مقابلات

أكاديمي: مصر لا تتحمل بقاء السيسي عاما واحدا والأسوأ قادم

ما يحدث منذ الانقلاب يشهد تأميما كاملا للعملية السياسية في مصر- جيتي
ما يحدث منذ الانقلاب يشهد تأميما كاملا للعملية السياسية في مصر- جيتي

قال أستاذ العلوم السياسية، مدير المعهد المصري للدراسات عصام عبد الشافي، إن الأوضاع بمصر لا تتحمل بقاء رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي عاما واحدا، وإنه وفقا لكل المؤشرات لا يمكن لنظامه أن يستمر، مؤكدا أن "تفاقم الأوضاع المعيشية، وتصاعد معدلات الكبت والقهر والقمع، يمكن أن تدفع للانفجار في أية لحظة".


وأضاف -في مقابلة مع "عربي21"- أن "الشرط الوحيد لبقاء السيسي هو استمرار الدعم الإقليمي والدولي، ومثل هذا الدعم مرشح للتراجع بدرجة كبيرة، إلا إذا نجح النظام في ترسيخ علاقته بروسيا الاتحادية، والسماح لها بالقيام بنفس الدور الذي تقوم به في دعم بشار حتى لو كان ذلك على حساب الوطن ومقدراته، والشعب ودماء أبنائه، وأعتقد أن يتحرك فعليا في هذا المسار".


وأكد أنهم في المعهد المصري للدراسات قدموا العديد من الأوراق والرؤى بشأن كيفية التعاطي مع الأزمة إلى العديد من القوى السياسية والفواعل في المشهد المصري، بل والإقليمي كذلك، مضيفا أنه

"كان التفاعل فيما يتعلق بالاستقبال والتعاطي معها إيجابيا، وحدود دوري كمؤسسة بحثية تقف عند رفع هذه التقديرات للجهات المعنية، أما تنفيذها أو كيفية تنفيذها، فهي قضايا تخرج عن هذه الحدود".


ودعا "عبد الشافي"، الذي يشغل أيضا منصب رئيس أكاديمية العلاقات الدولية، إلى "بناء الوعي، وبناء الكيانات الجامعة، وترشيد المسار الثوري، وبناء رموز سياسية جديدة، وتأهيل القدرات البشرية، المتخصصة والقادرة على حماية المسار الثوري، وبناء المؤسسات التخصصية والاحترافية، بما يتجاوز سلبيات السنوات الست الماضية منذ 2011، وحتى اليوم".


وفي ما يلي نص المقابلة:


كيف تقيم حالة المعارضة المصرية؟ وما هي التحديات التي تواجهها؟


بداية لابد من تدقيق المفهوم، لأن المفهوم يختلف باختلاف المعيار الذي يتم التعاطي معه من خلاله، فإذا كنت تتحدث عن معارضة سياسية تعمل من داخل النظام، تحترم آلياته وتعمل وفقا لها، فلا مجال للحديث عن معارضة للنظام العسكري القائم حاليا في مصر، حيث تم تدجين بل وتأمين كل مكونات العملية السياسية لصالح المؤسسة العسكرية والأذرع التي تقوم عليها.


أما إذا كان السؤال عن الرافضين للنظام والساعين لإسقاطه، استنادا لكونه نظاماغير شرعي، جاء بانقلاب عسكري، وسفك دماء الآلاف واعتقل عشرات الآلاف، ويطارد مئات الآلاف، فهؤلاء الرافضون يعانون من العديد من التحديات الداخلية (من حيث التكوين، والتنسيق والتشبيك، والإمكانيات، والقدرات المالية والبشرية)، والخارجية (من حيث طبيعة البيئة الإقليمية والدولية التي يعملون فيها، والملاحقات والمطاردات الأمنية والسياسية والقضائية التي يتعرضون لها).


ونظرا لكل هذه التحديات، لماذا لا تتعاطى المعارضة مع الأزمة الراهنة بواقعية ووفقا لقدراتها المحدودة؟
السؤال يحمل حكما مسبقا، وهذا ما لا يجب أن يكون في سؤال حواري يسعى للحصول على إجابة، ولكن مع تجاوز هذه النقطة أقول، إنه في كل التجارب التاريخية عبر عشرات القرون، كانت دائما التوازنات السياسية والأمنية والعسكرية والمؤسسية والتنظيمية لصالح النظم الحاكمة، ولكن هذا لم يمنع من سقوط عشرات بل مئات النظم، المعيار الحاكم ليس في حجم القدرات والإمكانيات، ولكن في الإرادة والفاعلية، وهذا ما يجب العمل على تعزيزه بين القوى الرافضة لهذا النظام والتي تعمل على إسقاطه.


ألا ترى أن مطلب عودة "مرسي" يمثل عقبة أمام توحد المعارضة؟


لماذا يتم دائما ربط الحراك السياسي والشعبي والثوري بقضية عودة الرئيس الشرعي للبلاد الدكتور محمد مرسي، لماذا لا يتحرك لإسقاط النظام من يملك القدرة على إسقاطه، قناعاتي الشخصية أن هذه حجة يسوقها الفاشلون لتبرير عجزهم وعدم قدرتهم عن الفعل، حتى تكون ورقة التوت التي تستر عوراتهم وعدم قدرتهم على توحيد صفوفهم خلف قضية جامعة.


ماذا إذا سقطت سلطة الانقلاب اليوم.. هل المعارضة مؤهلة لقيادة البلاد بما يحول دون وقوع اضطرابات واسعة؟


هذا السؤال يطرح جدلية أخرى مهمة، يثيرها بعض المحسوبين على النظام العسكرى لتبرير بقائه، لأن هناك عشرات النظم السياسية التي جاءت بعد ثورات شعبية، ولم تكن تملك رصيدا كافيا من القدرات البشرية والتنظيمية، أو المهارات والقدرات السياسية، داخليا وخارجيا، ونجحت في بناء نماذج سياسية جيدة، بل إن العديد من الدول التي استقلت في مراحل ما بعد الاستعمار لم تكن تملك مقومات الاستمرار والبقاء وليس بناء دولها، وبعضها حقق نجاحات حقيقية.


الإشكالية الأخرى في هذا السؤال، أنه يتعامل مع شخصيات بعينها وكيانات بعينها، تشكل المعارضة، وهذا غير دقيق، لأنه بسقوط هذا النظام ستسقط عشرات الشخصيات وعشرات الكيانات التي عاشت في ظله، ومارست نفسه سياساته حتى لو من موقع المعارضة.


هل المشكلة الرئيسية تتمثل في عدم وجود مشروع بديل للسيسي ونظامه أم لا؟


المشكلة الأساسية غياب الإرادة الحقيقية للفعل والحركة والتأثير، وحديث المشروعات هو حديث مهاترات وتبريرات للفشل والإخفاقات.


هل السيسي نجح في إحكام قبضته أم إن هناك صراعات داخل نظامه؟


لم يحكم قبضته بشكل محكم، لأن معيار بقائه ليس في يده، ولكن في يد العديد من الأطراف الداخلية والخارجية، ولو توقف الدعم عنه من داعميه الإقليميين والدولية فلن يستمر.


أما موضوع الصراعات، نعم هناك صراعات، ولكن ليس بين من يدافع عن الثورة أو يعارضها، أو بين من يدافع عن الوطن ومن لا يدافع عنه، ولكن صراعات على مصالح ومكتسبات ذاتية وشخصية لكيانات وأشخاص، على حساب أمن الوطن ومصالحه واستقراره.


هل ما جرى منذ 3 تموز/ يوليو 2013 وحتى الآن يخصم من رصيد حكم العسكر أم يعضد ويرسخ هذا الحكم؟


بامتياز يخصم من رصيد العسكر، بدليل حجم التراجعات في المواقف سواء المعلنة أو غير المعلنة، من جانب كثيرين ممن دعموا الانقلاب في بداياته، نكاية في الإخوان المسلمين، وبدليل حجم الانهيارات على المستويات الأمنية والسياسية، وحجم التفكيك والتركيب في بنية المؤسسة العسكرية، وحجم العمليات العنيفة التي استهدفت منظومة العسكر والأجهزة الأمنية، خلال السنوات الأربع الماضية منذ الانقلاب.


وفق تقديرك، هل سيظل الحكم العسكري جاثما على صدور المصريين للأبد أم أن نهايته قد اقتربت؟


لا أعتقد باستمرارية الحكم العسكري، لأن الأمر في البقاء والاستمرار مرتبط بالعديد من الاعتبارات الداخلية والخارجية، التي تتناقض في جوهرها مع طبيعة المرحلة وما تشهده من تحولات، كالتفسخ الحالي في بنية المؤسسة العسكرية، ولو بنسبة محدودة، ولكنه مؤشر ضعف وتراجع، وتنامي الصراع المكتوم بين الشرطة والجيش، وتورط الجيش في العديد من العمليات التي استهدفت الشرطة.


وكذلك التحولات الداخلية في النظم السياسية الداعمة للعسكر في مصر، وتحديدا ما تشهده السعودية من تحولات تصب في النهاية في خانة تراجع الدعم وانشغالها بنفسها خلال المرحلة القادمة، وعدم قدرة الأطراف الإقليمية والدولية على الحسم في ليبيا، وهو ما يجعل منها أزمة مستمرة تستنزف قدرات العسكر في مصر، بجانب تفاقم الأوضاع المعيشية في مصر، وتصاعد معدلات الكبت والقهر والقمع، والتي يمكن أن تدفع للانفجار في أية لحظة.


ما هي رؤيتكم للانتخابات الرئاسية المقبلة؟


ابتداء لا يجب أن نقول عنها انتخابات، لأن ما يحدث في مصر منذ الانقلاب يشهد تأميما كاملا للعملية السياسية في مصر، الانتخابات بمفهومها العلمي والسياسي تقوم على الاختيار الحر بإرادة حرة بين متنافسين وفق آليات متعارف عليها، ووفق ضوابط متفق عليها في إطار من التعددية والنزاهة والشفافية والمساواة، وهذا غائب بالمطلق في ظل العسكر، ولكن التوصيف الأدق، هو أن هناك مسرحية يتم الإعداد لها، لها بطل واحد، يريد أن يقف أمامه مجموعة من الممثلين لأداء أدوار شكلية، وفي النهاية النتيجة محسومة سلفا كعادة الأفلام السينمائية المصرية.


لكن هذا لا يعني عدم التعاطي معها، وهذا يمكن أن يتم من خلال خلط أوراق، تصعيد المطالبات بضمانات حقيقية وإشراف دولي من جانب قوى المعارضة السياسية التي تعمل من داخل النظام، كما يمكن أن تكون فرصة للقوى المناهضة للنظام والساعية لإسقاطه لكشف حقيقة استبداده وفساده وتسلطه ونشر جرائمه، استنادا إلى أن مصر خلال هذه المرحلة ستكون محلا لاهتمام دولي، سياسي وإعلامي كبيرين.


هل الأوضاع في مصر تتحمل بقاء "السيسي" أربعة أعوام أخرى حال فوزه في الانتخابات؟


لا أعتقد أنها يمكن أن تتحمل بقائه عاما واحدا، ولكن يبقى السؤال ما هو معيار التحمل، ومن المقصود بالتحمل، هل القوى السياسية الرافضة للنظام، أم المواطنين الفقراء أم بنية الدولة ومؤسساتها؟، لأن لكل من هؤلاء قدرات متفاوتة، ولكن وفق كل المؤشرات، لا يمكن لهذا النظام الاستمرار، لأن الشرط الوحيد لبقائه واستمراره هو استمرار الدعم الإقليمي والدولي، واعتقد أن مثل هذا الدعم مرشح للتراجع بدرجة كبيرة، إلا إذا نجح النظام في ترسيخ علاقته بروسيا الاتحادية، والسماح لها بالقيام بنفس الدور الذي تقوم به في دعم بشار حتى لو كان ذلك على حساب الوطن ومقدراته، والشعب ودماء أبنائه، وأعتقد أن يتحرك فعليا في هذا المسار.


وهل هناك تغيرات في المواقف الدولية تجاه الأوضاع بمصر؟


لا توجد تغيرات حقيقية تجاه الثورة في ظل تماهي المنظومة الإقليمية والدولية مع المصالح الاستراتيجية لكل طرف، ورهانها على السيسي كضامن لهذه المصالح وأداة وظيفية لتعزيزها.


برأيك، كيف يمكن النجاح في معادلة التغيير والانتصار لثورات الشعوب في ظل عدم وجود أدوات حقيقة تُمكّن لإحداث التغيير المطلوب؟


تعزيز الوعي بقيمة الحرية والديمقراطية وبناء الدولة المدنية، وغرس روح الثورة في النفوس، باعتبارها خطوة في غاية الأهمية للبناء عليها مستقبلاً، والتأكيد على أن الثورات لا تعترف بتوازنات القوى، ووجود أدوات من عدمه، لأنها تعبير عن هبة شعبية كاسحة في لحظة غضب عارم انفجر ضد كبت وقهر وقمع، ولكن حتى لا يحدث مثل ما حدث بعد 2011، تأتي أهمية العمل على امتلاك أدوات حقيقية للتثوير ابتداءً، والحفاظ على مكتسبات الثورة لاحقا.


البعض يقول إن السيسي أصبح شوكة ضارة في ظهر كل من وقفوا معه وناصروه في الانقلاب.. ما تعقيبك؟


هذا قائم بنسبة ولكن لا يجب التعويل على ذلك، لأن هؤلاء الداعمين لن يتوقفوا عن دعمه إلا إذا تعرضت مصالحهم للخطر، وحتى الآن لا يوجد أفضل منه بالنسبة لهم لحماية هذه المصالح.


ما هو المسار الأنجع للتعاطي مع الأزمة المصرية؟


بناء الوعي، وبناء الكيانات الجامعة، وترشيد المسار الثوري، وبناء رموز سياسية جديدة، وتأهيل القدرات البشرية، المتخصصة والقادرة على حماية المسار الثوري، وبناء المؤسسات التخصصية والاحترافية، بما يتجاوز سلبيات السنوات الست الماضية منذ 2011، وحتى اليوم.


تقولون إن مركزكم البحثي بمثابة عقل مفكر للثورة المصرية.. فما الذي قدمتوه لثورة يناير؟

 

بحكم الطبيعة التخصصية للمعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، في القضايا المصرية وتفاعلاتها الإقليمية والدولية، كانت قضيتنا الأولى العمل على بناء الوعي سواء على مستوى النخب من خلال أوراق السياسات والفاعليات (ندوات، ورش عمل، مضامين فكرية) أو على مستوى الجمهور (من خلال الموقع الإلكتروني والحسابات الرسمية للمعهد على شبكات التواصل الاجتماعي).


ويكفي أن أقول إن الموقع الرسمي للمعهد خلال عامين من تاريخ انطلاقه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وعدد المواد المنشورة عليه نحو 1700 مادة علمية وبحثية ورصدية، كما أنه شارك في فاعلياته خلال العامين الماضيين نحو 1000 شخص، بين باحث ومفكر وسياسي وخبير من العديد من الجنسيات، وفي مختلف القضايا والملفات محل الاهتمام.

 

هل تقدمتم بطرح رؤى وخطط استراتيجية أو تقديرات موقف بالنسبة للمشهد المصري لمن هم معنيون بتلك الأمور؟ وكيف كان التفاعل معها؟

 

نعم تم تقديم العديد من الأوراق، وبشكل ثابت، للعديد من القوى السياسية والفواعل في المشهد المصري بل والإقليمي كذلك، وكان التفاعل فيما يتعلق بالاستقبال والتعاطي معها إيجابيا، وحدود دوري كمؤسسة بحثية تقف عند رفع هذه التقديرات للجهات المعنية، أما تنفيذها أو كيفية تنفيذها، فهي قضايا تخرج عن هذه الحدود.

التعليقات (2)
مصري
الأربعاء، 08-11-2017 11:11 م
مصر لا تستطيع ان تتحمل هذا الشيطان الرجيم وكل من معه من شياطين و لو ليوم واحد .
مصري جدا
الأربعاء، 08-11-2017 04:25 م
مصردولة بل احساس تتحمل مالا يتحمله البشر في اي مكان او زمان ،،،، اسآلوا التاريخ عن السخرة في بناء الاهرامات ،،، وشق الطرق ،،، وحفر القناة ،،، وعبادة الفراعنة ،،،، والرضى بالهزائم والنكسات ،،،،، وتحمل الحكم المؤبد 30 سنة لمبارك ،،،، الشخصية المصرية عجيبة ومؤلمة وتحتاج لزلزال لتصحو حتى الزلازل لا توقظها احيانا ،،، وكان الامل في الاخوان لبناء شخصية جديدة لكنهم تسرعوا وقفزوا في الفراغ ،،، مصر ان لم تستيقظ سيحكم السيسي ليس عاما واحدا ولكن ربما 40 عاما كما حكم القذافي ،،،، اساتذة الجامعات يقولون ما في الكتب والواقع مختلف تماما ،،،

خبر عاجل