كتاب عربي 21

اعترافات مثيرة من جنرال أمريكي وسفير بريطاني

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600
تشهد علاقات تركيا مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة أزمات في الآونة الأخيرة؛ بسبب مواقف تلك الدول من التنظيمات الإرهابية التي تستهدف أمن تركيا واستقرارها، كحزب العمال الكردستاني الذي يقوم منذ سنين بعمليات إرهابية ليقتل المدنيين والجنود ورجال الأمن الأتراك، وتنظيم الكيان الموازي الذي قام الصيف الماضي بمحاولة انقلاب فاشلة للسيطرة على حكم البلاد.

تركيا تطلب من الدول الأوروبية والولايات المتحدة عدم توفير ملاذات آمنة لعناصر المنظمات الإرهابية وقادتها، ولكن تلك الدول التي تشارك مع تركيا في تحالفات مختلفة، تحاول أن تلتف على هذا الطلب من خلال سياسة المماطلة أحيانا، أو محاولة إخفاء الحقائق والتلاعب بالمصطلحات أحيانا أخرى، إلا أن تصريحات يطلقها مسؤولون أوروبيون وأمريكيون هنا وهناك تزيل الستار عن الوجه القبيح لكل ما يجري في الواقع.

الولايات المتحدة تعتبر حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، ولكنها تقدم جميع أنواع الدعم لفرعه السوري، حزب الاتحاد الديمقراطي، وجناحه العسكري وحدات حماية الشعب الكردي. ولما طلبت منها تركيا أن تكف عن ذلك لجأت إلى حيلة لتهدئة غضب أنقرة، وهي إطلاق اسم جديد على تلك المليشيات؛ حتى تتمكن من القول بأنها لا تدعم المنظمة الإرهابية بل تدعم قوات أخرى.

قائد قوات العمليات الخاصة بالجيش الأمريكي، ريموند توماس، ذكر في حديثه مساء الجمعة خلال جلسة حوارية على هامش مؤتمر أسبين الأمني المنعقد في ولاية كولورادو، أن الأتراك كانوا يقولون للأمريكان: "إنكم تتعاملون مع عدونا الإرهابي، كيف يمكنكم فعل ذلك لحليفكم"، في إشارة إلى دعم الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب الكردي. ثم أضاف الجنرال الأمريكي أنه طلب من تلك المليشيات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني أن تغير اسمها، وأن ممثلي المنظمة الإرهابية عادوا إليه في اليوم التالي وأخبروه بأنهم اختاروا لأنفسهم اسم "قوات سوريا الديمقراطية"، مشيرا إلى أن إضافة كلمة "الديمقراطية" إلى الاسم الجديد كانت مبادرة ذكية؛ لأنها منحت المنظمة الإرهابية قدرا يسيرا من الاعتبار.

هذه التصريحات اعتراف أمريكي صريح بأن "قوات سوريا الديمقراطية" هي في الحقيقة وحدات حماية الشعب الكردي، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، وأن إضافة كلمة "الديمقراطية" إلى الاسم الجديد للمنظمة الإرهابية ما هي إلا محاولة للضحك على الجميع.

رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، ذكر الاثنين في كلمته أمام كتلة حزب العدالة والتنمية في البرلمان، أنه تم توقيع الاتفاقية مع موسكو لشراء تركيا منظومة الصواريخ "أس-400" الروسية. ومن المعروف أن الولايات المتحدة قلقة من شراء تركيا هذه المنظومة الدفاعية. وكان قائد الأركان المشتركة للجيش الأمريكي، جوزيف دانفورد، أعرب الأحد الماضي عن هذا القلق في مؤتمر أمني بالعاصمة الأمريكية واشنطن، وقال: "إنْ قامت تركيا بشراء منظمة "أس-400" من روسيا فسيكون ذلك مصدر قلق بالنسبة لنا"، إلا أن الأتراك يقولون للأمريكان هذه الأيام لتهدئة قلقهم على الطريقة الأمريكية: "لا داعي للقلق، لأننا يمكن أن نغير اسم المنظومة الدفاعية الروسية، بل ونضيف إلى الاسم الجديد كلمة "الديمقراطية" لطمأنة حلفائنا."

هناك تصريحات أخرى تشير إلى تلاعب الغربيين بالمعايير والمصطلحات وفقا لمصالحهم، كتلك التي أطلقها السفير البريطاني لدى أنقرة، ريتشارد مور، في مقابلة مع قناة "سي أن أن تورك"، حيث أكد أن جماعة كولن هي التي قامت بمحاولة الانقلاب الفاشلة في الخامس عشر من يوليو / تموز 2016، إلا أنه قال أيضا إن بريطانيا لا ترى جماعة كولن منظمة إرهابية، بحجة أن هناك مرحلة يجب المرور بها من أجل إطلاق هذه التسمية على جماعة ما.

سياسة اللف والدوران، والتلاعب بالأسماء والمصطلحات، وازدواجية المعايير التي تمارسها الدول الأوروبية والولايات المتحدة لا تغير الحقيقة؛ لأن الإرهابي إرهابي مهما غير اسمه، وأن جماعة كولن من أخطر المنظمات الإرهابية التي عرفها تاريخ البشرية، وأن محاولة الانقلاب الفاشلة وحدها تكفي لاعتبار الجماعة منظمة إرهابية، مع أن هناك جرائم منظمة عديدة ارتكبتها الجماعة التي تمتلك جميع أركان التنظيمات الإرهابية وتتصف بكافة صفاتها. وإن كانت بريطانيا لا يعجبها إطلاق تسمية "المنظمة الإرهابية" على جماعة كولن فبإمكانها أن تسميها "العصابة" أو ما شابهها، لأن المهم في الموضوع ليست التسمية، بل أن لا توفر بريطانيا وغيرها من الدول الغربية لعناصر الجماعة وقادتها ملاذات آمنة يتخذونها أوكارا لأنشطتهم القذرة التي تستهدف بلادنا.
0
التعليقات (0)