إذا صح ما تقدم أعلاه فهذا يعني أن ترامب بعد خروجه من البيت الأبيض، ولن يخرج إلاّ وأنفه راغم، سيتواصل الانقسام العامودي في المجتمع الأمريكي والسياسات الداخلية الأمريكية. ولا شك في أنه ظاهرة تعبّر عن تراجع في الوضع الأمريكي، وليست تعبيراً عن صعود أو نهوض
المهم ما جرى ويجري حتى الآن من هرولة لم يغيّر في ميزان القوى، ولسوف يواجِه عزلة من الشعب الفلسطيني ومن شعوبنا، ومصيره إلى أن يتحول إلى فقاعات إعلامية عابرة، أو إلى دمامل في الجسد العربي
كيف يمكن أن تفسَّر العودة عن كل ما كان سبباً لالتقاء الأمناء العامين، وفي مقدمها وقف التنسيق الأمني. وإعلان عدم الالتزام بكل ما قام من اتفاقات مع الكيان الصهيوني، ابتداء من اتفاق أوسلو، وجر الحبل إلى تداعياته؟
إجراء انتخابات بلا مغالبة فيعني اللجوء إلى التوافق على توزيع المقاعد بين الفصائل، ومن ثم تصبح انتخابات محاصصة، الأمر الذي يضعف ما يُراد لها أن تحققه من شرعية للتشريعي وللرئاسة وللمجلس الوطني. من هنا يمتاز إعطاء الأولوية لمواجهة الاحتلال والاستيطان، حيث التوافق ومقاومة الاحتلال يشكلان الشرعية الثورية
يجب أن يُلاحَظ هنا أن انتقال مصر من حالة إعلان دعم وتأييد لخطوة محمد بن زايد والملك حمد إلى حالة تبني هذا الخط وتزعمه؛ سوف يؤدي إلى مرحلة مختلفة في الوضع العربي عن المرحلة الراهنة. ولكن قبل ذلك سيتطلب تغيير نظرة مصر إلى نفسها ودورها
على الضد مما توحي به "صفقة القرن" وهرولة بعض الدول باتجاه التطبيع كأن القضية الفلسطينية في طريق التصفية، فإن ما شهده لقاء رام الله- بيروت من توجه فلسطيني نحو الوحدة ضد "صفقة القرن" وضد الضم، يمكنه أن يُطوّر إلى انتفاضة شاملة
هذه المعادلة أعطت فرصاً لدول إقليمية ضاعفت من أدوارها وقدراتها وتأثيرها، مثل إيران وتركيا في منطقتنا العربية- الإسلامية ("الشرق الأوسط" أو "غرب آسيا")، وراحت تحجّم الدور الإقليمي الصهيوني، فيما الغائب الدور العربي الرسمي، ولكن من دون أن ينسحب ذلك على دور الشعوب العربية
حقاً إنه لجميل أن تتحول إلى مسرحية هزلية كيف أصبحت أمريكا اليوم تصرخ مما فرضته من قوانين للعولمة ولحقوق الملكية الفكرية، فيما تتمسك بها الصين وتدافع عنها..
قانون قيصر ضد سوريا صدر عن الكونغرس الأمريكي، وتبنت إدارة دونالد ترامب تنفيذه لتضيفه إلى ما ضربته من حصار ضد سوريا، وأصدرته من عقوبات اقتصادية، وما مارسته من تآمر طوال سنوات، تعد بالعقود..
سياسات الضم وما أعلنه ترامب من سياسات تعطيان الانتفاضة كل مسوغات انطلاقتها، وتجعلان ميزان القوى العام في غير مصلحة ترامب– نتنياهو. ولعل أول دليل على ذلك، ما لاقته من عزلة دولية أوروبية وروسية وصينية، وهيئة أمم ورأي عام عالمي، فضلاً عن إجماع شعبي عربي وإسلامي