سياسة عربية

العبادي يعتزم إنهاء "الحكم شبه الذاتي" بكردستان العراق

العبادي أبدى إصرارا في عودة المعابر والمطارات في الإقليم تحت سلطة بغداد- أرشيفية
العبادي أبدى إصرارا في عودة المعابر والمطارات في الإقليم تحت سلطة بغداد- أرشيفية

قال رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الثلاثاء، إن التقدم الذي تحقق على تنظيم الدولة في العراق "كان رائعا"، كاشفا في الوقت ذاته عن نيته إنهاء الاستقلال شبه الكامل لإقليم كردستان العراق.


وأضاف العبادي في مقابلة مع صحيفة "ذا إنديبندنت" البريطانية، ترجمته "عربي21"، "إننا نقوم بتطهير صحاريهم (تنظيم الدولة) حتى الحدود مع سوريا". وقد تم القضاء على تنظيم الدولة في العراق بعد ثلاث سنوات من تهديد من سيطرتهم على مناطق واسعة تصل بالقرب من بغداد.


وبخصوص الأحداث الأخيرة في كركوك، أبدى العبادي سروره من أن عدد القتلى كان قليلا جدا عندما استردت القوات العراقية الجزء الكبير من الأراضي المتنازع عليها مع الأكراد، الذي يمتد من سوريا في الغرب إلى إيران في الشرق. وقال: "أعطيت أوامر لقواتنا الأمنية بأنه لا ينبغي إراقة الدماء"، موضحا أن "قتال البيشمركة سيجعل المصالحة صعبة بين الأكراد والحكومة".


إنهاء الاستقلال شبه الكامل


وذكرت الصحيفة، أن العبادي مصمم على إنهاء الاستقلال شبه الكامل لحكومة إقليم كردستان التي تعود إلى هزيمة صدام حسين بعد غزوه للكويت عام 1991. ويقول: "جميع المعابر الحدودية من وإلى خارج البلاد، يجب أن يكون العراق تحت السيطرة الحصرية للدولة الاتحادية ". 


ويشمل ذلك خط أنابيب النفط الكردستاني إلى تركيا في منطقة فيش خابور، التي كانوا يأملون في وقت واحد أن يضمنوا استقلالها الاقتصادي، وكذلك الطريق البري التركي- العراقي الرئيسي في إبراهيم خليل في شمال غرب إقليم كردستان.


وكان هذا المعبر شريان الحياة في كردستان العراق لبقية العالم لمدة ربع قرن. كما سيتولى المسؤولون العراقيون الجانب الدولي من المطارات في مدينتي أربيل والسليمانية الكرديتين.


وبحسب الصحيفة، فإن هذه التغييرات الإدارية لا تبدو جذرية، لكنها تنهي فعليا شبه استقلال الأكراد العراقيين الذين بنوا على مدى السنوات الـ 26 الماضية. وعرض الرئيس الكردي مسعود بارزاني، الذي سيتخلى عن منصبه في 1 تشرين الثاني/نوفمبر، هذه المكاسب للخطر عندما أجرى استفتاء على استقلال الأكراد في 25 أيلول / سبتمبر الماضي.


وذكرت أن العبادي في موقف قوي؛ لأن الجارتين الأكبر حجما في إقليم كردستان، تركيا وإيران، تتفقان معه على إعادة فرض السيطرة الفدرالية على الحدود وصادرات النفط الكردية. 


وقال العبادي إن الأتراك يعترفون بأنهم "ارتكبوا خطأ" في الماضي في التعامل مباشرة مع حكومة إقليم كردستان وليس مع الحكومة المركزية في بغداد. وأكد أنه لن يكون راضيا عن المسؤولين الحكوميين العراقيين الذين لديهم "بقعة" رمزية عند نقاط عبور مختلفة على الحدود، ولكن يجب أن يكون لهم سيطرة حصرية على الحدود والرحلات الدولية. 


وردا على سؤال حول ما إذا كان هذا يشمل تأشيرات، يقول العبادي: "هذا أمر لا بد منه".


ووفقا للصحيفة، فإن العبادي يريد أن تصبح البيشمركة جزءا من قوات الأمن الحكومية العراقية أو قوة محلية صغيرة. وأنه من الغريب معرفة عدد البيشمركة هناك حقا، معربا عن شكوكه بأن هناك حقا 300 ألف مقاتل كما تدعي السلطات الكردية. ويقول: "لقد أخبرني العديد من القادة في كردستان أن هناك قوة قتالية صغيرة والباقون جالسون في المنزل".


وأشار العبادي إلى أنه عندما أصبح رئيسا للوزراء في عام 2014 بعد أن استولى تنظيم الدولة على الموصل بشكل غير متوقع، أجرى استفسارات حول سبب انهيار خمس فرق عسكرية في العراق. ووجد أن السبب الرئيس هو الفساد، وفي كثير من الوحدات كان نصف الجنود يجرون رواتبهم ولكنهم لم يكونوا هناك.


ويشتبه العبادي بالبيشمركة بتشغيل النظام الفاسد نفسه، الذي يقول ما يفسر "لماذا فشلوا في الدفاع عن حدود إقليم كردستان تنظيم الدولة في عام 2014، وكان السعي للحصول على مساعدة من الولايات المتحدة وإيران".


ويصر العبادي على "استعداده لدفع تلك البيشمركة تحت سيطرة الدولة الاتحادية. إذا كانوا يريدون أن يكون لديهم قوة صغيرة محلية - يجب ألا تكون كبيرة - ثم يجب أن تدفع ثمنها ". ويقول إن حكومة إقليم كردستان يجب ألا تصبح" بئر القعر" للمدفوعات الاتحادية. كما يتوقع أن يتم تدقيق نفقات الحكومة الكردية بطريقة الإنفاق نفسها في بغداد.


ولفتت الصحيفة، إلى أنه إذا تم تنفيذ كل هذه التغييرات، فإن الحكم الذاتي الكردستاني سوف يتضاءل كثيرا. ومن السهل أن نرى لماذا ينزل البارزاني لتجنب الإذلال من التخلي عن الكثير من سلطته. إن المقاومة من القيادة الكردية ستكون صعبة لأنهم منقسمون ومثبطون بسبب كارثة كركوك.

 

ويستمد العبادي قوته من أنه لأول مرة منذ عام 1980، لا يوجد لدى الأكراد أي مؤيدين في الدول المجاورة، ولم تفعل الولايات المتحدة شيئا يذكر خلال الأزمة إلا أن ترفع أيديها على مرأى من حلفائها الأكراد والعراقيين الذين يسقطون. عندما أجبر البارزاني واشنطن على الاختيار بين بغداد وأربيل، كان الأمريكيون دائما يختارون الدولة العراقية.


الدور الإيراني


وبالاستفسار عن التأثير الإيراني على الحكومة العراقية. فقد بدا العبادي في حالة غضب مثيرة للقلق من خلال المنعطفات، ولاسيما عن قاسم سليماني، مدير العمليات الأجنبية في الحرس الثوري الذي تم الإبلاغ عن مفاوضاته مع القيادة الكردية، على أنها تؤدي دورا حاسما في انسحاب البيشمركة من كركوك.


وقال العبادي: "بالتأكيد لم يكن لديه أي دور عسكري على الأرض في الأزمة (كركوك). يمكنني أن أؤكد لكم أنه لم يكن له أي تأثير على ما حدث في كركوك". يقول العبادي إنه "هو نفسه الذي دعا القيادة الكردية وأقنعهم بعدم القتال وسحب البيشمركة من الأراضي المتنازع عليها".


وهناك ادعاء أكثر موضوعية هو أن الحشد الشعبي، وهي الوحدات الشيعية شبه العسكرية القوية التي قاتلت إلى جانب القوات النظامية العراقية، طائفية وتحت نفوذ إيران أو سيطرتها، وفقا للصحيفة. 


وردا على سؤال حول اجتماعه الأخير مع ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكي، الذي قال إن الحشد يجب أن "يعود إلى ديارهم" أو أن يتم تفكيكه، قال العبادي إن هناك إما "خطأ أو تضليل" ويبدو أن "تيلرسون تحت الانطباع أن الحرس الثوري الإيراني كان يقاتل في العراق، ولم يعرف أن الحشد كانوا جميعا عراقيين".


وقال العبادي إن "العراق كان لديه الكثير من المستشارين الأجانب من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وأماكن أخرى بما فيها إيران، ولكن عدد المستشارين الإيرانيين كان 30 فقط، بانخفاض عن 110 قبل بضع سنوات". أما بالنسبة للحشد، فقد قال "إنهم يجب أن يكونوا تحت سيطرة الحكومة، ومنضبطة تماما، وليس لديهم أي دور سياسي"، لاسيما في الانتخابات العامة العراقية في 12 أيار/مايو 2018 التي تعهد بعدم تأجيلها.


وبخصوص الأزمة مع الأكراد، قال العبادي: "لقد حصلنا على المجتمع الدولي من جانبنا"، معبرا عن مسار أزمة كركوك. وأضاف: "لقد جعلنا ذلك بسيطا جدا؛ قلنا إن وحدة العراق مهمة جدا لمكافحة الإرهاب". 
وأردف أن "تقسيم العراق، من خلال احتمال الاستقلال الكردستاني، سيفتح الشقوق التي سوف يستغلها تنظيم الدولة"، حسبما نقلت الصحيفة البريطانية.

التعليقات (0)