مقابلات

محسوب لـ"عربي21": الانتخابات الرئاسية فرصة مهمة للتغيير

محمد محسوب دعا الجميع للاتفاق على سيناريو وخارطة طريق للخروج من الأزمة - أرشيفية
محمد محسوب دعا الجميع للاتفاق على سيناريو وخارطة طريق للخروج من الأزمة - أرشيفية

•    نظام السيسي وضع مخططا شاملا لتزوير الانتخابات مبكرا


•    أدعو الجميع للاتفاق على سيناريو وخارطة طريق للخروج من الأزمة


•    لو لم تتبنَ القوى الوطنية موقفا موحدا من الانتخابات فسيمر السيسي بكل سهولة


•    التناقض بين الأجهزة والصراع بين مراكز القوى أصبح علنيا


•    القوى الوطنية لم تعد تتجنب نقاش أي مسألة أو أي مقترح يتعلق بكيفية إنقاذ البلاد


•    لا وجود للجبهة الوطنية ولم يُعلن إلا دعوة للسعي لتأسيسها وليس لها أي تشكيلات


•    الجبهة الوطنية إذا وُلدت بتوافق كل القوى فستكون ماردا يُحقق ما حققته في يناير  2011


•    إجبار قيادة الجيش على إعلان تأييدها للتنازل عن أراضي مصر انقلاب على مقومات  الدولة

 

قال وزير الشؤون القانونية والبرلمانية المصري الأسبق، محمد محسوب، إن الانتخابات الرئاسية المقبلة "فرصة مهمة لإحداث تغيير ما، ولإحداث اصطفاف وتماسك بين مختلف أطياف القوى الوطنية ليس لكسب الانتخابات، وإنما لكسب الحرية"، مؤكدا أن الفرصة لازالت مواتية للقوى السياسية لتبني موقفا موحدا بشأنها.


وأضاف- في مقابلة خاصة مع "عربي21"-: "إذا كان الهدف هو إسقاط السلطة الحاكمة أو إحداث هزة هائلة في أركانها، فإن البحث عن وسائل إحداث ذلك أمر مشروع تماما، سواء بمقاطعة شاملة أو بالدخول للمعركة صفا واحدا، فهذا السوق الانتخابي يمثل فرصة لبناء تجمع وطني واسع يعمل إما على إسقاط السلطة الحالية أو على الأقل لفتح ثغرة في حائط الخوف الذي أقامته".


وتابع: "لو لم تتبنَ القوى الوطنية موقفا موحدا من الانتخابات فسيمر السيسي بكل سهولة أيا كان المرشح ضده ودون أدنى مشاركة شعبية، لأن الشعب لن يحتشد لا للسيسي ولا لمرشح أمامه أيا كان قدره، بل سيحتشد وراء القوى الوطنية المصطفة إن رشحت أحدا باسمها أو أيدت مرشحا بعينه أو قاطعت في إطار مقاطعة إيجابية تفضح إفلاس السيسي وتُرفق بحملة واسعة وفعاليات تُعلن عن رفض الشعب له".


وأشار "محسوب" إلى أن سلطة الانقلاب "وضعت مخططا شاملا لتزوير الانتخابات مبكرا، وليست حملات جمع التوقيعات، وتأميم الإعلام، والتغييرات في تركيبة السلطة، إلا تمهيدا لعملية التزوير الكبرى التي ستحدث سواء وُجد مرشحون أو لم يوجد".


وفيما يلي نص المقابلة كاملة:


كيف تابعتم الإقالات التي جرت مؤخرا في المؤسسة العسكرية ووزارة الداخلية؟


الفشل الأمني أصبح صفة ملازمة للسلطة القائمة بما يتماشى مع فشلها في كافة الملفات. والتغييرات الأخيرة لا أعتقد أن من أهدافها تحسين الأداء الأمني، فالعقلية الحاكمة هي أساس الأزمة، وهي عقلية تنتمي للماضي الذي يعتبر أن القوة والحلول الأمنية هي أساس الحكم، وأنه لا مكان للحريات ولا للحقوق ولا لدولة القانون.


هذه سلطة ترى أنه لا ينبغي للمصريين أن يتطلعوا لدولة قانون، ويعتبرون البطش وإغلاق الأفق العام وتأميم الإعلام هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن، وهي رؤية فاشلة نعيش آثارها المحزنة كل يوم.


والأقرب أن التغييرات – خصوصا تلك المتعلقة برئاسة أركان الجيش – هي عملية تصفية ما تبقى من فريق الانقلاب، وهي سنة يتوارثها الانقلابيون من يوم أول انقلاب عسكري عرفته البشرية. فمن يصل إلى السلطة من خلال انقلاب ينتقل بعد وصوله للحكم للتخلص أولا من السياسيين الذين دعموه، ثم ينتقل لمراكز القوة التي وقفت معه، فهو بالتأكيد يخشى أن يحصل له ما فعله هو نفسه.


ولم تكن هذه الإقالة الأولى، ولن تكون الأخيرة، فالسلطة لا تأمن الجيش كما لا تأمن القوى السياسية أو أيا من فئات الشعب، ولذا فإنها – فيما يتعلق بالجيش – ستستمر في عملية إنهاكه بإقالات مستمرة وعمليات تنقلات لا تهدأ بهدف أن لا يستقر الجيش ولا يتبقى لدى ضباطه وجنوده وقت للتفكير في أوضاع البلاد والمآسي التي وصلت إليه.


لم يتبق سوى أربعة أشهر تقريبا على انتخابات الرئاسة المزعومة.. كيف ترى مشهد تلك الانتخابات في ظل ضبابية الأوضاع؟


الأوضاع ليست ضبابية، بل واضحة. سلطة تعمل على أن تؤسس للفترة الثانية لها، وتخطط لجعل هذه الانتخابات الأخيرة، لأنها تعمل للبقاء لعقود. وهناك معارضة ممزقة لازالت تعيش في خلافات الماضي وحول مفاهيم لا قيمة لها إلا في دولة ديمقراطية.


والقيمة الوحيدة لهذا السوق الانتخابي هو أنه يمثل فرصة لبناء تجمع وطني واسع يعمل إما على إسقاط السلطة الحالية أو على الأقل لفتح ثغرة في حائط الخوف الذي أقامته.


فالانتخابات تأتيها السلطة مضطرة بسبب الميراث الدستوري المتبقي من ثورة يناير، والذي يُحدد الفترة الرئاسية بأربع سنوات. هذا الميراث سيُجري التخلص منه بمجرد انتهاء الانتخابات، كما حصل مع حقوق التظاهر والإضراب والتعبير وإطلاق الصحف والقنوات الفضائية وغيرها.


والسلطة لم تجد الوقت الكافي للتخلص من الانتخابات بسبب انشغالها بتدمير كل قيم ومبادئ ثورة يناير، وقد حاولت أن تتملص من الانتخابات فلم تستطع.


وهذا لا يعني أنها تفكر في إدارة انتخابات نزيهة، بل وضعت مخططا شاملا لتزوير الانتخابات مبكرا، وليست حملات جمع التوقيعات وتأميم الإعلام والتغييرات في تركيبة السلطة إلا تمهيدا لعملية التزوير الكبرى التي ستحدث سواء وُجد مرشحون أو لم يوجد، فالسلطة ترغب في إظهار أن الشعب – رغم الكوارث التي حلت به – متمسك بها كالذبيح المتمسك بجزاره.


البعض يقول إن انتخابات الرئاسة المقبلة محسومة بشكل مطلق للسيسي ولا مجال لأي تعاط إيجابي معها.. فكيف ستتعاملون معها؟


المعركة بين الاستبداد والشعب المصري لم تنته في هذه المرحلة، ولذا فالسيسي مجبر على إجراء انتخابات ولم يتمكن من التراجع عنها، وربما تكون أرقام النتائج قد جرى تجهيزها، والقاضي الذي سيُعلن النتيجة جرى تعيينه، وحتى الديكورات المصاحبة جرى تصميمها.


الشيء الوحيد الذي لا يُمكن توقعه هو ما سيقوم به الشعب المصري الذي رأى بعينيه أن ثورة يناير "كبحت" الفساد ومنعت سقوط الدولة، وأن عودة الاستبداد بتلك الصورة الفاضحة هو ما يعجل بالسقوط وبتآكل قوة الدولة وتبدد ثروة البلاد، لكن الشعب يحتاج إلى قوى سياسية متماسكة ومُصطفة.


والانتخابات فرصة كبيرة لإحداث تغيير ما، ولإحداث هذا الاصطفاف والتماسك ليس لكسب الانتخابات وإنما لكسب الحرية، ولازالت الفرصة مواتية للقوى السياسية لتبني موقف موحد بشأنها.


فإذا كان الهدف هو إسقاط تلك السلطة أو إحداث هزة هائلة في أركانها، فإن البحث عن وسائل إحداث ذلك أمر مشروع تماما، سواء بمقاطعة شاملة أو بالدخول للمعركة صفا واحدا.


هناك من يدعو للالتفاف حول مرشح بعينه في مواجهة السيسي.. كيف ترون هذه الدعوة؟


وجهة نظري أن الأمر – بالنسبة للقوى الوطنية – لا يتعلق بدعم مرشح دون آخر، وإنما يجب أن ينصب على الطريقة المثلى لمحاصرة السلطة بالاستفادة من "سوق الانتخابات"، فربما لا تتفق القوى السياسية على المشاركة في تلك الانتخابات أو مقاطعتها، لكنها يُمكن أن تتفق على الاستفادة منها بإظهار رفض شعبي عارم لمن يهيمن على السلطة الآن.


لماذا لم تمتلكوا حتى الآن رؤية واستراتيجية لكسر الانقلاب العسكري ومرحلة ما بعد إسقاطه؟

 

لا أدرى لمن توجه السؤال؛ فأنا لا أمثل إلا نفسي، ورؤيتي واضحة منذ خرجت من مصر، وهي أن اصطفافا وطنيا جامعا يجعل أقل السيناريوهات كافيا لاستعادة الديمقراطية، فالقضية لا تتعلق "بالرؤية العبقرية" لإسقاط سلطة، وإنما تتعلق بالوسيلة الوحيدة لإحداث التغيير واستعادة المسار الديمقراطي، وهو "الاصطفاف".


وقد تابعت وتابع الإعلام كيف أن الجماعة الوطنية كانت مختلفة حتى على ضرورة "الاصطفاف" حتى لعنه بعض رفقائنا، وتأفف منه البعض، وتعالى عليه آخرون، لكن ساعة الاصطفاف بين القوى الوطنية في الداخل والخارج دقت وأصبحت ضرورة وطنية، وأعتقد أن قناعة عامة بضرورته أصبحت أقرب من ذي قبل.


هل الواقع يقول إن السيسي أحكم قبضته بشكل تام ومطلق على كافة مقاليد الحكم في البلاد؟

 

السلطة الحالية لم تُحكم قبضتها على شيء، بل على العكس فقد بدأت ومعها كافة الأجهزة من شرطة وجيش وإعلام وقضاء وجهاز إداري وفئات اجتماعية هامة. وأي منصف اليوم يرى كيف انفض عنها مؤيدوها، وكيف أصبح القلق يضرب كافة الأجهزة، وكيف أمست خائفة قلقة من القضاء للدرجة التي تدخلت بسفور غير مسبوق لنزع استقلاله، ودخلت في مواجهة عدائية معه لبيع صنافير وتيران. كما أن عدم الرضا داخل المؤسسة العسكرية أصبح أمرا تتناوله وسائل الإعلام العالمية والإقليمية دون مواربة.


والتناقض بين الأجهزة والصراع بين مراكز القوى أصبح علني، وقد عبّر عنه أخي وصديقي عصام سلطان في مقال له أرسله من العقرب قال فيه إن "سجن مركوب من ستة جهات"، ورأيي أن مصر كلها أصبحت مركوبة من جهات متناقضة المصالح مختلفة الولاءات متصارعة على المصالح.


التوصيف الأدق هو أن السيسي أحكم قبضته على القوى السياسية المصرية، فجعلها مشتتة مفتتة كقطعة اللحم، وهذا ما يُبقيه في الحكم، وهذا ما يُغذي بقاءه. والتمرد المنتظر هو تمرد القوى السياسية على معادلة التقسيم والتفتيت التي فرضتها سلطة السيسي عليها. وقتها فإن الحسابات ستختلف.


هل ترى أن فرص نجاح السيسي في الانتخابات المقبلة كبيرة؟

 

لو لم تتبنَ القوى الوطنية موقفا موحدا من الانتخابات – مقاطعة أو مشاركة – فإن السيسي سيمر بكل سهولة، وأيا كان المرشح أمامه ودون أي مشاركة شعبية، لأن الشعب لن يحتشد لا للسيسي ولا لمرشح أمامه أيا كان قدره، بل سيحتشد وراء القوى الوطنية المصطفة إن رشحت أحدا باسمها أو أيدت مرشحا بعينه أو قاطعت في إطار مقاطعة إيجابية تفضح إفلاس السيسي وتُرفق بحملة واسعة وفعاليات تُعلن عن رفض الشعب له.


بحكم كونك عضوا بالأمانة العامة للجبهة الوطنية المصرية.. ما هو الجديد بالنسبة للجبهة؟ ولماذا تأخر مؤتمرها التأسيسي؟

 

لا وجود للجبهة الوطنية، ولم يُعلن إلا دعوة للسعي لتأسيسها وليس لها أي تشكيلات، وبالتالي فلا وجود لما تسميه أمانتها العامة، فالجبهة الوطنية لم تنشأ بعد، وكل ما حدث هو إعلان ودعوة للنقاش وللسعي لبلوغها، وهي لن تنشأ بهذا الاسم أو بأي اسم آخر إلا إذا شارك في تكوينها الجميع وتحمل مسؤوليتها الجميع، وبالتالي لن يكون هناك مؤتمر تأسيسي لأي كيان جامع إلا عندما يصطف المؤسسون المفترضون وهم كل القوى السياسية دون نقصان.

 

هل يمكن القول إن الجبهة الوطنية المصرية وُلدت ميتة، خاصة أننا لم نجد لها أي حراك فاعل في المشهد حتى الآن؟


هي لم تولد بعد، وإذا وُلدت بتوافق كل القوى فستُولد ماردا يُحقق ما حققته في يناير 2011، مع الفارق أنها ستحمل هذه المرة خارطة طريقها ورؤيتها الموحدة لاستعادة اللحمة الوطنية وتحقيق المصالحة الاجتماعية ووقف النزيف الاقتصادي وتحقيق استقلال الإرادة الوطنية. ستمتلك هذه المرة برنامجا مفصلا لتحقيق حلم الشعب في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.


وهل أنت متفائل هذه المرة بخطوات الاصطفاف وما وصلت إليه؟

 

بالتأكيد، فالساعون لتوحيد الصف الوطني أصبحوا بالمئات بل بالألوف، وليسوا فقط أولئك الذين طالبوا بذلك خلال الأربع سنوات السابقة، وإذا اتفقنا على أن الجبهة الوطنية لم تُولد بعد، وأننا بصدد مشروع وطني لبنائها، فإن ثمة نقاشا جاريا حاليا بين جميع القوى الوطنية لتحديد الأهداف المشتركة أتمنى له الوصول لنتائج يُبشر بها شعبنا.

 

كيف تنظرون لحركة التضامن المدنية الوطنية (تضم ليبراليين ويساريين ومستقلين) التي يجري تشكيلها داخل مصر؟


كل تحرك نحو بناء الصف الوطني مُقدر، ومعرفتي ببعض أطراف الحركة يجعلني أؤمن بأنها محاولة مخلصة في طريق استعادة الصف الوطني.


هناك بعض القوى والشخصيات المعارضة من التيار الليبرالي واليساري تقول إنها تقدم بديلا ثالثا بعيدا عن الإخوان والعسكر.. كيف ترون هذا الأمر؟

 

أعتقد أن الحديث عن بديل ثالث ومحاولة تسويق أن المشكلة في العسكر والإخوان قد أصبحت من الماضي، فالشعب المصري لا يواجه العسكر ولا يواجه الإخوان، وإنما يواجه سلطة تدمر مكونات الدولة وتتلاعب بكل شيء بما في ذلك الجيش.

 

والإخوان هم جزء من الجماعة الوطنية، وهم ككل أضلاع الجماعة الوطنية لديهم ما تنتقده ولديهم ما تستحسنه، ولا يجوز إقصاء أي قوى وطنية ينتقدها فريق آخر.

 

كما أن العسكر لا يُتساوون مع أي قوى سياسية لاختلاف الدور والوظيفة، فالعسكرية هي وظيفة للدفاع عن الوطن في ميدان القتال، بينما السياسة هي مهمة للدفاع عن الوطن داخل الأحزاب السياسية ومؤسسات الحكم. ولو تحكم الساسة في خطط الحرب فإن الهزيمة مؤكدة، كما أن العسكر لو دخلوا السياسية فالانكسار الشامل مُحقق.


كيف تنظرون للدعوات المنادية بإعلان جماعة الإخوان تخليها الطوعي عن المنافسة على السلطة؟


لا أعتقد أن الإخوان أو أي من القوى السياسية لديها رفاهية المنافسة على السلطة، فما نريده هو استرداد الحقوق والحريات الأساسية وإنقاذ البلاد من الكوارث التي تتنقل بينها.

 

وربما اقتضى ذلك وثيقة جامعة تصدرها الجماعة الوطنية المصرية بكل أطيافها تُحدد فيها ملامح المستقبل بما يُطمئن الجميع أن الهدف هو التحول الديمقراطي والازدهار الاقتصادي وليس استئثار أي طرف بأي سلطة.  

 

نائب رئيس حزب الوسط عصام سلطان كان له مقال بعنوان: "هل يفعلها الإخوان في الانتخابات المقبلة؟"، مقترحا عليهم أن يقولوا: "ليس لدينا مانع من الحوار حول كل الموضوعات التي من شأنها انتشال مصر من الضياع والفشل والإفلاس والاقتتال الداخلي مع الفائز في الانتخابات الرئاسية بشرط أن تكون حرة".. فهل تتوقع أن تُقدم الإخوان على هذا الأمر؟


يُمكن أن توجه السؤال مباشرة للإخوان، أما رؤيتي الشخصية – وهي لا تختلف عما ذكره أخي وصديقي عصام سلطان - فأعتقد أن على الجميع أن لا يُصادر على أي رؤية أو مقترح قابل للتنفيذ، وما أعاينه خلال تواصلاتي مع الجميع، بمن فيهم الإخوان، أن غالبية الصف الوطني لم يعد يتجنب نقاش أي مسألة أو أي مقترح يتعلق بكيفية إنقاذ البلاد مما حاق بها من كوارث وإحداث تغيير يضمن تحرير المعتقلين وتحقيق عدالة انتقالية تعالج ما وقع من مآسي وضمان تحول ديمقراطي حقيقي يحفظ البلاد وكرامة الشعب.


القيادي الإخواني البارز عصام العريان دعا مؤخرا إلى العودة بالبلاد من جديد إلى مسار الحياة الدستورية الحقيقية، والانتخابات الحرة التي لا يُقصى عنها أي فصيل سياسي.. كيف تنظرون لهذه الدعوة؟

 

لا تختلف دعوة الدكتور عصام العريان عن دعوة الأستاذ عصام سلطان، فكلاهما يُناشد أطراف الحركة الوطنية خارج السجون أن تسعى للاستفادة من الانتخابات الحالية لبناء صفها وتبني مواقف موحدة بهدف استعادة المسار الديمقراطي، وبالتأكيد في الطريق إلى ذلك جهود يجب أن تُبذل ومناقشات يجب أن تكتمل ومواثيق يجب أن تُوقع.

 

دعوت الجميع (عسكريين وسياسيين وأمنيين وإعلاميين ورجال أعمال) أن يتحدثوا معا، وأن يتفقوا على سيناريو للخروج والإنقاذ.. فهل هناك تفاعل مع هذه الدعوة؟

 

هذه دعوة لا أفتأ أذكّر بها منذ أربع سنوات، فرؤيتي هي أن الانقلاب كان على الجميع؛ على كل أطراف ثورة يناير، لكن أيضا على منظومة الدولة، فما نراه من اختلال في أداء مدرسة الدبلوماسية المصرية يعكس أثر الانقلاب فيها على تاريخ الدبلوماسية المصرية.


وما نشهده من أداء أمني واهتراء عملياتي هو انقلاب على العسكرية المصرية، وما نراه من تنازل عن أراضي الدولة وإجبار قيادة الجيش على إعلان تأييدها لذلك هو انقلاب على مقومات الدولة. وما نراه من هدم للمؤسسات المالية والاقتصادية – بشكل متعمد – وإغلاق المجال الاقتصادي أمام المستثمرين لا يختلف عن إغلاق المجال السياسي أمام السياسيين، هو انقلاب على المفاهيم الاقتصادية البسيطة لإدارة أي بلد.


نحن أمام انقلاب على الجميع يهدد حياة بلد كامل، وهو ما يدعو الجميع لأن يتواصل وأن يتفاهم وأن يتواضع وأن يتنازل للوصول لرؤية مشتركة للإنقاذ.


لا أعتقد أن دعواتي هذه كانت صيحة في واد، فما أراه اليوم من تواصل ومصارحة بين من تعادوا بالأمس وتخاصموا إنما يُبشر بأن تحقق مثل هذه الدعوات أمست أقرب مما نتصور.


لماذا لا تتعاطى المعارضة مع الأزمة الراهنة بواقعية ووفقا لقدراتها وإمكانياتها المحدودة؟


لا توجد معارضة مصرية، فمصر ليست في وضع طبيعي، فالوضع أيام مبارك كانت تحكمه معادلة سلطة مستبدة ومعارضة تحاول توسيع مساحة الحرية، أما اليوم فالمعادلة مختلفة، إذ الصراع هو بين شعب يتمسك بمقوماته وبدولته وسلطة تضيّع كل شيء. فهل التنازل عن مياه النيل أو تيران وصنافير أو حقوقنا في البحر المتوسط نقابله بالمعارضة؟


القوى السياسية لا تُعارض هذه السلطة، بل "ترفضها" لأنها تعلم خطورتها – إن استمرت- على البلاد والعباد، وبالتالي فإن العمل المعارض – وفقا لما عهدناه في عهد مبارك - لن تقبله هذه السلطة ولن يستطيع الشرفاء أن يقوموا به.


هل أنت شخصيا مع استمرار التمسك بكل المطالب والشعارات والأهداف التي طالبتم بها عقب انقلاب تموز/ يوليو 2013، أم أنه يجب أن يكون هناك تنازل أو مرونة بشأن مطالب بعينها؟


ربما لم تُراجع مواقفي منذ مؤتمري الصحفي بعد لقاء آشتون، موقفي واضح أننا يجب أن نحدد هدفنا في استعادة المسار الديمقراطي وفي حماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين وفي منع زجّ المؤسسة العسكرية في السياسة.


وهذه مطالب لا يُمكنني أن أتراجع عنها، ولو أردت التراجع عنها لما أعلنتها منذ البداية في مواجهة الانقلاب، ولما صدرت قرارات الضبط والإحضار بحقي، ولما كنت من أوائل من جُمدت أموالهم، ولقبلت التعامل مع هذه السلطة التي دعتني للحضور أول لقاء مع من أسموه "الرئيس المؤقت" فرفضتُ، لأنني لا يُمكنني أن أخالف ضميري في التعامل مع انقلاب على ثورة شاركت فيها.


ماذا إذا سقطت سلطة الانقلاب اليوم.. هل أنتم كمعارضة مؤهلون لقيادة البلاد بما يحول دون وقوع اضطرابات واسعة؟


أولا لا يوجد أسوأ مما تمثله هذه السلطة، ولا يمكن تخيل هذا الوضع الكارثي الذي وصلنا إليه ولو كانت إدارة البلاد من أقل أبناء مصر كفاءة. فما نراه ليس سلطة وإنما تحالف للفاسدين وملامح لا تخطئها عين لخيانة الأمانة.


والقوى السياسية بكل أطيافها تمتلك من الكفاءات أفضل ألف مرة مما تراه في مقاعد السلطة الآن، والأهم أن القوى السياسية مؤتمنة وأمينة وغير فاسدة، فأبناؤها يقبلون التشريد والسجن والإقصاء من العمل والمنع من السفر للدفاع عن مصالح البلاد، بينما أن في السلطة من يبيع جزيرتين مقابل بعض "الرز".


برأيك، هل هناك تغيرات في المواقف الإقليمية والدولية حيال الأزمة المصرية؟


العالم الغربي يفضل – للأسف – التعامل مع سلطة دكتاتورية تحكم مصر، وهو تقليد قديم، لأنهم يظنون أن الديمقراطية في العالم العربي تؤدي لتعقيد الأمور وللإضرار بمصالحهم.


إنها رؤية خاطئة تستند للخبرة الإنجليزية في احتلال دولنا خصوصا مصر، فأول تجربة ديمقراطية في المنطقة جرى إجهاضها بتدخل إنجليزي ضد الحركة الوطنية المصرية لتُسقط البرلمان وتحل الحكومة وتُسقط دستور فبراير 1882 وتقيم حاكما عسكريا.


هم يُريدون حارسا لقناة السويس وللمصالح في المنطقة يُمكنه جمع "الكارتة" من السفن والبضائع المارة، لكن لا يُمكنه السؤال عما تحمله الحاوية أو إلى أين تذهب أو أن يضع رؤية لتنمية شاملة منطقة قناة السويس ويحولها لقاطرة تنمية بدلا من ممر للعبور.


نحاول أن نشرح لهذه البلاد أن تلك الرؤية الخاطئة هي خطيرة ومن أسباب تنامي الكراهية، ويجب التدقيق في الواقع، فالعالم العربي لم يعد هو نفسه عندما صال وجال فيه لورانس العرب، العالم العربي الآن هو أربعمائة مليون امرأة ورجل وشاب وشابة يمتلكون من القدرات والمواهب والوسائل ما يُسهمون به في خير العالم، ولن يقبلوا الحياة في دكتاتوريات.


وأما دول الإقليم فمرتجفة من أي تغير ديمقراطي في مصر، وبالتالي فالحراك للديمقراطية والعدالة الاجتماعية في مصر لن يجد له سندا إلا في سواعد المصريين أنفسهم.


أخيرا، ماذا تود أن تقول في نهاية المقابلة؟


أتمنى أن تتفق القوى الوطنية المصرية على رؤية محددة للاستفادة من الأشهر القادمة، وأن يستمر تعاونها وتواصلها لما بعد، فسواء أسفرت الأشهر القادمة عن إزاحة الاستبداد القائم أم لا، فإن التغيير هو قدر مصر، لأن مائة مليون مصري لن تردعهم أي قوة في تحقيق غايتهم في الحرية والكرامة والعدالة والازدهار.

التعليقات (3)
مصري جدا
الخميس، 09-11-2017 12:47 ص
للاسف الشديد لا توجد في مصر قوى وطنية ولا حركات شعبية ولا احزاب سياسية ولا جماعات عقدية ،، الموجود بقايا مشهد سياسي منتهي الصلاحية ،، وكل الرؤى والتصورات هي مجموعة من الاماني والامال المتشودة تعبر عن اصحابها كافراد ولا تعبر عن قوى وكيانات ،، وللاسف ايضا ان كل المحاولات فشلت في انتاج كيان موحد او متماسك ،، كل الكيانات ولدت ميتة لان المنتجون لها تجاوزتهم طبيعة المرحلة بمراحل ،، كل المنتجون هم انفسهم جيل عهد مبارك والذي بسبب طريقة تفكيرهم وادوات نضالهم ظل مبارك بالحكم 30 عاما ،، نحن بحاجة لجيل جديد وبناء جديد وفكر جديد ،، لكن تبقى المشكلة من هو ومن سيسعى لانتاجه ونحن في هذه الحالة البؤس ،، نظام الحكم المصري بالفعل لم ولن يكون قويا لكن لا يوجد امامه منافس متماسك ،، وهذا افضل مناخ يساعد على بقاء نظام حكم مدعوم خارجيا لانه ينفذ التعليمات دون تقاش ،، نظام حكم وحاكم طماع بل سقف ومتنازل بلا قاع ،، النخبة السياسية الحالية الرهان عليها خاسر ومضيعة للوقت ،، والامل كل الامل في بقايا ثورة يناير من الشباب داخل وخارج السجون ،،، والنظام يعي ذلك جيدا ،، واستمرار حبسهم دون سبب مقصود لهذا الامر ،،، كفاية تعبت
مصري
الأربعاء، 08-11-2017 10:22 م
هناك امور بديهية لا نقاش فيها ومنها ، أن العسكر لم ولن يقبلوا بوجود رئيس مدني يحكمهم ، وما هؤلاء الذين رشحوا انفسهم سوي ماسحي بيادات لهؤلاء العسكر وهذة مكانة يحلم بها الكثير و صدقوني انا لا اقصد اهانة اي شخص ولكنها الحقيقة المره ، فالمدنيون عبيد لخدمة اسيادهم العسكر بلطجية مصر الحقيقيون وعملاء الموساد بجدارة .
مالك علي
الأربعاء، 08-11-2017 08:32 م
المواقف الرئيسية لهذا الرجل تصب في صالح الانقلاب بكل وضوح. لا مجال لاحسان الظن في الاوقات الحرجة.