مقالات مختارة

كيف ستُعقد القمة الخليجية؟!

أحمد عبد الملك
1300x600
1300x600
على ذمة سفير دولة الكويت في مملكة البحرين، الشيخ عزام الصباح، فإن القمة الخليجية القادمة المقرر عقدها في دولة الكويت "ستفتح صفحة مضيئة في مسيرة التعاون الخليجي، وستشهد نهاية مفرحة للاختلافات الخليجية".

وكان السيد خالد الجارالله نائب وزير الخارجية الكويتي قد أكد يوم 25 سبتمبر 2017 "أن بلاده مستمرة في جهودها لاحتواء الأزمة الخليجية، معربا عن أمله برأب الصدع وعقد القمة الخليجية في موعدها في ديسمبر المقبل". كما أكد (الجار الله) أن "الوساطة الكويتية لم تفشل، وهنالك محاولات واجتهادات من الولايات المتحدة والرئيس الأمريكي لنرى حلا سريعا لهذه الأزمة"، كما دعا (الجار الله) إلى "التهدئة الإعلامية بشأن الأزمة الخليجية، معربا عن تطلعه لأن يرى إعلاما متزنا وواقعيا وذا مصداقية".

في حقيقة الأمر، نحن في دولة قطر، أيضا مع رأب الصدع في علاقات دول المجلس، ومع عودة اللحمة الخليجية إلى سابق عهدها ورفع ما أدى لنشوء هذه الأزمة! كما يدفعنا تصريح نائب وزير الخارجية بدولة الكويت - الذي ترأس بلاده الوساطة بين دول الحصار ودولة قطر- إلى التمسك بالتفاؤل أيضا، والأمل بأن تُكلل جهود سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح بالنجاح، ما يمكن أن يجعل قمة الكويت فال خير وسلام على المنطقة بأسرها. ونأمل أن يُقدّر الإخوة في دول الحصار خطورة الموقف فيما لو انفجر الوضع، أو تجاوز حدوده الحالية، لأننا في دولة قطر قد تجاوزنا آثار الحصار وأهدافه، وأصبحنا لا نلقي بالا للتصريحات الطائشة من بعض المسؤولين في دول الحصار أمام المايكروفونا، والتي يتسم بعضها بلهجة التهديد والوعيد، البعيدة عن النسق الخليجي وثقافة أهل الخليج المتزنة والمتروية والمتسقة مع "السنع" الخليجي.

كما أن المسؤولين في دولة قطر وعلى رأسهم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ومعه سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير الخارجية قد أكدا في أكثر من مناسبة على أن دولة قطر قد هيأت الطاولة للحوار، ولعل أبلغ شاهد لذلك، هو إعلان صاحب السمو الأمير من على منبر الأمم المتحدة عن استعداد دولة قطر للحوار غير المشروط ودون إملاءات، وحل الخلافات بالتسويات القائمة على التعهدات المشتركة! وفي هذا كلام بليغ لا بد وأن يستوعبه قادة دول الحصار. كما أشار سموه قائلا: "ومن هنا أجدد الدعوة للحوار غير المشروط، القائم على الاحترام المتبادل للسيادة، وأثمن عاليا الوساطة المخلصة والمُقدرة التي دعمتها دولة قطر منذ بداية الأزمة، والتي يقوم بها أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة". فماذا يريد أهل الحصار أن تكون عليه الطاولة؟ وهل من العقل أن يجلس على طاولة الحوار ممثل بلد يريدون سلب سيادته ووضعه تحت وصاية "التاريخ"؟ هذا غير ممكن!

إذن فالموقف القطري واضح وصريح، في مقابل التعنت و "الأنفة الزائفة" التي تخرج يوميا من بعض مسؤولي دول الحصار، بعد أن فشل مشروع تجويع الشعب القطري، وتعطيل منجزاته الوطنية!

وإذا ما أُريد للقمة الخليجية أن تنجح، فإن الخطوة الأولى ترتكز على وقف حملات الكذب والتشكيك والفبركات الإعلامية ولغة التحريض على قلب نظام الحكم في قطر، وعقد المؤتمرات (مدفوعة الثمن) لشيطنة دولة قطر والإعلان عن وجود معارضة في المنفى، والتدخل في شؤون قطر الداخلية عبر الزجّ ببعض الشخصيات القطرية في أتون حرب الإعلام، وكذلك حملات التشويه التي تمارس مع الساعة في إعلام دول الحصار ضد دولة قطر، وحتما سيكون هنالك تحرك من الجهة الأخرى في ذات الاتجاه.

إن إعلام دول الحصار قد تجاوز العديد من الأسس التي قام عليها مجلس التعاون، وخرج على المواثيق والتفاهمات - حتى تلك غير المكتوبة - التي توافق عليها وزراء الإعلام بدول المجلس، ما قرّب هذا الإعلام من إعلام "الردح" الذي يخرج علينا "سدنتُه" يوميا لانتقاد دولة قطر، بل وتقزيم إنجازات الشعب القطري بلغة لا يفهمها إلا أهل الحواري الخلفية لجبل (المقطم)!

نقول: إن مبادرة وقف النزيف الحاد الذي أَلمَّ بِرِحْم الإعلام في دول الحصار من أولى الخطوات التي يجب اتخاذها، وعقلنة هذا الإعلام كي يعود لسابق عهده، وإن عُدتم عدنا!؟

كما أن أصحاب الجلالة والسمو قادة مجلس التعاون لا يمكن أن يلتقوا في أجواء مشحونة وهم يواجهون الظلم والعسَف الذي وقع على الشعب القطري، دونما مبرر، سوى إلصاق تهمة الإرهاب بدولة قطر، وهو موضوع يمكن أن يتفاهم عليه وزراء الخارجية قبل عقد القمة! وكذلك موضوع التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهو مبدأ لا تعارضه أي دولة.

أما قضية المطالب الثلاثة عشر والتي انتفت تلقائيا حسب المطلب رقم 12، والتي صيغت في غفلة من الزمن، وفي "فورة" غضب وحقد وحسد على دولة قطر، فلا يمكن أن يقبل بها أي عاقل، وهي ذات علاقة بـ"الشيك المفتوح" الذي أشار إليه سعادة وزير الخارجية، وهو يقصد نص (الآلية الواضحة لتنفيذ تلك المطالب)، التي وضعتها دول الحصار. وأعتقد أنه من المعيب أن يضعها قادة دول المجلس على الطاولة، لأن القادة يمتلكون حصافة أكبر من تلك السقطة الهوجاء.

نقول: لن تنجح القمة الخليجية ويوجد من يجلس على الطاولة يريد "التهام" دولة قطر، وفرض الوصاية عليها، ومسك دفاتر حساباتها ووضع حراسة على آبار نفطها وغازها! هذا لا يمكن أن يحدث في القرن الواحد والعشرين. لقد ولّى زمن "بيت الطاعة"، وخرجت الشعوب من قماقم الخوف، كما ماتت أعراف (أنا وابن عمي على الغريب)، وذهبت متواليات (داحس والغبراء)، وجاء زمن المقاربات الدبلوماسية التي تحكمها مواثيقُ دولية، ومبادئ تبادل المصالح، والتحرك في وضح النهار، واستخدام لغة العصر.

ونحن في دولة قطر نريد لجهود سمو أمير دولة الكويت أن تنجح، وأن تحترم جميع الأطراف المُعرقلة لتلك الجهود، وأن تقدّر تحرُّك سموه منذ بدء الأزمة وفي شهر رمضان، وهو نفس المسار الذي تدعمه الدول المتحضرة مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، ولا ننسى هنا دور الولايات المتحدة في هذا الأمر، وأن الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) قد قال عند لقائه بالقادة في البيت الأبيض: "إن لم تحل الأزمة، فلسوف أحلها هنا في البيت الأبيض".

يقول الشارع الخليجي: لو أراد (ترامب) حل الأزمة، فبإمكانه أن يتصل بزعماء دول الحصار ويقول لهم: Enough Is Enough، كفى.. كفى!؟

الشرق القطرية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل