك الكنيسة اليونانية بأن هذه الأوقاف عبء على البطريركية ويجب التخلص منها".

 

اقرأ أيضا: 3 صفقات بيع سرية لأملاك الكنيسة الأرثوذكسية بالقدس المحتلة

وتابع: "لدينا اتفاقيات موقعة ومختومة لنحو 14 صفقة ومع ذلك ينفي البعض من المتحدثين والمدافعين عن البطريركية أمام وسائل الإعلام رغم إقرار كبار الكنيسة بإتمام عملية البيع، لكن  نكشف كل يوم عن صفقات جديدة، وهناك سعي لإحداث رأي وطني عام حول هذه الصفقات، باعتبار القضية وطنية".


ونوه صباغ، أنهم سيصعدون من موقفهم خلال احتفالات عيد الميلاد، وهناك توجه لمقاطعة مشاركة  البطريرك ثيوفيلوس في احتفالات عيد الميلاد، وفق قوله.


وقال: "أهالي بيت لحم خاصة وأهل فلسطين عامة يرفضون مواقف ثيوفيلوس بمهاجمة المناضلين، ووصفه المطلوبين الذين احتموا بكنيسة المهد أنهم إرهابيون، ولا يجوز للسلطة الفلسطينية المشاركة باحتفالاته، ولا يجب رفع العلم اليوناني وإنما العلم الفلسطيني، وهذا ما سيقوم به الشباب عاجلا أو آجلا".


ونوه الناشط الأرثودوكسي صباغ أن "زيارات ثيوفيلوس للفاتيكان والدول الخارجية لا يعني أن له تأييدا، وسنعمل ونناضل حتى إقالته وإحداث تغيير جذري للكنيسة التي هي جزء من الوطن، ويجب أن يكون البطريرك من هذا الوطن وليس يونانيا كما جرت العادة، ومن لا يعجبه يشرب من بحر الأبيض المتوسط".


يذكر أن غضب الطائفة الأرثوذكسيّة من البطريرك ثيوفيلوس الثالث، تجدد بعد أن كشفت صحيفة "كلكليست" الإسرائيليّة الاقتصادية في 27 حزيران/ يونيو عن بيع الكنيسة الأرثوذكسيّة 500 دونم من أراضيها في القدس الغربيّة لشركة إسرائيليّة خاصّة، والتي تعرف بـ"صفقة رحافيا"، ويعود تاريخ الصفقة التي جرت بشكل سريّ إلى الثاني من آب/ أغسطس عام 2016، وتمّ الكشف مؤخرا عنها عقب دعوى قدّمتها الكنيسة إلى المحكمة المركزيّة في القدس لإصدار قرارات تلزم بلدية القدس بعدم مطالبة الكنيسة بالضرائب عن تلك الأراضي.


موقف البطريركية من الاحتجاجات

 
ورصد مراسل "عربي21"، بيانا توضيحيا مطولا، صدر عن مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية بتاريخ 22 تموز/ يوليو من العام الجاري، فند ما قال أنها "افتراءات".


ومما جاء فيه أن هنالك حملة محمومة يقودها بعض "المُغرضين بخصوص ما سُمي من قِبلهم صفقة رحافيا، وما تبعها من كيل الاتهامات والمزاودات والمخالطات وتزوير الوقائع الوقائع من أجل خدمة أهدافهم المشبوهة".


وقالت البطريركية في بيان لها: "إن البطريركية هي الحامية للمقدسات المسيحية بالبلاد ولكنيسة القيامة وذلك منذ أكثر من ستة عشر قرن ويخطئ من يظن أن المزاودات المهاترات عليها من قبل ثلة من المُغرضين والمنتفعين تؤثر قيد أنملة على تاريخها العريق ودورها الوطني وهي مردودة على مُروجيها وتزيل أقنعتهم وتكشف وجههم الحقيقي".

 

التعليقات (0)