صحافة دولية

واشنطن بوست: كيف يجعل ترامب الأمور أسوأ في الشرق الأوسط؟

واشنطن بوست: سياسة واشنطن للشرق الأوسط تجعل المنطقة أسوأ مما هي عليه- أ ف ب
واشنطن بوست: سياسة واشنطن للشرق الأوسط تجعل المنطقة أسوأ مما هي عليه- أ ف ب

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب كارل بيلدت، يقول فيه إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشفت الآن عن استراتيجيتها في الشرق الأوسط ليراها الجميع، مشيرا إلى أن الأوروبيين ليسوا سعداء.

 

ويقول بيلدت: "إلى الآن، على الأقل، قررت الولايات المتحدة التركيز على مكافحة التطرف ووقف إيران، وقرر البيت الأبيض أن أفضل طريقة لتحقيق هذه الأهداف هو الاعتماد على الحلفاء الإقليميين، السعودية وإسرائيل، مستثنيا كل شيء آخر".

 

ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "يجب ألا يكون مفاجئا بأن كلا من الرياض وتل أبيب سعيدتان بهذا التحول، فكلا الدولتين تستخدمان علاقتهما مع زوج ابنة ترامب جارد كوشنير للدفع بمصالحهما لأبعد الحدود".

 

ويلفت بيلدت إلى التدخل السعودي في اليمن، الذي بدأ خلال إدارة أوباما، التي حاولت أحيانا تحذير السعوديين بأنهم يذهبون بعيدا، مستدركا بأنه "في عهد الرئيس ترامب، حتى هذه الانتقادات الحذرة توقفت تماما، وبدلا من ذلك يبدو أن واشنطن تزيد من دعمها للحرب المتعثرة، والنتيجة كانت التورط في مستنقع عسكري ومأساة إنسانية على مستوى كبير".  

 

ويقول الكاتب: "هناك قطر، ولا شك أن حملة الرياض لإحداث تغيير في النظام في الدوحة ارتكزت على استشعار الدعم من ترامب وعائلته، وليس النزاع بين العائلتين الحاكمتين في السعودية وقطر جديدا، وكذلك محاولات التدخل في الشؤون الداخلية لبعضهما، لكن دعم ترامب للسعودية هذه المرة جعل السعوديين يظنون أنهم سينجحون في مهمتهم بسرعة، لكنهم كانوا مخطئين في ذلك، وبدلا من الانتصار فإن الرياض تواجه حربا دبلوماسية دون نهاية مرئية لها". 

 

ويجد بيلدت أنه "بالإضافة إلى ذلك، فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحاول إشعال حرب بالوكالة في لبنان، ولا يمكن توقع خير من ذلك أيضا".

 

ويقارن الكاتب هنا بين السياسة الأوروبية في الشرق الأوسط، التي تؤكد تجاوز الخلافات، وحث مختلف الدول على التركيز على الحاجة الملحة للإصلاحات الداخلية، وبين استراتيجية ترامب، التي تقوم على توسيع الخلافات إلى حد بعيد، وإهمال التحديات المحلية. 

 

ويرى بيلدت أن "السياسة تجاه إيران مثال جيد على ذلك الفرق بينهما، حيث حلت الصفقة النووية صراعا كاد أن يتحول إلى حرب، وفتحت الطريق أمام المناورة في القضايا الأخرى، وكانت حجة الأوروبيين في ذلك هي أن أفضل استراتيجية للتأثير على تصرفات إيران هي توحيد العالم وتقسيم إيران، أما إدارة ترامب فتحاول العكس، حيث تقوم بتقسيم العالم وتوحيد إيران، وأثر ذلك أن النتيجة ستكون كئيبة كما هو متوقع".  

 

وينوه الكاتب إلى أن "لدى إيران برنامج صواريخ بالستية، يشعر جيرانها بالتهديد، لكنها ليست الوحيدة في ذلك، فإن ترسانة إسرائيل من الصواريخ البالستية ستكون في الغالب أكثر تطورا، وبالرغم من أن هذا قليلا ما يناقش، إلا أن السعودية حصلت على صواريخ بالستية صينية يغطي مداها المنطقة".

ويذهب بيلدت إلى أنه "لذلك، فإن سياسة تحد من عدد الصواريخ البالستية، مع غياب احتمال نجاحها، أكثر واقعية من سياسة تستهدف بلدا واحدا في المنطقة".

 

ويقول الكاتب: "بدلا من تشجيع التصعيد في التوتر بين الرياض وطهران، يجب علينا بالتأكيد أن نحث على التهدئة، وربما يجب أن يكون الهدف دائما الاتفاق على إطار أمني إقليمي، وتحاول كل من الكويت وعمان بهدوء أن تجسر الهوة بين قطر والسعودية، وأحد البلدين التي يعتمد مستقبلها على العلاقة بين البلدين هو العراق".

 

ويبين بيلدت أن "تهدئة التوتر بين الدول في المنطقة هو شرط مسبق للسماح لتلك الدول بالتعامل مع حاجتها من الإصلاحات الداخلية، حيث تظهر التوجهات في كل من مصر والسعودية وإيران بأن مشكلات كبيرة تنتظر في العقود القادمة، إن لم يتم تطبيق إصلاحات عميقة".

 

ويفيد الكاتب بأنه "تم الانتصار تقريبا في الحرب على تنظيم الدولة، لكن الحرب الأيديولوجية مستمرة، وعلى المدى الأطول فإنه لا يمكن التصدي لاحتمال عودة التطرف إلا إذا استجابت دول المنطقة للطموحات الاجتماعية والاقتصادية لشعوبها، وذلك سيمنح الحكومات نوعا من الشرعية التي تفتقدها الآن".

 

ويؤكد بيلدت أن "هذه هي القضايا الحقيقية للشرق الأوسط، بالإضافة طبعا إلى للحاجة المستمرة لضمان العدالة والسلام، بإقامة دولتين بين الأردن والبحر الأبيض المتوسط".

 

ويخلص الكاتب إلى أن "مكتب عائلة ترامب -كوشنير في البيت الأبيض، وبتشجيع كبير من الرياض والقدس، يرى الأمور بشكل مختلف، وقد بدأنا بسماع طبول الحرب، أما من وجهة النظر الأوروبية، فإن سياسة واشنطن للشرق الأوسط تبدو وصفة لجعل مشكلات المنطقة أسوأ مما هي عليه".

التعليقات (0)