مقالات مختارة

مشاورات تأمين الحصص!!

نبيل عمرو
1300x600
1300x600
الإيجابي، هو الحوار الواسع حول منظمة التحرير ومؤسساتها وقيادتها، تحت عنوان واحد "كيف تستعاد هذه المنظمة، وكيف يستعاد حضورها في الحياة السياسية الفلسطينية".

المنطقي، أن يحتدم الجدل تحت عنوان معلن هو المصلحة الوطنية العليا، بينما ما يجري في حقيقة الأمر هو مصلحة كل فصيل وكيف يضمن حصته في الكعكة القيادية. والسلبي في هذا كله تحول منظمة التحرير من وطن سياسي ومعنوي لكل الفلسطينيين، إلى مكان تتصارع فيه الأهواء والأجندات والمصالح، والمؤسف أن هذا الوضع غير الصحي، صار وعاءً حتمياً تتكيف معه الفصائل والقوى، دون الانتباه إلى الجنوح الخطر بالمنظمة عن وظيفتها الأساسية، وسمو مكانتها الوطنية وفاعلية دورها الشمولي في قيادة الحالة الفلسطينية بمختلف مكوناتها.

ودائما ما يكون المجلس الوطني، الذي رغم كل ما اعتراه من سلبيات يظل هو الوعاء الأوسع الذي يحتوي الحالة الفلسطينية، ويمنح الشرعية لإطاراتها المركزية وحتى الفرعية. هذا المجلس الذي يقر الجميع إعلاميا بأهميته، وتتسابق الفصائل على إيجاد الذرائع لعدم انعقاده، هو الآن موضع سجال... فمن يريد حقا عقده يتحدث عن أهميته ويقترح إجراءات لعقده ويقترح كذلك رؤىً تؤدي إلى استعادة دور المنظمة بعد أن ضعف دور بدائلها وكادت تتلاشى تحت طائلة الإهمال والتهميش دون أن أقول الإلغاء.

أما الذين لا يريدون عقد مجلس وطني، لديهم ذريعة جاهزة للاستخدام في كل الظروف، والغلاف الدعائي لهذه الذريعة هو مواصلة التشاور للتوصل إلى صيغة لعقد المجلس بمشاركة الجميع، ومن حيث الظاهر، فهذا قول جميل ويرقى إلى مستوى الأمنيات، أما في الواقع فهو غلاف للمستحيل، عشر سنوات كبيسة وفتح وحماس تتحاوران وتتفاوضان، وخلصنا أخيرا إلى ما نحن فيه الآن، حيث غزة تكابد تدهورا متسارعا في أبسط مقومات الحياة، وصار إنهاء الانقسام أضغاث أوهام، وصار أقصى المراد من رب العباد، أن يتوقف التدهور عند نقطة معينة، وحتى هذا يبدو مستحيلا، وإذا ما تجاوزنا حماس التي تجامل المنظمة إعلاميا بالحرص عليها، بينما هي لا تطيق وجودها، وذهبنا إلى باقي الفصائل، فقد اجتمعت في بيروت واتخذت قرارات وحدوية مذهلة من حيث الصياغة، والتماهي مع أدبيات الوحدة، وقد مضت على ذلك الاجتماع شهور كثيرة تحت طائلة مواصلة الحوار والتشاور، والنتيجة أن أحداً لم يتحدث مع أحد، وأن لقاء بيروت الوحدوي الشامل تجري الاستفادة منه كذريعة لمواصلة اللاحوار، والتقيد بمخرجاته كشرط لعدم عقد المجلس قبل أن يتفاهم أحمد جبريل وفرحان أبو الهيجاء وموسى أبو مرزوق وعشر فصائل أخرى مع أبو مازن ، ليس على عقد المجلس وإنما على نتائجه مسبقاً.

وحين قررت مركزية "فتح"، دعوة اللجنة التنفيذية إلى تحديد موعد لعقد المجلس ليس بمن حضر كما رُوجّ لدوافع مشبوهة، وإنما بتوفر النصاب القانوني وهو ثلثي الأعضاء، استل معارضو عقد المجلس أساسا من محفظتهم الخالية من الأوراق الفعالة، الورقة الوحيدة المتبقية وهي عدم تحديد موعد للانعقاد والانصراف لاستكمال مشاورات لم ولن تحدث، أو بدعوة جماعة بيروت ثانية، لكسب سنة أخرى من التأجيل أو دعوة الإطار المؤقت للانعقاد كي يتداول في أمر عقد المجلس، وليس إلا عّندنا ما يكون المؤقت سيداً للدائم والبديل فوق الأصيل.

ليس لأسباب وطنية توضع المعوقات في وجه انعقاد المجلس، وإنما لأمر مخجل حقاً وهو ضمان الحصص والمواقع سلفا وبعدها يجري تركيب المجلس على مقاس ما تنتجه الغرف الخلفية ويصبح السبعمائة عضو الذين جاؤوا من كل أصقاع الأرض ممثلين لشعبهم ولكل تجمعاتهم، مجرد مقطورة وراء جياد كانت قوية وصارت لاهثة متراخية.

الشرعية الفلسطينية الأعلى والمتبقية لدينا لا يجوز التلاعب بها ورهنها بشروط، كانت فيما مضى موضوعية ومحقة، أما في حالنا الراهن فإن الشروط الموضوعة لعقد المجلس الوطني ومشروع استعادة مكانة منظمة التحرير، تبدو تعجيزية ويصدق عليها القول... "حق يؤدي إلى باطل".

القدس الفلسطينية 

0
التعليقات (0)