حقوق وحريات

إضراب الأسرى من البداية وحتى المفاوضات.. تعرف على مراحله

أسير فلسطيني يرفع أواني الشراب بوجه جنود الاحتلال في أحد المعتقلات- إسنا
أسير فلسطيني يرفع أواني الشراب بوجه جنود الاحتلال في أحد المعتقلات- إسنا
يعد لجوء الأسرى الفلسطينيين للإضراب المفتوح عن الطعام بمثابة إعلان حرب لا عودة عنها سوى بالانتصار على قهر السجان الإسرائيلي على الرغم من الأذى الجسدي الذي ينتج عنه وحتى فقدان الحياة كما حصل مع بعض الأسرى سابقا.

ويلجأ الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال إلى الإضراب الكامل عن الطعام كإجراء اضطراري بعد تعنت إدارة السجون الإسرائيلية وإمعانها في قمعهم وتشديد الخناق عليهم في العديد من النواحي الحياتية داخل السجن وكذلك الزيارات العائلية.

اقرأ أيضا: الأسرى يواصلون التحدي والاحتلال يواجههم بالتعتيم والتنكيل

وبدأت فكرة الإضرابات المفتوحة في سجون الاحتلال الإسرائيلي عن الطعام منذ ثمانينيات القرن الماضي وكررها الأسرى في الحالات التي تقفل فيها مصلحة السجون أبواب الحوار معهم وتدفعهم نحو هذا الخيار الخطير على حياتهم.

وعلى الرغم من الخطورة التي يتسبب بها الإضراب عن الطعام واللجوء للجوع على حياتهم لكسر حصار السجان الإسرائيلي إلا أن الأسرى وفي حال اتخاذهم قرارا بالإضراب فإنهم يلتزمون به أشد الالتزام لعلمهم أنه الطريق الوحيد لتحسين ظروف الأسر القاسية.

كيف يبدأ الإضراب؟

يقول الأسير الأردني السابق في سجون الاحتلال أنس أبو خضير إن اتخاذ قرار الإضراب عن الطعام يصل له الأسرى بعد استنفاد كافة أشكال الحوار مع إدارة السجون الإسرائيلية ويتم بالتشاور بين جميع الفصائل وكافة قيادات الحركة الأسيرة داخل المعتقلات.

وأوضح أبو خضير لـ"عربي21" أن قرار الإضراب المفتوح عن الطعام من أخطر القرارات التي يقدم عليها الأسرى بعد التشاور الكامل وعلى مستوى السجون ويكون على شكل خطوات منسقة وموحدة ومتدرجة لضمان نجاحه.

وأشار إلى أن الأسرى وبعد الاتفاق الجماعي على بدء الإضراب يبلغون إدارة السجون بقرارهم وفي هذه الحالة تعطى شبه مهلة لمدة 3 أيام بعد صدور القرار لا تتخذ خلالها قوات الاحتلال إجراءات كبيرة ضد الأسرى.

وأضاف: "خلال هذه الأيام الثلاثة يستمر الأسرى بتناول ما لديهم من طعام في الغرف مع رفض أية وجبات تقدمها إدارة السجون الإسرائيلية".

اقرأ أيضا: إسرائيل توقف الزيارات وتمنع الأسرى المضربين من التواصل معا

وعقب انتهاء مهلة إعلان الإضراب، يقول أبو خضير، يقوم الاحتلال في اليوم الرابع بمداهمة غرف الأسرى ومصادرة أية أطعمة بداخلها كما يقوم بسحب الملح للإمعان في الضغط عليهم لما للملح من أهمية في عملية الإضراب.

وشدد على أن خبرة الأسرى في عمليات الإضراب مكنتهم من إدارته بشكل جيد لذلك يعمدون إلى خوض الإضراب بشكل تدريجي وأسبوعي من أجل التغلب على إرهاق بعض الأسرى وأصحاب الأجسام الضعيفة غير القادرين على المواصلة.

الملح كلمة السر

وأشار أبو خضير إلى أن الأسرى خلال مرحلة فقدان الطعام بالكامل يلجؤون إلى تناول الماء مع كميات قليلة من الملح لتعويض الأملاح الطبيعية الموجودة في الطعام الذي امتنعوا عن تناوله.

وقال إن الاحتلال يقدم على قطع الماء عن الأسرى خلال فترة الإضراب أو في كثير من الأحيان تسخين الماء لمنع الأسرى من شربه، وهي خطوة لمزيد من الضغط لكسر الإضراب وتحطيم إرادة الأسرى.

وحول الآثار التي يحدثها الإضراب على أجسام الأسرى، قال أبو خضير، إنه  من المعروف أن الجسم يحصل على الطاقة من الطعام المتناول وفي حال انقطاعه يلجأ لتعويض النقص من خلال مخزون الدهون في الجسم، وإذا نفد الأخير يتجه للتعويض من العضلات.

وأضاف: "بعد ذلك يبدأ الجسم بالاتجاه للأعصاب للحصول على الطاقة وهذه المرحلة خطيرة لأنها قد تؤدي إلى تلف أحد الأعضاء الهامة في الجسم مثل البصر".

ولفت إلى أن النزول الحاد في وزن الأسرى ما دون الأربعين كيلوغراما يتسبب بإعادة تشكيل العمود الفقري وما يتبعه من تداعيات خطيرة على طبيعة الجسم.

وعقب دخول الأسرى بشكل كامل في الإضراب واستنفاد سلطات الاحتلال كل الوسائل لكسر إضرابهم تبدأ مرحلة المفاوضات بين قيادات الإضراب وإدارة السجون الإسرائيلية.

مفاوضات وعض أصابع

الأسير السابق والنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عبد الرحمن زيدان قال إن إدارة السجون الإسرائيلية تعزل قيادات الأسرى في أحد السجون بعد وصولها لمرحلة تعجز فيها عن فك الإضراب وتقتنع أن المفاوضات هي الحل الوحيد لإنهاء الإضراب.

وأوضح زيدان لـ"عربي21" أن التفاوض يتم مع قيادات الإضراب حسب عدد الفصائل المشتركة فيه سواء كان جزئيا أم جماعيا، وفي حالة الإضراب الحالي الذي يخوضه الأسرى فإن جميع الفصائل تشترك فيه وسيكون هناك أربعة مندوبين عن فصائل فتح وحماس والجبهة الديمقراطية والجهاد الإسلامي.

ولفت إلى أن قيادات الأسرى تخوض معركة عض أصابع مع إدارة السجون والتي لا تجلس معهم لطرح ما لديها لفك الإضراب إلا في حالة القناعة باستحالة تراجع الأسرى سوى بالحصول على مكتسبات من إضرابهم.

وأشار إلى أن المطالب التي يطرحها الأسرى عند بدء الإضراب يجري التفاوض على تحقيق أكبر قدر منها وإذا لم تتمكن قيادة الأسرى من تحقيقها كاملة وهو ما يحصل عادة فإنها تركز على تحقيق أهم المطالب ضمن الحزمة المطروحة للتفاوض.

وأضاف: "العملية التفاوضية تأخذ وقتا ويحدث فيها شد وجذب بين إدارة السجون والأسرى ومشاورات عديدة وفي النهاية تشدد الأسرى في مطالبهم وثباتهم عليها يحقق لهم مطالبهم".

اقرأ أيضا: فعاليات في برلين تضامنا مع الأسرى المضربين (صور+فيديو)

وقال زيدان: "في حال وصلت قيادة الإضراب وهم مندوبو الفصائل إلى صيغة تلبي أهم المطالب عندها تسمح لهم الإدارة بالتواصل مع فصائلهم في السجون كافة عبر الاتصال الهاتفي أو من خلال إرسال مندوبين عنهم للسجون لإبلاغ القرار للأسرى بالتوصل إلى اتفاق لأنهاء الإضراب".

وأوضح أن الخطوات تبدأ بإعلان الأسرى انتهاء الإضراب وعودة الأوضاع لما كانت عليه قبل الإجراءات العقابية التي اتخذها الاحتلال والحصول على الإنجازات الجديدة، وبشأن الأسرى المتضررين من الإضراب يبدؤون بتناول المقويات وبعض الأطعمة البسيطة لأن أمعاءهم لا تتحمل الطعام الطبيعي خلال الأيام الأولى لفك الإضراب".
 
أما من جانب الاحتلال فإن الأجهزة الكهربائية وحاجيات الأسرى المصادرة يتم إعادتها إليهم وتلغى كافة الإجراءات العقابية من غرامات وعزل انفرادي وكل ما سبق الإضراب ويتم إعادة كافة الأسرى الذين نقلوا إلى سجون أخرى إلى المواقع التي كانوا فيها سابقا.

ضمانات الاتفاق

وعلى صعيد ضمان الاتفاق الموقع بين الأسرى وإدارة السجون، قال زيدان إن حالة واحدة فقط حصلت فيها وساطة وكانت من الجانب المصري عام 2012، لكن للأسف لم تتابع القاهرة مع الاحتلال ما حققه الإضراب وبالتالي تم الإخلال به والتراجع من طرف إدارة السجون.

ولفت إلى وجود أطراف شاهدة بعض الأحيان مثل الصليب الأحمر، لكن الضامن الحقيقي للاتفاق هو إرادة الأسرى وصمودهم خلال الإضراب وعدم قدرة الاحتلال على تحمل تبعاته في حال استمر فترة طويلة.

جدير بالذكر أن نحو 1500 أسير في كافة سجون الاحتلال دخلوا في إضراب جماعي مفتوح عن الطعام منذ 17 من الشهر الجاري للمطالبة بوقف سياسة الاعتقال الإداري والعزل الانفرادي والعمل على تحسين ظروفهم الاعتقالية في السجون والحصول على حقوقهم في مقدمتها الرعاية الصحية.

وتعتقل سلطات الاحتلال أكثر من 6500 فلسطيني بينهم 57 امرأة و300 طفل في 24 سجنا ومركز توقيف بحسب بيانات رسمية فلسطينية. 
التعليقات (0)