سياسة عربية

من أين يستمد حفتر دعمه السياسي؟

خليفة حفت قال إنه "سيقدم مصالح القاهرة على مصالح ليبيا" - ا ف ب
خليفة حفت قال إنه "سيقدم مصالح القاهرة على مصالح ليبيا" - ا ف ب
الانقسام في ليبيا هو جزء مصغر من انقسام أكبر نشأ إبان ثورات الرابيع العربي، تمايز فيه داعمون للثورات المضادة، على رأسهم مصر والإمارات وبعض الدول الأخرى، التي تقاربت بشكل سريع، مع قائد عملية الكرامة اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وما كان لعملية بدأت بقرابة مئة وخمسين مسلحا، أن تستمر طيلة هذه السنوات الثلاث، وأن تسيطر على قرابة شرق ليبيا، عدا مدينة درنة، لولا هذا الضخ المالي، والدعم السياسي والإعلامي الذي تولته هذه الدول.

السيسي

يرى نظام رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي، أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أصدق من يمثل مشروعه، القائم على القضاء على كل تيارات الإسلام السياسي، دون تمييز بين تلك التي تمارس السياسة عبر أطر الدولة، أو التي تحمل السلاح، رافضة كل الممكن والموجود.

اقرأ أيضا: من أين يستمد حفتر قوته العسكرية؟

طالب النظام المصري في كل المحافل الدولية، في الأمم المتحدة، برفع حظر التسليح المفروض على ليبيا بقرار من مجلس الأمن الدولي، رقم 1973 لسنة 2011.

بل واستخدمت القاهرة جامعة الدول العربية للاعتراف بمجلس النواب الليبي كممثل شرعي لليبيا، بعيدا عن اتفاق الصخيرات، والضغط باتجاه وصف قوات حفتر بأنه جيش ليبي، وأنه يحارب الإرهاب في ليبيا.

ومن نشوة حفتر واحتفائه بهذا الدعم المصري غير المحدود، قال ذات مرة لصحيفة مصرية "إنه سيقدم مصالح القاهرة على مصالح ليبيا، لو تعارضتا" بل وأوكل رئيس أركان قوات عملية الكرامة، عبد الرازق الناظوري، مهمة حماية الحدود الليبية إلى الجيش المصري، وذلك في حوار مع صحيفة اليوم السابع، في أغسطس/آب من العام الماضي.

بل إن قائد جيش الكرامة تمادى حتى أنه أعلن في لقاء أجرته مع صحيفة “كورياري ديلا سيرا” الإيطالية في كانون الأول/ ديسمبر عام 2014 أنه لا يمانع في قيام إسرائيل بدعمه إذا أرادت هي ذلك، تماشيا مع قاعدة "عدو عدوي صديقي".

وحاولت القاهرة الظهور كوسيط في الأزمة الليبية، من خلال اللجنة المصرية المعنية بالشأن الليبي برئاسة رئيس أركان الجيش المصري محمود حجازي، التي استضافت اجتماعات عدة لأطراف ليبية خلال شهر شباط/ فبراير الماضي، إلا أنها لم تتمكن من جمع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج وقائد عملية الكرامة اللواء المتقاعد خليفة حفتر عقب رفض الأخير لقاء السراج.

اقرأ أيضا: أكاديمي مصري: السيسي لم يعد يراهن على حفتر طرفا وحيدا

لكن الظهور كوسيط يصطدم دائما، بتصريحات للرئيس المصري، كالتصريح الذي أطلقه السيسي بعد لقائه بحفتر في القاهرة، والذي قال فيه "إنه يثق بحفتر، وإنه ينسق مع  الإمارات، والتي وصف السيسي دورها بالإيجابي في ليبيا، خاصة في محاولة إعادة الاستقرار" إذ أن السيسي يعترف أنه يثق فقط في حفتر، ولا أحد سواه، من معسكر غرب ليبيا.

بن زايد

لا يشكل الاعتراف بالدعم الإماراتي من أعلى مستويين في شرق ليبيا، أي حرج، سواء كان ذلك للواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي ينتهز دائما الفرصة، للتذكير بدور الإمارات المساند والداعم لعملية الكرامة في ليبيا، أو رئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

وذهب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى أبعد من ذلك، في لقاء متلفز معه، عندما قال: إن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، عرض عليه الأموال، وبدون سقف محدد. لأن الهدف واحد ومشترك وهو محاربة الإرهاب في ليبيا.

بن زايد هو الآخر، حاول الظهور كطرف محايد قادر على جمع قطبي الأزمة الليبية، -وفق تصور الإمارات- وهو رئيس مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني فائز السراج، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، إلا أن لقاءهما في بداية أيار/ مايو الماضي، لم ينته إلى ما يطمح إليه بن زايد. وذلك بعد أن رفض السراج ما اقترحه عليه حفتر في لقائهما في أبو ظبي، خاصة اقتراح تشكيل مجلس رئاسي يتكون من ثلاثة أشخاص، يضمهما الاثنين، إضافة إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وأن يكون الجيش وكل القوى الأمنية تحت قيادة حفتر، ولا تتبع حكومة الوفاق الوطني.

اقرأ أيضا: ماذا تعني زيارة رئيس أركان الجيش المصري لحفتر؟

الإمارات يبدو أنها لن تتراجع عن دعم حفتر عسكريا وسياسيا، خاصة بعد تصريح بن زايد، أثناء لقائه بحفتر في نيسان/ أبريل الماضي، والذي أعلن فيه دعم الإمارات لخليفة حفتر، بسبب دوره في محاربة الإرهاب.

ويستدل المراقبون على رفض الإمارات اتفاق الصخيرات السياسي، وكل المؤسسات الناجمة عنه برفضها مؤخرا، منح تأشيرة دخول، للسفير الليبي المكلف من مجلس رئاسة حكومة الوفاق عبد الحميد فرحات، والقائم بالأعمال في القنصلية الليبية في إمارة دبي علي العلوص. ورفضها تبرير هذا السلوك لوزارة خارجية حكومة الوفاق.

موسكو وحفتر

وبدأت روسيا تلفت أنظارها نحو ليبيا، بعد تدخلها العسكري والجوي في سوريا، في نهاية سبتمبر/أيلول من عام 2015، في محاولة للضغط على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين تدخلا بشكل مزعج لموسكو في أزمة القرم عقب الثورة الأوكرانية عام 2014 التي أطاحت بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش وحكومته، الموالي لموسكو.

وفي منتصف يونيو/حزيران عام 2016، زار اللواء المتقاعد خليفة حفتر العاصمة موسكو، في أول زيارة رسمية له، والتقى خلالها مسؤولين في وزارة الخارجية الروسية، ووزير الدفاع سيرغي شويغو، وذلك لطلب تزويده بالسلاح.

بعدها جدد رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح ذات الطلب، وهو التزود بالسلاح، في زيارته الأولى إلى موسكو في 14 من ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي. مصطحبا معه  وزراء الاقتصاد والعدل ووكيل ووزارة الدفاع ورئيس المؤسسة الوطنية للنف، لإغراء روسيا للدخول أكثر في الملف الليبي، من بوابة التسليح والنفط.

وزار حفتر في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2016، للمرة الثانية موسكو في غضون نحو ستة أشهر، للبحث مع وزيري الدفاع والخارجية ومجلس الأمن القومي، عن مزيد من الدعم الروسي، ومستغلا الانشغالات الغربية بملفات داخلية وخارجية أكثر إلحاحا من ملف بلاده.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في 11 يناير/كانون الثاني الماضي، أن حفتر زار حاملة الطائرات الروسية "الأميرال كوزنيتسوف"، بعد عودتها من سورية، وتواصل مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، واستلم شحنة أدوية كمساعدات لقواته.

روسيا تسعى إلى مناكفة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عبر الملف الليبي، وحفتر يحاول أن يرسل برسائل إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أن روسيا على استعداد لدعمه، إلا أن روسيا رغم ذلك لا تستطيع تجاوز الخطوط الحمراء، خاصة تلك المتعلقة بالتسليح. إذ لا أحد يضمن عدم وقوع هذه الأسلحة في اليد الخطأ.
التعليقات (0)