ملفات وتقارير

كيف تقرأ الفصائل الفلسطينية الرد على التصعيد الإسرائيلي؟

قصف غزة
قصف غزة

يعيش قطاع غزة حالة من التوتر والغليان، بعد أن أقدمت طائرات الاحتلال الإسرائيلي على تفجير نفق عسكري يتبع للمقاومة الفلسطينية على الحدود الشرقية لقطاع غزة، ظهر الاثنين، ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن تسعة شهداء من رجال كتائب القسام وسرايا القدس، في عملية طرحت الكثير من علامات الاستفهام حول الأهداف الإسرائيلية من هذا التصعيد المفاجئ.


وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي حالة الاستنفار القصوى في صفوفها؛ تحسبا لأي تصعيد عسكري محتمل، بعد التأكد من استشهاد قائد لواء سرايا القدس في المنطقة الوسطى عرفات أبو مرشد، ونائبه حسن أبو حسنين، اللذين كانا موجودين في النفق المستهدف.


بدورها، أعلنت وزارة الداخلية في غزة إخلاء مقرات الأجهزة الأمنية، فيما دعت حركة حماس قادة الفصائل والتنظيمات العسكرية إلى اجتماع عاجل؛ للتباحث في خيارات الرد على هذه الجريمة.


وكانت حركة الجهاد الإسلامي أعلنت، في بيان وصل لـ"عربي21"، أن "دماء الشهداء الذين ارتقوا اليوم لن تذهب هدرا، وجميع خيارات الرد ستكون أمامنا مفتوحة".


خيارات الجهاد الإسلامي للرد


بدوره، قال المتحدث باسم سرايا القدس، الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أبو أحمد، في تصريح مقتصب لـ"عربي21"، أن "الاحتلال الإسرائيلي سيعض أصابع الندم على هذه الجريمة، وأن رد سرايا القدس سيكون موازيا لحجم هذه الجريمة البشعة، ولنا الحق في الرد في الزمان والمكان المناسبين"، وفق قوله.


وفي السياق ذاته، أشار الكاتب والمحلل السياسي المقرب من الجهاد الإسلامي، حسن عبدو، أن "ما جرى اليوم على الحدود الشرقية لقطاع غزة كان بمثابة خرق للتهدئة الجارية وكمينا أمنيا وسياسيا محكما، الهدف منه جر قطاع غزة إلى مربع التصعيد، وعرقلة المصالحة، وإعادة الربط بين الضفة وغزة، وهي إشارة إسرائيلية لفصائل المقاومة في غزة بانتهاء التهدئة".


وأضاف أن "الاحتلال يهدف من وراء هذا التصعيد لتوصيل رسالة سياسية بأنه من يفرض قواعد الاشتباك".


وعن خيارات الجهاد الإسلامي للرد على هذه الجريمة، أوضح عبدو أن "الرد المتوقع على هذه الجريمة سيكون بتوافق قوى المقاومة الفلسطينية، وقد يتم تفويض سرايا القدس بالرد على هذه الجريمة من قبل الفصائل المسلحة، كون الاستهداف الإسرائيلي كان مقصودا لحركة الجهاد الإسلامي، خصوصا بعد استشهاد قائد لوائها في المنطقة الوسطى".


وأضاف عبدو، في حديث لـ"عربي21"، أن "توقيت الجريمة حساس للغاية، وقد يفرض على حركة الجهاد الانتظار لتمرير المرحلة الأولى للمصالحة، التي ستنتهي بتسلم السلطة للمعابر بعد غد الأربعاء".


ونوه عبدو إلى أن "شكل الرد على هذه الجريمة ربما يكون مختلفا عن سابقه، فلدى المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة الجهاد الإسلامي، طرق إبداعية لم تكشف عنها حتى اللحظة".

 

رسائل إسرائيلية


بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي المقرب من حركة حماس، إبراهيم المدهون، إن "الاحتلال الإسرائيلي يهدف من وراء هذا التصعيد إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، من أهمها إظهار الأنفاق العسكرية التي تبينها الفصائل على الحدود الشرقية للقطاع على أنها الخطر الحقيقي الذي يهدد إسرائيل"، إضافة إلى إظهار "غضبها وعدم رضاها عن ملف المصالحة الفلسطينية".


وعن سيناريوهات الرد على هذه الجريمة، أوضح المدهون أن "الفصائل الفلسطينية ستفوت الفرصة أمام الاحتلال هذه المرة، ولن تنجر لحرب شاملة كما يهدف من وراء هذا التصعيد، وقد يتأخر رد الفصائل بعملية نوعية توازي حجم الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل".


أما عن الدور المصري، فأوضح المدهون أن "مصر ستحاول فرض التهدئة، وهي لا ترغب في تصعيد الأمور؛ كون ذلك سيكون سببا في فشل المصالحة التي تعدّها خيارا استراتيجيا".

 

من جهته، قال المختص بالشؤون الإسرائيلية عدنان أبو عامر: "من الواضح أن إسرائيل لديها من الإمكانيات التقنية والعسكرية والاستخبارية التي تمكنها من رصد الكثير من التحركات الحدودية لقوى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة".


ورأى في حديثه لـ "عربي21" أن "الخطورة في توقيت الاستهداف الإسرائيلي، وقدرة إسرائيل على المجازفة في هذا التوقيت الحساس من اقتراب بدء العد التنازلي لإنجاز المصالحة الفلسطينية".


ولم يستبعد أبو عامر، أن يكون الاستهداف لنفق المقاومة ومن بداخله "يأتي في إطار الدور الإسرائيلي لتخريب المصالحة بحجج عسكرية وأمنية واهية".


ولفت إلى أن "حالة التزامن للتصريحات السياسية المتلاحقة لقادة الاحتلال؛ رئيس الوزراء الإسرائيلي، وزير الدفاع، وزير التعليم والمتحدث العسكري باسم جيش الاحتلال؛ كلهم تحدثوا في نفس الوقت الذي تم فيه القصف، مما يؤكد أن هناك ترتيب مسبق لهذا العدوان على غزة، وتبرير هذا الهجوم بزعم أنه تم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تسيطر عليها إسرائيل".


دحرجة الوضع


وأكد المختص بالشؤون الإسرائيلية، أن غزة "أمام موجة تصعيد ساخنة، والأمر منوط بالمقاومة؛ فإما أن تفوت الفرصة على العدو الإسرائيلي أو أن تحتفظ لنفسها بحق الرد".


وحول توقعاته لسير الأمور بعد العدوان الإسرائيلي، قال: "لا أحد يعلم طبيعة تدحرج الأوضاع الميدانية الحاصلة في القطاع"، مضيفا أن "الوضع في غاية الحساسية والخطورة، وهو في حالة استنفار كامل عند المقاومة وجيش الاحتلال الذي نشر القبة الحديدة وطيرانه لا يغادر القطاع".


وشدد أبو عامر على أن "أي فعل إسرائيلي ورد فعل فلسطيني كفيل بدحرجة الوضع لمواجهة غير محسومة لا يرغب بها أحد"، مشيرا إلى أن "كل هذه الأوضاع تجعلنا في حالة تأهب لأي تطور ميداني متوقع، لكن الثقة كفيلة بوجود قراءة عقلانية واعية للموقف الميداني، من أجل تفويت الفرصة على العدو لعدم استغلالها لتخريب جهود المصالحة الحاصلة والعودة إلى مربع صفر بحيث كنا".


 من جانبه، أوضح الخبير الأمني إبراهيم حبيب، أن "هذه الجريمة الإسرائيلية تأتي في إطار الحرب المفتوحة بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، وفي ظل مرحلة الاستعداد لأي مواجهة قادمة".


وذكر في حديثه لـ "عربي21" أن "ما يعكر المشهد بشكل كبير، أن العدوان أو العملية الإسرائيلية وقعت داخل الخط الزائل، أي أن إسرائيل لديها المبرر أنها ضربت داخل الأراضي التي تسيطر عليها"، مؤكدا أن "المقاومة الفلسطينية ستكون أكثر عقلانية في ردة الفعل حتى لا يحسب عليها وتجر لحرب جديدة".


 شراكة الدم


وأكد حبيب، أن "إسرائيل تحاول أن تضرب عصفورين بحجر واحد، من جانب تسعى لتعكير وتخريب أجواء المصالحة الفلسطينية، ومن جانب آخر، تريد مشاغلة المقاومة قدر الإمكان"، معتقدا أن "المقاومة ربما لا تريد أن تنخرط في حرب جديدة؛ فالظروف الإقليمية سيئة والأجواء في القطاع غير مناسبة".


 وأضاف: "المقاومة الفلسطينية في هذه المرحلة ستعض على الجراح لحين إمكانية وجود فرصة متاحة للرد المناسب"، لافتا أن "إسرائيل لا تدخر جهدا في سبيل مواجهة الأنفاق، وحديث قادتها حول توصلهم لتكنلوجيا متقدمة تتيح لهم كشف الأنفاق؛ أمر وارد".


وحول تظافر قوى المقاومة وعلى رأسها "كتائب القسام" لنجدة العالقين من عناصر "سرايا القدس"، قال الخبير الأمني: "هذا مشهد عظيم ولوحة وطنية تجسد الوحدة في أجمل صورها، وهي دليل على شراكة الدم".

التعليقات (0)