ملفات وتقارير

المصريون على شفا العطش.. ما البدائل وماذا عن الحل العسكري؟

بحيرة ناصر
بحيرة ناصر
أثار إعلان وزارة الري المصرية، الخميس، أنها سحبت من المخزون الاستراتيجي لبحيرة ناصر لسد عجز فيضان نهر النيل، تساؤل الخبراء حول وصول البلاد لمرحلة العطش؟ وعن البدائل الممكنة لإنقاذ حياة المصريين؟

وقال عبد اللطيف خالد، رئيس قطاع المياه في وزارة الري، لوكالة "الأناضول"، إن فيضان العام الماضي (الأسوأ منذ 113 سنة)؛ دفع البلاد لسحب مياه من المخزون الاستراتيجي ببحيرة ناصر لسد الاحتياجات المائية (110 مليارات متر مكعب)، نافيا أن يكون سد النهضة الإثيوبي هو السبب. 

وأوضح خالد أنه يتم سد العجز المائي بإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي (13 مليار متر مكعب)، و(6.5 مليار) مياه جوفية بالوادي والدلتا، بجانب (2.5 مليار) مياه جوفية عميقة، و(1.3 مليار) أمطار، بمجموع نحو (30 مليارا).

وتتخوف القاهرة من تأثير سد النهضة على تدفق حصتها السنوية من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب)، بينما يقول الجانب الإثيوبي إن السد لن يمثل ضررا على السودان ومصر.
 
وتحت عنوان "الشدة السيساوية"، كتب أستاذ المياه محمد حافظ مقالا بـ"عربي21"، أكد فيه خطورة وضع ملف المياه على حياة المصريين، رابطا ما يحدث الآن بما وقع من مجاعة قبل ألف عام أو ما عرف بـ"الشدة المستنصرية".
   
وأكد حافظ أن القمر الصناعي التابع لوزارة الزراعة الأمريكية رصد انخفاض منسوب بحيرة ناصر عن المنسوب الأعلى للتخزين الميت بـ52 سم، ثم توالى الهبوط حتى 86 سم يوم 12 أيار/ مايو، وأن إجمالي المخزون الميت يعادل 31 مليار متر مكعب، وهي الكمية غير الكافية لملء مقاطع النيل.
 
تكنولوجيا القرن 21

ويرى وزير الزراعة الأسبق، الدكتور أمين أباظة، أنه لا بد من مواجهة أزمة نقص مياه النيل بالوسائل التكنولوجية الحديثة، مشيرا إلى وجوب التحكم في الزيادة السكانية؛ حتى لا تتفاقم المشكلة أمام الأجيال القادمة.
 
وقال أباظة لـ"عربي21": "أعتقد أن تكنولوجيا القرن الحالي تقترب من تقديم حل مهم لأزمة مياه الشرب والزراعة، وذلك بثورة تكنولوجية في تحلية مياه البحر باستخدام الطاقة الشمسية، أعتقد أنها ستكون رخيصة التكاليف"، مضيفا: "وإلى أن يحدث هذا، يجب ترشيد استخدام المياه في الزراعة، وتوفير البدائل لها من مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي بعد معالجته".
 
وأكد أباظة أن ملف المياه يمس حياة المصريين؛ لذا وجب على مصر أن تصل لحلول نهائية مع إثيوبيا والسودان، ونبذ ما يثار من خلافات، مضيفا أن العلاقات بين الدول دائما ما تكون في صعود وهبوط، وأن مصر لن تخسر السودان أو إثيوبيا، وما يثار من تصريحات تثير الخلاف قد تكون مقدمة لحل النزاع.
 
المواجهة الحربية
 
وأكد رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، أن إقرار وزارة الري بأنها سحبت من المخزون الاستراتيجي ببحيرة ناصر لهو إنذار لما سيكون عليه الوضع بعد حجز المياه لملء سد النهضة وتخفيض حصة مصر بمقدار 25 مليار متر مكعب.

وحول حلول الأزمة، قال الشهابي لـ"عربي21": "ليس هناك بدائل إلا إجبار إثيوبيا على عدم المساس بحصة مصر"، مطالبا بزيادتها لتتناسب مع الزيادة السكانية بمصر، موضحا أن هذه الحصة أقرت وكان عدد سكان مصر 18 مليون نسمة، ونحن الآن 92 مليون نسمة.

وحذر الشهابي من التفريط بحصة مصر، وطالب بالحفاظ عليها، "حتى لو اضطررت مصر لخوض حرب ضروس ضد إثيوبيا"، معتبرا أنها مسألة حياة أو موت وتهديد لمظاهر الحياة على الأرض المصرية.

وأكد الشهابي أن ما يثار من بدائل أخرى داخلية من تحلية لمياه البحر أو ترشيد استهلاك المياه أمور جيدة، لكنها مكملة للحفاظ على حصتنا بمياه النيل.
 
علماء: لا يوجد حل

وعلى جانب آخر، أكد أستاذ الأراضي والمياه، الدكتور محمود خفاجي، على خطورة الأوضاع المائية، وقال "إن مخزون المياه لا يكفي للزراعة لمدة عام؛ لأن ما يصل مصر أقل من المعدل السنوي، والمياه الجوفية لن تعوض هذا النقص الكبير"، مضيفا: "وبالتالي ليس لدينا أي بديل لتعويض نقص مياه الفيضان أو نقص المياه بسبب ملء خزان سد النهضة".
 
وقال خفاجي لـ"عربي21": "علميا لا يوجد حل"، موضحا "أن 95 بالمئة من المياه مصدرها نهر النيل، والباقي مصادر غير قابلة للتجدد، ومعظمها مياه جوفية بمنطقة الواحات"، مضيفا أنه "حتى المياه الجوفية بالساحل الشمالي وقرب منطقة قناة السويس هي مياه مالحة متأثرة بمياه البحر، ولا تصلح للشرب والزراعة".

وحول تحلية مياه البحر، أكد الأكاديمي المصري أن "التحلية أمر مكلف جدا، وأنه قام ببحث حول المياه الجوفية بالساحل الشمالي بين الإسكندرية ومرسي مطروح (شمالا)، فوجد أن التكلفة كبيرة لتوفير مياه الشرب، ناهيك عن الزراعة".

وعن الحل السياسي، قال خفاجي إنه "كان ممكنا قبل بناء سد النهضة، وقبل توقيع قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي للاتفاقية الإطارية مع إثيوبيا والسودان، والتي تسمح ببناء السد، وتحرم مصر من حقوقها التاريخية". 

وأضاف أن "الحل الأمثل هو مد فترة التخزين بالسد حتى 15 سنة وليس 7 سنوات"، موضحا أن "هذا الحل أيضا قد لا يرضي إثيوبيا التي دفعت أموالا كثيرة واستقبلت استثمارات من دول أجنبية لإنتاج الكهرباء من السد".
 
التعليقات (0)