أُولى القِبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، مسرى الرسول الكريم ومِعراجه للسموات العُلى، بوابة السماء وزهرة المدائن، يتعرض لحملة شرسة ومسعورة من قبل الاحتلال، الذي يُحاول تهويد المدينة المُقدسة، وطمس طابعها العربي والإسلامي، والتعدي بشكل سافر على حُرمة المسجد الأقصى، تُغلق أبوابه في وجه المُصلين..
لم نكُن نتوقع في يوم من الأيام أن يصل الحال بنا لهذا الحد من الانهيار الأخلاقي، والتبعية المُهينة، والاستهتار بمشاعر الجماهير العريضة العاشقة لفلسطين من قبل أُولئك المُراهقين اللاهثين وراء التطبيع مع الكيان الذي يغتصب أرضنا، وينتهك حُرماتنا، ويُدنس مُقدساتنا ليلا ونهارا.
بما أن المصالحة وصلت لطريق مسدود، وأصبحت صعبة المنال، ومن المُستحيل تحقيقها في ظل التعنت الواضح من طرفي الانقسام، وتمسك كل طرف منهما بشروطه ومصالحه الخاصة التي يسعى لتحقيقها بشتى الوسائل والطُرق، حتى وإن كانت على حساب الشعب المغلوب على أمره، فالأجدر أن نصرخ وبصوتٍ عالٍ: تسقط المُصالحة، ولتذهب للجحيم
يدفعون الثمن المُضاعف والباهظ كل يوم من حياتهم وزهرات شبابهم بينما غيرهم يجني الثمار، لم يستسلموا لليأس والإحباط شعارهم قاوم ثم قاوم حتى ينجلي الليل ويبزغ فجر الحرية، سلاحهم الأمل الذي لا ينضب والثقة بالله أولاً ثم برجالٍ ما زالوا على العهد سائرين.
حالة من الهَرج والمَرج والانفلات تسود المنابر الإعلامية بأنواعها وأشكالها المُختلفة بعد ظهور ما يُسمى بالناطق الإعلامي أو المُتحدث الرسمي باسم المؤسسات أو التنظيمات، يتصدرون المشهد الإعلامي ويتنقلون بين القنوات والفضائيات كالمُهرجين، يلهثوا وراء الكاميرات ويسيل لُعابهم عند رؤية الأضواء.
لغاية الآن، لم تُفلح حركة حماس في فك عُقدة الحصار عليها وعلى غزة المنكوبة، رغم تعاطيها بإيجابية غير مسبوقة في كثير من الملفات، والتي كان من الصعب الحديث فيها من قبل.
يجتهد البعض ويقول أن حل المجلس يأتي في سياق الانتقال من مؤسسات السلطة إلى مؤسسات الدولة وهنا يقصد المجلس المركزي للمنظمة وهذا ما يتناقض مع القرار الذي ينص على حل المجلس التشريعي وإجراء انتخابات خلال ستة أشهر فهل المقصود الانتقال للدولة لمدة معينة ومن ثم العودة لمؤسسات السلطة؟
ناضل الفلسطينيون سنوات طويلة ودفعوا أثمانا باهظة في سبيل التخلص من التبعية والوصول لمرحلة القرار الفلسطيني المستقل، وما بين النجاحات والإخفاقات استطاعوا ولو بالحد الأدنى من الوصول لمبتغاهم.
الوطن لم ولن يلفظ أبناءه أبدا بل الدولة هي من لفظتهم وأخرجتهم من أحضانها فلا مكان للمشاكسين والمشاغبين، لقد ضاق حضن الدولة على كل من يطمح أو يأمل أو يسعى للتغيير، فالدولة هي الأساس ونظامها هو الحاكم الذي يعلم ما لا تعلمون.
عندما انقسم إخوة الدم والمصير الواحد في وطني تكالب علينا الجميع وانكشف اللثام عن وجوه اللئام والنَكِرة أصبح مُعَرَفاً، وكأنهم كانوا ينتظروا ويعدوا العدة ليبيعوا ويشتروا فينا بأثمانٍ رخيصة وكأن أقدارنا أن نكون سلعةً بين أيديهم، أصبحنا على الهوامش ننتظر صفقاتهم المشبوهة دون أن يكون لنا أي فعل حقيقي.