صحافة دولية

كاتب بريطاني: مئوية وعد بلفور فرصة لمراجعة مواقف بريطانيا

ماكنتاير: ذكرى وعد بلفور فرصة لإعادة التفكير في موقف بريطانيا من الصراع- أ ف ب
ماكنتاير: ذكرى وعد بلفور فرصة لإعادة التفكير في موقف بريطانيا من الصراع- أ ف ب
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتب دونالد ماكنتاير، يتحدث فيه عن مرور مئة عام على وعد بلفور، الذي مهد لإقامة الدولة اليهودية في فلسطين، ودور بريطانيا التاريخي فيه.

ويقول الكاتب إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يحدد بعد إن كان سيحضر أم لا؛ لكن كونه وصف بحميمية دعوة تيريزا ماي له لزيارة بريطانيا؛ للاحتفال بمرور مئة عام على وعد بلفور، بأنه "يقول الكثير" عن العلاقة بين المملكة المتحدة وإسرائيل، ففي الغالب فإنه لن يضيع هذه الفرصة.

ويضيف ماكنتاير في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أنه "سينظر إلى ذكرى وعد بلفور بطرق مختلفة، فبالنسبة للإسرائيليين هي مدعاة احتفال وطني بأن الصهيوني البريطاني حاييم وايزمان استطاع أن يقنع المملكة المتحدة، التي كانت على وشك أخذ فلسطين من الإمبراطورية العثمانية، لتضعهم على طريق إقامة دولة يهودية، وفي المقابل، فإن أي بريطاني قضى وقتا في الأراضي الفلسطينية سيكون قد سمع من الناس هناك أن بريطانيا كانت مصدر معاناتهم على مدى المئة عام اللاحقة".

ويتابع الكاتب قائلا: "أما ماي فقد وضعت نفسها في جانب المحتفلين، وقالت في شهر كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي بأنها تؤيد حل الدولتين، وقالت عن ذكرى وعد بلفور إنه وعد (سنحتفل به بافتخار)، وفي الشهر ذاته شجبت خطابا لوزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري، حذر فيه من أن الحكومة الإسرائيلية تقوض فرص ذلك الحل، ولم ينحرف خطابه قيد أنملة عن سياسة الاتحاد الأوروبي ولا سياسة بريطانيا، بالإضافة إلى أنها ألغت المشاركة الوزارية في المؤتمر الدولي حول الصراع، الذي عقد في فرنسا، وربما كانت محاولة من طرفها للتودد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فهي تظهر رغبة قوية بأن تكسب ود ترامب، كما أنها تشير إلى رغبة في عدم تنفير الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفا في تاريخ الدولة، هذا لو تركنا عدم إضافة أي أفكار جديدة لحل الصراع الذي أدت بريطانيا دورا تاريخيا ومهما فيه".

ويعلق ماكنتاير قائلا: "إن هذا أمر محزن، لأن ذكرى المئة عام هي فرصة لفعل ذلك، إن وعد بلفور أسوأ بكثير مما تعترف به ماي، ولم يكن الأمر فقط أنه عام 1917 كان اليهودي الوحيد في الحكومة إدوين مونتاغو معارضا للوعد، ووصف الوثيقة بأنها (معاداة للسامية)، وأنها ستوفر فرصة للدول الغربية للتخلص من سكانها اليهود بإرسالهم إلى فلسطين.،ولم يكن مونتاغو قادرا على التنبؤ بأن المحرقة ستقوي الحجة لقيام دولة إسرائيل، لكن توقعه (ستضعون شعبا في فلسطين وستطردون سكانها الحاليين)، جاء صادقا بشكل مؤلم لسبعمئة ألف عربي فقدوا بيوتهم في الحرب التي دارت بعد 30 عاما".

ويستدرك الكاتب قائلا: "كانت هناك أيضا احتياجات استراتيجية لحكومة الحرب العالمية الأولى، ففي الوقت الذي كان فيه وعد بلفور استجابة لمطالب صهيونية ممتدة للحصول على وطن قومي في فلسطين، بعد قرون من معاداة السامية والاضطهاد في أوروبا وروسيا، استخدمت بريطانيا الحركة الصهيونية جزئيا لتحقيق سيطرتها المستقبلية على فلسطين". 

ويقول ماكنتاير: "لكن ذلك تاريخ، وما هو ليس كذلك وعد نتنياهو بعدم إغلاق مستوطنات جديدة، وجهوده لإضعاف مؤسسات حقوق إنسان إسرائيلية، واستسلامه لأكثر حلفائه تطرفا، وهنا توجد أهمية عصرية قوية لوعد بلفور كاملا، حيث أنه نص على أن الوطن القومي لليهود يجب ألا يضر بـ(المجتمعات غير اليهودية في فلسطين)".

ويشير الكاتب إلى أن "هذا الوعد البارز، الذي تم الإخلال به، هو شعار اجتماعات عامة مهمة حول بلفور في 31 تشرين الأول/ أكتوبر (ستقر بالمسؤوليات البريطانية التاريخية في الشرق الأوسط)، وتلتزم (بدعم الفلسطينيين والإسرائيليين في بناء مستقبل من السلام قائم على الحقوق المتساوية للجميع)".

ويفيد ماكنتاير بأنه "يمكن المراهنة على عدم حضور نتنياهو لهذه الاجتماعات، لكن إن حضر إلى لندن فإنه سيوفر لماي الفرصة المثالية، ليس فقط لتذكير رئيس الوزراء الإسرائيلي بالوعد الذي تم الإخلال به، ولكن لإشعاره بأن الصبر الدولي والبريطاني بدأ بالنفاد، وأحد الأسباب الكثيرة لعدم حصول ذلك هو الاعتقاد بأن هذه ليست هي الطريقة التي تتعامل بها حكومات المحافظين تجاه إسرائيل، ومع ذلك يذكر أزريل بيرمانت في كتابه الجديد أن مارغريت تاتشر بالقرب من نهاية عهدها في رئاسة الوزراء، وبالرغم من إعجابها باسرائيل، إلا أنها عبرت عن إحباطها من حكومة اسحق شامير -وربما يكون الأقرب أيديولوجيا لنتنياهو-  ووصل هذا النقد إلى مستوى عال مع تصميمها على أداء دور في حل الصراع، وكانت غاضبة جدا من عدد المستوطنين في الأراضي المحتلة، مع أنهم كانوا أقل بكثير من عددهم الآن، فهل يستبعد أنها كانت ستوجه الانتقادات صراحة لنتنياهو؟".

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "من الصعب التنبؤ إن كانت المصالحة، التي تمت بين حركتي فتح وحماس مؤخرا، ستنهي فعلا الانقسام الذي دام عقدا كاملا، لكن إن حصل ذلك فإنه يزيل عذر إسرائيل بأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لا يمثل الفلسطينيين؛ للتهرب من التوصل إلى سلام، وعلى أي حال، فإن على بريطانيا أن تستخدم العلاقات الاقتصادية الجديدة، التي ستشكلها مع إسرائيل بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، لتضغط على إسرائيل بمنع استيراد منتجات المستوطنات، وذلك لا شك أنه حلم، ومع ذلك فإن ذكرى وعد بلفور فرصة لإعادة التفكير في المواقف البريطانية من الصراع الذي ترك الفلسطينيين دون دولة ودون حقوق يعدها الجميع في بريطانيا وإسرائيل أمرا مفروغا منه".
التعليقات (0)