ملفات وتقارير

"دولة كردية في حلب".. لماذا يتساهل النظام السوري معها؟

الوحدات الكردية- أرشيفية
الوحدات الكردية- أرشيفية

أثارت صورة وثيقة "إذن دخول" صادرة عما يسمى "القيادة العامة لأسايش حلب"، موجة من الغضب العارم في الأوساط المحلية، وذلك لأنها توضح منح وحدات حماية الشعب الكردية لمواطن حلبي الإذن بالدخول ليوم واحد إلى حي الشيخ مقصود. 

وانهالت الأسئلة والتعليقات من موالي النظام بعد تداول الصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن أسباب سماح النظام للأكراد بمثل هذه التصرفات، وذهب بعضهم إلى وصف الحي بـ"الدولة داخل الدولة".


وتسيطر وحدات الحماية الكردية على حي الشيخ مقصود وأجزاء من أحياء أخرى محاذية منذ منتصف عام 2012، أي منذ دخول المعارضة إلى مركز مدينة حلب. 

 

وتفرض الوحدات الكردية قوانينها بشكل كامل على الحي، الذي تقطنه غالبية كردية، ولا تسمح بدخوله إلا بإذن منها.

ومؤخرا، شهد الحي وقفات للمطالبة بالكشف عن مصير زعيم حزب العمال الكردستاني التركي "عبد الله أوجلان"، ورُفعت فيها صورة الأخير، داخل مدينة حلب.

لكن، بعيد سيطرة النظام على كامل المدينة نهاية العام الماضي 2016، بعد خروج المعارضة من الأحياء الشرقية، طفى على السطح ملف هذا الحي، وبرزت التساؤلات عن أسباب صمت النظام حيال هذا الواقع الذي لا يتناسب مع مفهوم "السيادة الوطنية" التي يدعيها النظام.

جهة واحدة

من جهته، رأى الناشط السياسي، محمد أبو سيامند، أن النظام ليس عاجزا عن إنهاء تواجد الوحدات داخل مدينة حلب، مضيفا أنه "استعاد كامل المدينة رغم قوة المعارضة، فهل هو عاجز عن استعادة حي واحد؟".

ومجيبا عن التساؤل: "إذا كان النظام غير عاجز عن طرد الوحدات من داخل حلب فلماذا لا يفعل؟"، قال أبو سيامند لـ"عربي21" إن "النظام والوحدات جهة واحدة، لذلك يحاول النظام أن يحافظ على مكتسباتها عسكريا حتى لا يجلعها تخسر الحاضنة الشعبية الكردية، التي تؤمن بأن مشروعها هو الحلم الكردي القومي المنشود".

وأضاف أبو سيامند وهو ناشط كردي: "الواقع والمعطيات على الأرض تدلل بوضوح على تبعية الوحدات للنظام السوري، من بداية تشكلها وتسليحها إلى الوقت الحالي"، وفق قوله.

وتشارك الوحدات الكردية النظام السوري بقتال المعارضة، في المعارك التي سبقت خروج الأخيرة من كامل مدينة حلب. 

وأكد أبو سيامند مشاركة جزء من الوحدات في المعارك التي كانت تخوضها قوات النظام لدى محاصرتها من المعارضة.

مصالح متبادلة

لكن ما يجري من تطورات ومستجدات في خارطة السيطرة السورية، لا سيما في دير الزور، لا تدعم فرضية أبو سيامند التي تضع الوحدات الكردية التي تسيطر على قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والنظام في حلف واحد، فهناك التنافس على النفوذ والنفط على أشده فيما بينهما.

وبهذا المعنى، يرى الباحث السوري أحمد السعيد، أن "النظام مضطر لمحاباة الوحدات في مدينة حلب، رغم ضعفها، حفاظا على تواجده في مناطق أخرى".

وأوضح السعيد لـ"عربي21": "إذا كانت الوحدات الكردية في الشيخ مقصود بحلب في وضع ضعيف، فالنظام هو الآخر في ضعف أكبر في مدينة الحسكة، التي يسيطر الأكراد على غالبية مساحتها باستثناء مربع أمني صغير داخل المدينة يتواجد فيه النظام".

وقال: "بالتأكيد لن يكون كرد الحسكة متفرجين في حال فكر النظام بإنهاء وجود الوحدات من داخل حلب".

واستبعد السعيد تفسير علاقة الوحدات بالنظام على أنها علاقة "تبعية"، وإنما "علاقة مبنية على المصلحة المتبادلة فقط"، وفق قوله.

 

اقرأ أيضا: هل يقرب التدخل التركي بسوريا بين الوحدات الكردية والأسد؟

  

وبحسب السعيد، فإنه "لا يعني أن يستمر الوضع الحالي على ما هو عليه إلى ما لانهاية"، موضحا: "إن مستقبل تواجد الوحدات في مدينة حلب ستحدده التفاهمات التي ستعقب الانتهاء من معارك دير الزور".

 

وقال: "حينها سيترتب على شكل العلاقة بين الأكراد والنظام مصير حي الشيخ مقصود ومستقبل الكثير من المسائل العالقة".

التعليقات (0)