هل نجحت هذه الفضائيات في المهمة؟ أعني، هل استطاعت أن تخدم الإسلام والمسلمين، أن توحد خطابهم برسالة موحدة، أن تصد الهجمات ضدهم، وأن تروج لمضامين الوسطية والاعتدال التي ينشدها الدين الإسلامي؟
إذا كان مجتمع الإعلام قد أعلى من مرتبة "البعد الأدواتي"، فإن ذلك لم يحل دون المؤلف ودون ربط ذات البعد بأشكال الاستخدامات التي تتأتى منه، لا سيما الاستخدامات الاجتماعية والثقافية.
السياسات الهادفة إلى بناء "مجتمعات معرفية جهوية" على هذه الخلفية، تبقى محدودة الأثر والأبعاد، إذ إن نموذجي الاقتصاد والمجتمع "الكونيين" هما في الآن ذاته تكريس لنموذج في التربية والثقافة والفكر لا يقبل بـ"يالطا لغوية" تتوزع مناطق النفوذ بموجبها على خلفية من اللغة..
من شأن هذه التكنولوجيا أن تقوي العلاقات الاجتماعية بحكم الطبيعة الشبكية التي تنسجها من حولها وفي محيطها العام، لكنها تطرح في نفس الوقت إشكالية الهوية والخصوصية.
أن يقرأ المرء بلغة غير لغته، أن يتابع برنامجا ثقافيا تلفزيونيا بلغة غير لغته، كلها عناصر تدفع إيجابا بجهة التنوير. لكنه تنوير من نوع خاص. تنوير من خلال الآخر، من خلال إعلامه وثقافته ومنظومات قيمه..
ما يروج من معلومات ومعارف ومضامين ثقافية لا تخرج، بنظر منتجيها، عن كونها سلعا تنتج لتباع وتستخلص منها هوامش الربح. ولذلك، يقول هؤلاء، فإن وجهتها النهائية هي السوق وليس النفوس ولا العقول..
في عرض له بملتقى بيونس آيرس حول الاتصالات، خلص نائب الرئيس الأمريكي الأسبق آل غور إلى أن "البنية التحتية الكونية سيكون من شأنها تسهيل اشتغال الديموقراطية..
أضحى من شبه المؤكد أنه لا يمكن فصل اللغة والثقافة عن التحولات الكبرى التي تعرفها منظومات المعلومات والمعرفة والاتصال. كما أضحى في حكم المؤكد أن الإشعاع اللغوي هو أيضا وبالأساس من الإشعاع الثقافي، وأن إدراك هذا الأخير لا يمكن فصله عن الواقع الاقتصادي والتكنولوجي والعلمي والسياسي وما سواه.
ليس من الضروري في شيء، ولا من المفروض، أن يكون المرء عالما لغويا فذا أو متضلعا في بنيات اللغة ووظائفها حتى يتسنى له التسليم بأن عصر العولمة والثورة التكنولوجية وانفتاح الأسواق والاقتصادات وتطور الشبكات الالكترونية وتزايد مظاهر البث التلفزي العابر للحدود وغيرها، قد وضعوا الثقافة واللغة في المحك ولربم