كتاب عربي 21

عبخالد صلاح.. العباسي المنتوف

جمال الجمل
1300x600
1300x600
بعد آخر انتخابات لمجلس نقابة الصحفيين المصريين، قلت إن مصر صارت "دولة العبعبات"، فرئيسها عبفتاح، ورئيس برلمانها عبعال، ووزير داخليتها عبغفار، ونقيب صحفييها عبمحسن، لذلك لا يصح أن يكون خالد صلاح رئيسا لعزبة أبوهشيمة لإعلام المخابرات، ومن هذه الملاحظة لا أستبعد أن يسعى العباسي الناعس لتغيير اسمه إلى "عبخالد صلاح" تماشيا مع دولة العبعبات، وتحببا وتقلبا في فراش النظام.

قبل أيام أقدم الصحفي "المستعمل أمنياً" على فصل عدد من الصحفيين قائلا لبعضهم بكل صراحة وبجاحة إن "عبفتاح السيسي" اشترى صحيفة "اليوم السابع" وطلب منه طرد أي صحفي يعلن معارضته للتفريط في تيران وصنافير، وكانت أدلة الاتهام التي قدمها رئيس التحرير للمفصولين، عبارة عن صور من "بوستات" على "فيسبوك" نشرها الزملاء على صفحاتهم الخاصة للتأكيد على مصرية الجزيرتين! 

الأزمة تثير الغثيان، لكن "عبخالد" يثير روائح عفنة تؤدي إلى أكثر من الغثيان، ومع ذلك من الصعب تجنبه وتجنب الاشتباك معه، إذ تنبغي مواجهته بعد أن تمادى وتمدد، وصار الوكيل المعتمد لإعلام السلطة و"كبير العباسيين" الذي لا يستحي في تنفيذ ما يؤمر به.

وحتى لا يبدو تصرف "عبخالد" وكأنه خطأ في مسيرته المهنية، لن أبدأ من الأزمة الأخيرة، بل أعود إلى مقال كتبته قبل سنوات وتم منع نشره في صحيفة "التحرير" المصرية، في شهر نوفمبر عام 2014، لتتوقف بعد ذلك حملة تطهير الإعلام التي كنت قد بدأتها، وأرى أن الواجب المهني والسياسي والأخلاقي يستلزم أن نستأنف هذه الحملة مجددا، وأن أبدأ بنشر المقال الممنوع.
 
(1)

نصاب/ شاطر/ حرامي/ أبو لمونة/ مُخبر/ مِفَتَّح/ فاسد/ …/ …. هكذا يحتار الناس في توصيف الإعلامي العباسي المتصنع الذي يطارده تاريخ مرتبك، وعلاقات غامضة، وأدوار مشبوهة تثير الريبة، فهو يندمج في دور الكومبارس بنفس التقمص الذي يعيش به دور البطل، ينحني حتى يلامس جلد الحذاء، بنفس المهارة التي يتصنع بها دور النجم.. لقد احترف «الفتى الناعم» ممارسة أنواع و«أوضاع» الوساطات المشبوهة لصالح أطراف خفية، وتخصص في دور «القناع» و«المحلل» و«الواجهة» لفاسدين أكبر.

(2)

لم أتعود الكتابة عن البشر بهذه القسوة، لكنني لا أرحم المسوخ، ولا أخشى أساليبهم، وأتمنى لو نبت لأحدهم إحساس، أو نقحت عليه بقايا من كرامة، فتذكر إنسانيته، ودافع عن شرفه، خاصة أن العباسي الصاعد في كواليس الأجهزة هذه الأيام يتقمص دور «ابن الدولة» ويباهي بأن لديه فريقا كبيرا من المحامين والمستشارين القانونيين، ويتعامل مع محام دولي في إيطاليا استطاع أن يجد له سبيلا لحذف مكالمته «الفضيحة» من موقع «يوتيوب».

(3)

سيرته الإنسانية والمهنية تتضمن دراما ثرية، ظاهرها اللمعان، وباطنها المأساة، حتى أنني أنظر إليه في بعض الأحيان كضحية، لكن كم من الضحايا تحولوا إلى وحوش بشعة؛ لأن معدنهم الرخيص لم يصمد أمام التحديات.

(4)

«هذه الظاهرة المنحطة لازم تقف؛ لأن احنا إذا كنا داخلين بعد 30 يونيو بنوايا صافية، عايزين نفتح صفحة جديدة مع البلد دي، واحدة من أهم الصفحات الجديدة أن هذه النماذج القذرة تخرج خالص من حياتنا؛ لأنها لو فضلت في حياتنا هيرجع تاني.. تاني: غضب ضد السلطة، غضب ضد اللي بيحكموا».. هذا مقتطف بالصوت والصورة من كلام الإعلامي الوطني الشريف، خالد صلاح، على فضائية النهار، خالد حصيف، متزن، بيضرب ويلاقي، وفي المقتطف التالي يكشف عن جوانب عملية من خبرته في رده على عباسي آخر:
«إنه يوهم عميله ده، اللي هوه جاي عشان خاطر يقبضه بقى ملايين، يوهمه بقى أن هوه الراجل “الفيت” اللي مسنود من كل حتة، وأن الناس كلها وراه، وأن هوه الوحيد اللي يقدر يكسر الإعلام ده، ويكسر الصحافة، ومفيش حد قادر عليه».
لأ…
لأ. ده لازم يقف.

(5)

تخيل الإعلامي الناعم وهو يمط شفتيه، ويخبط بيده، وربما يلقي القلم على المكتب، وهو يقول بحزم لا يخلو من الرقة والتصنع: «لأ. ده لازم يقف».

أنا شخصيا لم أفهم سر انزعاجه وغضبه الرقيق من أن ذلك الشيء «لازم يقف»، لكن الإعلامي «الحمش» يوضح لنا أنه يقصد مرتضى منصور، ويسألنا باعتباره حارس الفضيلة: لماذا يجب أن نواجه هذه الظاهرة؟ قبل أن يضيف موضحا: السؤال لـ«الفيت»، والإجابة أيضا: لأنه بيضحك على ناس ياعيني من عملاء مكتبه، ويوهمهم أنه قادر يسيطر على كل الأمور، وقادر إنه «يهت» الإعلام، وإن عنده الملفات الجامدة جدا اللي تخلّي الإعلاميين يسكتوا مايتكلموش.

وهو بيشتم الناس عشان يصفي حسابات «بفلوس على فكرة.. بأجر، الحاجات دي بفلوس كتير جدا عشان خاطر يصفي ده، يشمت فلان وعلان، يدي كتف لإعلامي أو سياسي من خصومه، انتخابات يشتم مرشح عشان واخد فلوس من المرشح التاني.. كلها عمليات قذرة قذارة لا تليق بأخلاقنا ولا بما بعد 30 يونيو.. هناك تحرك لمواجهة الانحطاط وقلة الأدب والقذارة حتى لا ترجع تاني من بالوعات الفساد السياسي، اللي كان هوه على أطرافه أو في خدمته.. مش هنقبل بده مرة تانية، واللي على راسه بطحة يبعد.. احنا بإذن الله تعالى مكملين لحد الآخر».

(6)

كلام معقول، يمكن أن نقتبسه بنصه من الإعلامي الشريف: «اللي على راسه بطحة يبعد.. احنا بإذن الله تعالى مكملين لحد الآخر».

(7)

لقد ابتلع «العباسي المنتوف» مساحة المقال بكلماته التي سنحاسبه بها، وقد آثرت أن أبدأ بها، لكي تكون محددات ارتضاها لنفسه ولغيره، كقواعد للتعامل، والأمانة تقتضي أن أوضح، أن المعركة ضد «عبخالد» لها طعم خاص، لأنها (أولا) قضية عامة نستهدف منها ضرورة محاكمة الإعلاميين الفاسدين وتشكيل لجان شعبية وقانونية لفحص ثرواتهم وممتلكاتهم وعلاقاتهم، وطبيعة الأدوار التي يقومون بها، وتقديمهم لمحاكمات دستورية علنية، بعيدا عن ديموجاجية الشائعات والشتائم الفارغة التي يكسبون منها لأنها بالأساس بضاعتهم في التضليل والتعتيم، ولأنها (ثانيا) تتضمن سؤالا عن حقوق الصحفيين الأفراد الذين يحملون هموم هذه المهنة فوق أكتافهم، ثم يقبضون القروش القليلة، وبعضهم يتم فصله، بحجة أن المؤسسات العملاقة التي تنفق عشرات الملايين في مظاهر الفشخرة الكذابة، تخسر لو منحت الصحفي حقه.

التفاصيل كثيرة ومثيرة، ومالا تتسع له المقالات، سننقله إلى جبهات المعارك في فضاء الحياة... يا أهلا بالمعارك
0
التعليقات (0)