مقالات مختارة

نهاية الحقبة الترامبية أم نهاية السلام الأمريكي؟

1300x600
1300x600
 بعد استقالة مسؤول التخطيط الاستراتيجي بانون من إدارة ترامب، هل بتنا على أبواب نهاية الحقبة الترامبية، وهل يعني ذلك بان أمريكا ستستعيد عافيتها بعد ذلك؟

الحقبة الترامبية انعكاس لعامل انتخابي آخذ في التفاعل منذ الستينيات والسبعينيات، وأدى إلى بروز اليسار الأمريكي وحركة السود والملونين مقابل اليمين الأمريكي والمحافظين الجدد؛ فترامب أحد تجليات هذا الاستقطاب والتأزم، غير أن غيابه لن يمثل النهاية السعيدة لتفاعلات هذا العامل الذي أدى إلى استقطاب شديد في المجتمع الأمريكي، ازداد حدة بعد الحرب الباردة وبعد الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، والتي استنزفت مواردها وأدخلتها في أزمة اقتصادية وسياسية متفاقمة، بل وأزمة أيديولوجية.

 الأهم من ذلك أن هذه الحقبة جاءت مترافقة مع الصعود الصيني الاقتصادي والهندي، إلى جانب الصحوة الروسية الكبيرة التي قادها بوتين، وصحوة متجددة في أمريكا اللاتينية والجنوبية والربيع العربي، الذي هز أركان النفوذ الأمريكي في المنطقة، لتزيد من متاعب واشنطن الدولية والإقليمية، وترفع من كلف الهيمنة والسلام الأمريكي.

الحقبة الترامبية لن تنتهي برحيل ترامب، فبقاؤه كغيابه لن ينهي حالة الاستقطاب في المجتمع الأمريكي، كما لن يوقف التنين الصيني أو المارد النووي الروسي، ولن يوقف حالة التململ في أمريكا الجنوبية أو الفوضى في العالم العربي، حيث أصبح هناك العديد من اللاعبين الصغار والإقليمين ممن يصعب السيطرة عليهم، بعد أن اختبروا أهمية اللعب الإقليمي رغم ضحالة مقولاتهم ورؤيتهم السياسية.

غياب ترامب لن يعالج مشاكل الولايات المتحدة في شبة الجزيرة الكورية، والتي دفعت قادة البنتاغون للتوجه إلى الصين بحثا عن سبل لإنهاء التوتر، ولن توقف التردي في الحزام الأوراسي الذي بات أرقا متواصلا للقوى الغربية؛ ولن يعالج الأزمات في العالم العربي وحالة التآكل للنفوذ الأمريكي، والتي يلعب فيها الدعم المطلق للكيان الإسرائيلي دورا مهما فيه؛ فأمريكا مثقلة بالأعباء، وتعاني من الترهل، وسياساتها تعاني من الاهتراء؛ ما يعني أن حالة التدهور لن تتوقف بغياب ترامب، بل ستعلن عن انطلاق مرحلة جديدة من التراجع والفوضى الناجمة عن تفكك مفهوم السلام الأمريكي.

السبيل الأردنية

0
التعليقات (0)