كتاب عربي 21

ذكرى تأسيس حزب العدالة والتنمية

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600
يحتفل حزب العدالة والتنمية التركي هذه الأيام بالذكرى الـــ16 لتأسيسه، ويحق له أن يحتفل ويشعر بكل فخر واعتزاز، بعد أن حكم تركيا منذ أول انتخابات برلمانية خاضها، وغيَّر وجه البلاد خلال هذه السنوات بقيادة رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، وترك في السياسة التركية بصمات لا يمكن أن ينساها التاريخ.

ولادة حزب العدالة والتنمية جاءت في وقت انهار فيه الاقتصاد التركي وتدهور مستوى المعيشة بسبب الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد،وسئم الشعب التركي من الزعماء السياسيين القدامى وصراعاتهم التي لا تنتهي. وكانت هناك رغبة شعبية شديدة في التغيير ورؤية وجوه جديدة ونظيفة في الساحة السياسية. وكان ذلك من أهم العوامل التي أسهمت في نجاح حزب العدالة والتنمية.

لم يتم بناء حزب العدالة والتنمية من الأعلى إلى الأسفل، على الرغم من وجود زعماء قادوا عملية التأسيس، بل تم بناؤه من الأسفل على أسس سليمة ومتينة. وكانت فروع الحزب الجديد تشكلت بالتشاور مع شخصيات يحترمها الناس، وتم اختيار رؤسائها وأعضائها من الأسماء التي قدمتها تلك الشخصيات، وبناء على نتائج الدراسات الميدانية.

وبعبارة أخرى، ثلة من الزعماء السياسيين الشباب وقادة المجتمع المدني أسسوا معا حزبا جديدا ليلبي حاجة الشعب التركي وتطلعاته، وسموه حزب العدالة والتنمية.

على مدى 16 عاما، تعرض حزب العدالة والتنمية لضغوط كبيرة ومؤامرات خطيرة نجح في تجاوزها ليواصل سيره بخطى واثقة نحو تحقيق مزيد من الإنجازات السياسية والاقتصادية.

ولم يفلح أعداؤه في إسقاطه؛ لا عبر صناديق الاقتراع، ولا عبر القضاء المخترق، ولا عبر محاولة الانقلاب العسكري. كما صمد حزب العدالة والتنمية أمام المحاولات الحثيثة التي كانت تهدف إلى شق صفوفه وإثارة فتنة وصراعات داخلية لإضعافه.

وكل هذه الضربات جعلته أقوى وأكثر تجربة من ذي قبل.  حزب العدالة والتنمية، منذ ولادته حتى اليوم، مر بمحطات هامة، وواصل بعض قادته مسيرته السياسية مع هذا الحزب في العسر واليسر والمنشط والمكره، إلا أن البعض الآخر سقط في الطريق أو اختار النزول من القطار في لحظة حرجة وأراد أن يفلت بجلده ويخذل حزبه ورفاقه، إلا أن الأيام أثبتت أنهم كانوا مخطئين في حساباتهم وأنهم رسبوا في اختبار الصدق.

ومما لا شك فيه أن قيادة أردوغان من أهم العوامل التي لعبت دورا محوريا في نجاح حزب العدالة والتنمية. لأنه لم ينزل إلى الساحة السياسية بالمظلة، بل أفنى حياته منذ شبابه في هذه الساحة، وتولى مناصب عديدة ليتعلم أدق تفاصيل اللعبة السياسية، ويكتسب خبرة واسعة قل نظيرها. وكان رئيس فرع حزب الرفاه في إسطنبول قبل أن يجلس على كرسي رئاسة بلدية هذه المدينة العريقة التي تختصر البلاد.

وبعد أن قطع أردوغان صلته التنظيمية بحزب العدالة والتنمية لمدة بموجب الدستور التركي، عاد إليه مرة أخرى ليتولى رئاسته من جديد جراء التعديل الدستوري الأخير الذي أقره الشعب التركي في الاستفتاء. وهو اليوم يقود مرحلة التجديد وإعادة البناء كما قاد قبل 16 عاما مرحلة التأسيس.

أردوغان في كلماته وتصريحاته الأخيرة يشير إلى أن هناك علامات التعب لدى بعض أعضاء حزب العدالة والتنمية وقادته، ويدعوهم إلى التنحي ليفتحوا المجال للشباب، لأن المرحلة المقبلة ستشهد الانتخابات الرئاسية والانتقال إلى النظام الجديد، وبالتالي يحتاج حزب العدالة والتنمية في هذه المرحلة إلى الاستنفار وبذل كافة الجهود للفوز في 2019، ولا مجال فيها للكسل.

بعد 16 عاما، يحتاج حزب العدالة والتنمية إلى إعادة البناء لانطلاقة جديدة تتواكب مع ظروف المرحلة المقبلة، وضخ دماء جديدة مستعدة لتحمل مسؤولية الاستعداد للانتخابات القادمة

وخلال عملية التجديد في جميع فروع حزب العدالة والتنمية ومؤسساته، لا بد من الاستماع إلى صوت الشعب والاستطلاع لآرائه، سواء عن طريق اجتماعات تعقد مع شخصيات يحبها الشعب ويقدرها أو عن طريق استطلاعات للرأي ليس من الضروري نشر نتائجها في وسائل الإعلام، كما فعل مؤسسوه 16 عاما.
0
التعليقات (0)