ملفات وتقارير

ما هي دلالات استئناف المناورات بين الجيشين المصري والأمريكي؟

مناورات النجم الساطع- جيتي- أرشيفية
مناورات النجم الساطع- جيتي- أرشيفية
انطلقت الأحد الماضي فعاليات المناورات العسكرية المصرية الأمريكية "النجم الساطع"، بعد توقف استمر لثماني سنوات.

وبحسب بيان لوزارة الدفاع المصري، فإن هذا التدريب المشترك يستمر حتى يوم 20 أيلول/سبتمبر الجاري، بقاعدة محمد نجيب العسكرية، شمال غربي البلاد، ويتضمن تنفيذ مشروع تكتيكي بالذخيرة الحية لعناصر مشتركة من سلاح المشاة الميكانيكي والمدرعات المصرية والأمريكية، بالإضافة إلى أنشطة للقوات الجوية والبحرية، كما يعقد على هامش التدريب ندوة بحثية يتم خلالها تبادل الرؤى بين القادة العسكريين حول الموضوعات الاستراتيجية المطروحة على الساحة الدولية ومكافحة الإرهاب.

وأثارت عودة المناورات بعد سنوات من التوقف، تساؤلات عن دلائلها، خاصة أن استئنافها جاء في أعقاب تجميد الولايات المتحدة لجزء كبير من المعونة التي تقدمها لمصر بسبب تدهور أوضاع حقوق الإنسان في البلاد.

براغماتية أمريكية؟

وشهدت علاقات البلدين تحسنا ملحوظا عقب تولي دونالد ترامب الرئاسة بالولايات المتحدة، لكنها سرعان ما شهدت توترا في آب/ أغسطس الماضي، بعد أن اتخذت الإدارة الأمريكية قرارا مفاجئا بحجب 290 مليون دولار من المعونات التي تقدم لمصر سنويا.

ويقول مراقبون إن البراغماتية الأمريكية واحتياجها للنظام المصري في محاربة الإرهاب، وضمان استقرار الشرق الأوسط وتأمين مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، كل هذا دفع واشنطن إلى استئناف المناورات.

وفي هذا السياق، أكد المتحدث العسكري تامر الرفاعي، في بيان له أن "تدريب النجم الساطع يساهم في تعزيز العلاقات الاستراتيجية والأمنية بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر، باعتبارها صاحبة الدور القيادي في مكافحة الإرهاب والتطرف في الشرق الأوسط".

بينما يقول خبراء إن التخوف الأمريكي من حدوث مزيد من التقارب السياسي والعسكري بين نظام السيسي وروسيا، خاصة مع اقتراب بدء مناورة عسكرية مشتركة بين البلدين بعد أيام، التي تحمل اسم "حماة الصداقة"، هو ما دفع واشنطن إلى استئناف "النجم الساطع".

يشار إلى أن مناورات "النجم الساطع" التي تجري في مصر بدأت بين الجيشين المصري والأمريكي منذ عام 1981، واستمرت تجري بانتظام حتى عام 2009، بهدف تعزيز العلاقات الاستراتيجية والعسكرية بين الجانبين.

أمر طبيعي

أستاذ العلوم السياسية محمود السعيد قال إن عودة مناورات النجم الساطع، أمر طبيعي لأن هذه المناورات جزء أساسي من التعاون الاستراتيجي السياسي والعسكري بين البلدين، لافتا إلى أن ما حدث في السنوات القليلة الماضية، كان استثناء مؤقتا بسبب التغيرات السياسية والأمنية وعدم الاستقرار، التي مرت به مصر منذ ثورة كانون الثاني/يناير.

وأوضح السعيد، في تصريحات لـ "عربي21"، أن العلاقات السياسية والاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة ثابتة منذ عقود، وتحديدا منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، مشيرا إلى أنه على الرغم من تغيير أنظمة الحكم في البلدين، إلا أن هناك ثوابت في العلاقة بين البلدين.

وأضاف أن مناورات النجم الساطع هي جزء من اتفاقية كامب ديفيد التي تتضمن إقامة تعاون عسكري مستمر بين القاهرة وواشنطن، بالإضافة إلى تدريب قادة الجيش المصري في الولايات المتحدة.

وحول قرار الإدارة الأمريكية بتجميد جزء من المعونة الأمريكية لمصر قال محمود السعيد، إن هناك مؤسسات في واشنطن لا ترضى عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وهذه المؤسسات هي التي كان لها دور كبير في تجميد المعونة، لكنها في الوقت ذاته تعلم أن الولايات المتحدة لا تستغني عن مصر لتأمين مصالحها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، متوقعا أن تتراجع واشنطن عن هذا القرار كما فعلت من قبل، مع المعونات العسكرية التي حجبتها عن نظام عبد الفتاح السيسي في أعقاب إطاحته بالرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013.

رسالة للكونغرس

أستاذ العلوم السياسية عبد الخبير عطية، قال إن السياسة الأمريكية تشارك في صنعها عدة مؤسسات، مشيرا إلى أن الكثيرين يلاحظون وجود تباينات في مواقف تلك المؤسسات وخاصة البنتاغون والكونغرس.

وأضاف عطية، لـ "عربي21"، أن عودة المناورات من جديد يعد محاولة من نظام عبد الفتاح السيسي لتوجيه رسالة إلى الرأي العام العالمي، بأنه لا توجد خصومة بينه وبين الإدارة الأمريكية بعد قرارها بتجميد المعونة المقدمة لمصر.

وأوضح أن المناورات كانت مقررة منذ شهور طويلة وفق جدول زمني متفق عليه، لكن إعلام النظام قام بتضخيم تأثير هذه المناورات وكثف من تغطيته لها حتى يضغط على الكونغرس من خلال علاقات النظام القوية مع قيادات الجيش الأمريكي، حتى يؤكد له أن قرار تجميد المعونة يضر فقط بالأوضاع الاقتصادية لمصر، دون أن يؤثر على العلاقات العسكرية بين البلدين.

لكن عبد الخبير عطية أشار إلى ما أوردته شبكة "سي إن إن" الأمريكية من أن 200 جندي أمريكي فقط يشاركون في هذه المناورات، مقارنة بنحو 1300 جندي شاركوا عام 2009، مفسرا هذا التخفيض الكبير في أعداد الجنود المشاركين بأنه دلالة واضحة على استمرار التوتر في العلاقات بين الجانبين.
التعليقات (0)